ما أكثر ما تريد هذه الحكومة تنفيذه ولكن هل تستطيع ؟  
سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:28/03/2024 | SYR: 12:27 | 28/03/2024
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

Sama_banner_#1_7-19


خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18



HiTeck


runnet20122



 

د. عبد اللطيف عبود يوصيكم بالطبل
08/09/2008

      


اوصيكم بالطبل

لا أحد يعلم أين ومتى بدأت الحكاية وحتى الأسلاف تناقلوها عن أسلافهم ولكن أياً منهم لم يذكر أنه التقى بمن عاصر أحداثها الأولى رغم استمرار تداولها زمناً غير قصير وإن تكن قد راتدت لبوساً معاصراً يتناسب مع مقام التطور.

وتقول الحكاية إن رجلاً (لم يأت أحد على ذكر أصوله) اتصف بالطول والعرض وضخامة حجم الرأس وقوة الساعد واتساع مساحة الكف كان لديه طبل هو أكبر الطبول بلا منازع وكانت ضربته تحدث صوتاً مدوياً يصل واضحاً إلى جميع سكان القرية والقرى المجاورة بل إن قادمين من مناطق بعيدة ذكروا أن صوت الطبل كان يصل إلى ديارهم وكأنه يقرع بجانب آذانهم وقد تعاظم شأن الطبل عندما نسب الى أحد العقلاء أنه سمع يوما قرع الطبل عنيفا ونظر باتجاهه فلم يرَ أحد يقرعه وما ان تلاشت موجات صوته حتى بدأت عاصفة برد وأعقبها هطول أمطار غزيرة سببت انهيار أحد المنازل على أطراف القرية ومات جميع أفراد العائلة التي تقطنه إلا طفلا واحدا ويومها أصر الرجل على أن صوت الطبل كان تحذيرا من الكارثة لم يدركه أحد وتبعه في ذلك كل السكان وحتى من القرى المجاورة وهكذا تعزز مركز الطبل كثيراً فصار يدعى مأجوراً وبمزيد من الاحترام مع ضاربه وحتى الأبناء والأصهار والأنسباء الى الأفراح البعيدة لتغمرهم جميعا هالة من التميز والتفاخر باستقدامهم.

 وتطورت أهمية الطبل ليعتمد عليه كمخبر فكان يقرع ثلاث مرات لأخبار الفرح كالأعراس والأعياد وخمس مرات لأخبار السوء كالوفاة أو فيضان النهر وجميع الناس كانوا يلتقطون الخبر بتأثير إيقاع الطبل العتيد.

تنامى دور صاحب الطبل فزاد ماله وتزوج مرة تلو الأخرى ومن كل زواج رزق بنصف دستة من الأطفال على الأقل وطبقا للحكاية فإنه عاش أكثر من مئة وعشرين عاما وتبدل في حياته عشرة سلاطين وعندما وافاه الأجل دعا الذكور من أولاده وكانوا أكثر عدداً من أن يتسع لهم المكان ولكن المتحملقين قريباً منه سمعوه يقول: أوصيكم بالطبل أولاً ...وبالطبل ثانياً... وأوشك أن يقول ثالثاً لكنه فارق الحياة...

وإذا اجتمع شمل الأسرة لتحديد مسار الطبل الذي أصبح إرثاً اختلفوا كثيراً وهكذا أصبح لكل منهم طبله وكانت تُقرع كلها مجتمعة ومنفردة دون احترام لبعضها ففقدت جُلّ احترامه.

وبعد ذلك تطورت ظاهرة الطبول ثم تكاثرت بلا حدود رغم مانسب إليها من إلحاق الأذى بشكل يفوق مانسب الى الطبل الأول من خدمات جليلة حتى وصل الأمر حد الاعتقاد بأن ثمة إصابات لحقت بمن يقطنون بجوار قارعي الطبول فأدت الى فقد السمع بدرجات مختلفة وصولا الى نوع من الصمم نتيجة تمزق في آذانهم ولم يعرف حتى الآن ماإذا كان ثمة علاقة بين قرع الطبول وتسمية غشاء الطبل في الأذن وتلك الأذيات التي مني بها بعض الناس.

ولفترة غير طويلة تناقص عدد الطبول بصورة ملحوظة وتناقص قارعوها لكنها ماإن عتمت حتى عادت للظهور من جديد ودون أن يوضع حد لجموحها فتكاثرت على كل ناصية وشارع وفي كل عطفة وزقاق فأصبح لكل موقع طبل أو طبول ولكل طبل موقع أو مواقع متباعدة ومتقدمة وكان يسمع قرع الطبول أحيانا قادما من سطح البنايات الكبيرة وردهات الاستقبال وفي المؤتمرات وورش العمل وافتتن قارعو الطبول بألوانها فصبغوها بكل الألوان المتنافرة وضربوا عليها ايقاعات يجهلونها اسماً وأداء وهكذا تناثرت المهنة وتداعت حتى قيل ولكن هذا لم يثبت بصورة قاطعة إنها انتشرت في مؤسسات وأجهزة وشركات من كل المستويات وثمة من بالغوا الى حد قالوا إنهم لمسوا تزايداً في صفات طبلية لدى بني الإنسان وتحت ضغط الخوف من صحة هذا الأمر لم تعد وصية الطبل شائعة بل حفظت داخل القلوب والرؤوس.  


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال

 
 

سورس_كود



islamic_bank_1


Baraka16




Orient 2022



Haram2020_2


معرض حلب


ChamWings_Banner


CBS_2018


الصفحة الرئيسية
ســياســة
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس