سيرياستيبس :

يرى الخبير الاقتصادي سميح القباني، أن طرح العملة الجديدة ليس تغييراً شكلياً، لكنه أداة استراتيجية لتعزيز الاستقرار النقدي والاقتصادي وبناء ثقة المواطنين والأسواق بالليرة والمصرف المركزي، ويضع الأساس لمزيد من الإصلاحات الاقتصادية المستقبلية.

وأوضح القباني  أن إصدار العملات الجديدة وحذف الأصفار بحدّ ذاته لا يغيّر القوة الشرائية الحقيقية لليرة أو يعالج التضخم بشكل مباشر، لأن القيمة الأساسية لليرة تبقى نفسها ما لم يصاحب ذلك إصلاحات اقتصادية أوسع وسياسات نقدية صارمة.

وتحدث عن تأثيرات متوقعة من خلال تعزيز الثقة النفسية لدى المواطنين والسوق، في محاولة لكسر دورة فقدان الثقة بالليرة بعد سنوات من التضخم والتراجع الحاد في قيمتها، إضافة إلى تخفيف الفوضى الرقمية في الأسعار وتحسين الانطباع العام عن الاستقرار النقدي، ما قد يساهم جزئياