سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:17/11/2025 | SYR: 13:56 | 17/11/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE



خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18


 سيتغير كل شي ..
التجربة السورية مع صندوق النقد... ما حلنا ننسى!
17/11/2025      

 



سيرياستيبس 

يوم الجمعة، 14 تشرين الثاني 2025، أعلنت الناطقة باسم صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، إن الصندوق أرسل بعثة إلى سورية لمناقشة أولويات الإصلاح واحتياجات المساعدة الفنية، وأن المحادثات تركزت على التحديات والفرص الاقتصادية في سورية وسبل دعم الصندوق لجهود إعادة تأهيل الاقتصاد الوطني. جاء ذلك بعد تصريحات لوزير المالية السوري، محمد يسر برنية، يوم الثلاثاء 4 تشرين الثاني، على هامش لقاء مع جمعية رجال وسيدات الأعمال السورية SBC، قال فيها إن البنك الدولي سيفتتح مكتباً له في دمشق، كما سيكون هناك ممثل مقيم لصندوق النقد الدولي فيها.

بينما يحاول السوريون الخروج من أكثر من 14 عاماً من الحرب المدمرة، نشهد اليوم ترويجاً حثيثاً لاعتقاد زائف مفاده أن إعادة إعمار البلاد تعتمد على التعاون مع صندوق النقد والبنك الدوليين. ويحاجج مؤيدو هذا الطرح بإمكانية أن تضخ هذه المؤسسات رؤوس الأموال وتدفع بالاقتصاد وتعيد بناء البنى التحتية المدمرة. لكن التاريخ يكشف حقيقة مختلفة تماماً: من أقصى العالم إلى أقصاه، أدت تدخلات صندوق النقد والبنك الدوليين في عمليات إعادة الإعمار بعد الحروب والأزمات إلى تفاقم التراجع الاقتصادي، وأعطت الأولوية للمصالح الأجنبية على حساب الاحتياجات المحلية.
وبعيداً عن التجارب العالمية الكثيرة التي أدت فيها تدخلات صندوق النقد إلى نتائج كارثية، ربما من المفيد أن يتذكر السوريون كيف أن السلطة السابقة في سورية كانت قد طبقت العديد من وصفات الصندوق، ورأينا ما آلت إليه نتائج هذا التطبيق، ولا سيما على صعيد المسار الذي اتبعته تلك السلطة في قضايا عجز الموازنة والدعم. حيث تتلخص وصفات الصندوق في أن التدخل الحكومي المكثف في الاقتصاد يُثقل كاهل الموازنة، ويؤدي إلى تفاقم التضخم والبطالة ويعزز عجز الميزان التجاري، مما يضعف النمو الاقتصادي والإنتاجية. ومن هذا المنطلق، تقترح سياسات الصندوق أن الحل الأمثل يكمن في تقليص النفقات الحكومية، لا سيما فيما يتعلق بالإنفاق على الخدمات والدعم، مع تعزيز دور القطاع الخاص وتحجيم دور الدولة إلى أقصى حد، وهو ما طبقته السلطة السابقة بأشكال متعددة.


التخلي عن الوحدات الإنتاجية وتصفية القطاع العام


يحث الصندوق الدول المتعثرة اقتصادياً على التخلص من أعباء القطاع العام، لا سيما الشركات الإنتاجية التي لا تحقق أرباحاً كافية لتغطية تكاليفها، حيث يشمل هذا التخلص تصفية هذه الشركات أو بيعها للقطاع الخاص. ومن منظور الصندوق، فإن القطاع العام «الخاسر» يشكل عبئاً على موارد الدولة ويؤدي إلى هدر الأموال العامة.
في سورية، تم تكييف هذه التوصيات عبر عمليات دمج وتصفية شملت حتى القطاعات الرابحة، مثل الصناعات التحويلية، وهو ما عكس رؤية تعمدت إضعاف الدور الاجتماعي للدولة، بهدف تحويل مجمل النشاط الاقتصادي تدريجياً إلى أيدي القلة الناهبة للاقتصاد الوطني، وبالتالي تحميل المواطنين عبء التكاليف الحقيقية للخدمات والسلع الأساسية.


تقليص الدعم «بالتدريج»


يشدِّد صندوق النقد الدولي على ضرورة تقليص الإنفاق على السلع المدعومة تدريجياً وصولاً إلى إلغائه بالكامل، مع رفع أسعار السلع التموينية والخدمات الضرورية لتغطي «تكاليفها الفعلية».
ورغم أن الصندوق يوصي بتطبيق هذه السياسة تدريجياً لتفادي ردود الفعل السلبية من السكان، فإن السلطة السابقة لم تطبق هذه التوصية فحسب، بل قامت بخفض الدعم الحكومي بشكل متسارع، ما انعكس في ارتفاع هائل في تكاليف المعيشة. فبين عامي 2014 و2024، زادت تكاليف المعيشة بنحو 135 ضعفاً، فيما لم تزد الأجور إلا بنسبة 20 ضعفاً، مما أدى إلى تدهور حاد في القدرة الشرائية، وأجبرت شرائح واسعة من المجتمع على تحمل الأعباء المالية المترتبة على ذلك.


زيادة أسعار الطاقة والخدمات العامة


تُعتبر زيادة أسعار الطاقة من أهم توصيات الصندوق التي تهدف إلى «تحقيق توازن» في الموازنة العامة عبر تقليص الدعم الحكومي الموجه للطاقة. وقد طبقت السلطة السابقة هذه السياسة على مراحل عدة، حيث رفعت الدعم عن البنزين، في حين ارتفعت أسعار المازوت المدعوم من 180 ليرة في عام 2020 إلى نحو 5000 ليرة في عام 2024، أي بزيادة تزيد على 2677%. وخلال الفترة ذاتها، شهد المازوت الصناعي والتجاري قفزة من 650 ليرة إلى 11500 ليرة، بزيادة تصل إلى 1669%، بينما ارتفع سعر البنزين أوكتان 95 من 575 ليرة إلى 13500 ليرة، أي بنسبة 2247%.
لم تؤثر هذه الزيادات على القدرة الشرائية فحسب، بل أسفرت أيضاً عن ارتفاع كبير في تكاليف النقل والمواصلات والخدمات العامة، حيث تكبد المواطنون تكلفة هذه الخدمات مع تدني قدرتهم على التكيف مع هذه الزيادات.


تخفيض النفقات الاستثمارية العامة


يوصي صندوق النقد الدولي بأن يتم الحد من الإنفاق الاستثماري الحكومي، معتبراً أن الحكومة يجب أن تركز على الإنفاق الجاري بشكلٍ أكبر.
تشير بيانات الموازنات السورية إلى التزام السلطة السابقة بشكل صارم بهذا المبدأ، حيث كانت النفقات الاستثمارية تنخفض باستمرار حتى وصلت إلى حدود 18% فقط من إجمالي الموازنة في 2023 مقارنة بنسبة 46% في 2011، وحتى في ارتفاعها إلى 30% في موازنة العام 2025 التي تم الإعلان عنها قبيل هروب رأس السلطة ببضعة شهور، كانت متزامنة مع ارتفاع سعر صرف الدولار المعتمد في الموازنة بنسبة 17%، ما يجعل الزيادة الحقيقية في الموازنة أقل مما هو مُعلن، وخاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار معدلات التضخم المرتفعة التي بلغت 122% في منتصف عام 2024.
ويعني هذا التراجع في الاستثمار العام، أن الدولة قد تراجعت في دعم البنية التحتية وتطوير الخدمات العامة والمشاريع التنموية، مما أضعف الأسس الاقتصادية للبلاد، وزاد من الضغوط على الفقراء وأصحاب الدخل المحدود. هذا ولم نتحدث بعد عن العائدية المنخفضة لليرة السورية في الاستثمارات، والتي وصلت في عام 2015 على سبيل المثال إلى نسبة تقارب نسبة 11.6%، وهي بالتأكيد اليوم أقل من ذلك.

الإعفاءات الضريبية للشركات الخاصة


يشدد الصندوق في وصفاته على ضرورة تشجيع الاستثمار الخاص عبر تقليل الضرائب على أرباح الشركات، ومنح إعفاءات ضريبية تسهم في زيادة نشاط القطاع الخاص.
ورغم أن الصندوق يوصي بأن تكون نسبة العائدات الضريبية من الناتج المحلي لا تقل عن 15%، فإن نسبة العائدات الضريبية في زمن السلطة السابقة لم تتجاوز 8.3%، مع انتشار واسع للتهرب الضريبي بين كبار أصحاب رؤوس الأموال. فمثلاً، قدرت خسائر التهرب الضريبي بما لا يقل عن 2.5 تريليون ليرة في عام 2022.
هذا يعني أن السلطة السابقة لم تكتف بتطبيق توصيات الصندوق، بل تجاوزت حدودها مما أدى إلى تقليص مواردها الضريبية بشكل حاد، لتزداد بذلك الأعباء المالية على الفئات الفقيرة.


الأثر الاجتماعي والاقتصادي لتطبيق وصفات الصندوق


يُظهر واقع التطبيق السوري لوصفات الصندوق نتائج مشابهة لما حدث في دول أخرى، حيث تسببت هذه السياسات في إضعاف قدرة الدولة على توفير الحماية الاجتماعية للمواطنين، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وتفاقم الفجوة الطبقية.
ومنذ تطبيق هذه السياسات، ومع كل تسارع في تطبيقها، ازدادت صعوبات المعيشة على معظم شرائح المجتمع، وتفاقم تدهور الوضع المعيشي، حيث ازدادت الضغوط المالية على الأسر، وتراجع مستوى الخدمات العامة. وقد دفعت هذه التحولات عدداً إضافياً من المواطنين إلى ما دون الحد الأدنى للفقر، وأثرت على الاستقرار الاجتماعي.
وتؤكد التجارب السابقة للعديد من الدول التي طبقت سياسات صندوق النقد الدولي أن التبعات مؤلمة على المجتمع، حيث أدت هذه السياسات إلى انهيار في منظومة الحماية الاجتماعية، وانخفاض في الخدمات العامة، وركود اقتصادي طويل الأمد، وهو ما رأيناه بأم أعيننا في الانفجار السوري.
وفي كثير من الحالات السابقة التي طبقت الوصفات، ارتفعت معدلات الهجرة هرباً من تدهور الظروف الاقتصادية والمعيشية. وازداد الأمر سوءاً مع ارتفاع معدلات الدين العام نتيجة للاستدانة المستمرة، مما ساهم في انكماش اقتصادي مستمر.


التقييد الديمقراطي وقمع الأصوات المطالبة بالتغيير


من الملاحظ أن تطبيق سياسات صندوق النقد ارتبط دائماً بتقليص مساحة الديمقراطية في الدول المعنية، حيث تواجه الحكومات التي تتبنى هذه السياسات رفضاً شعبياً وارتفاعاً في مستويات عدم الرضا الاجتماعي يتزايد مع مرور الوقت.
ولضمان استقرارها، تضطر هذه الحكومات إلى فرض قيود متزايدة على حرية التعبير وقمع الأصوات الاحتجاجية المطالبة بحقوقها الأساسية. وبناءً عليه، تغدو وصفات الصندوق بمثابة «كلمة سر» تهدف إلى ضرب عوامل الاستقرار الاجتماعي في الدول المعنية.


إجراءات صارمة لوصفات معروفة النتائج مسبقاً


كان أمام سورية قائمة طويلة من الدول التي قررت الإذعان لإملاءات صندوق النقد الدولي. وفي جميع تلك الحالات، انطوت وصفات الصندوق على إجراءات من شأنها تخفيض الموارد الحكومية في نهاية المطاف، وصولاً إلى وضعٍ لا يعد فيه أمام الدولة التي تذعن لهذه السياسات سوى تخفيض حجم إنفاقها الجاري الموجه للخدمات الاجتماعية وتجميد الاستثمارات العامة وحصرها في أضيق الحدود. وهي المفاصل التي تضر في الصميم مصالح الفقراء ومحدودي الدخل وتؤدي إلى إبطاء أو حتى إيقاف عجلة النمو الاقتصادي.
وقد انتهى المطاف بجميع الدول التي التزمت بوصفات صندوق النقد الدولي إلى حدوث انهيارات اقتصادية ومالية واضحة، وتفاقم الركود التضخمي فيها، وإلى تفاوت شديد في توزيع الثروة، مع تعريض مستوى معيشة أغلبية السكان لتدهورٍ شديد، وإلى نمو حجم الدين العام، وزيادة هروب وتهريب الأموال للخارج. وبالتالي، فإن التوجهات التي يتم تصويرها اليوم بوصفها «جديدة»، بل وبوصفها «دليلاً على خروج سورية من حالة الاستعصاء»، ما هي إلا محاولات لإبقاء الاقتصاد السوري حبيساً للسياسات التي بدأها الأسد.

قاسيون


طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



Baraka16


Orient 2022


معرض حلب


الصفحة الرئيسية
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس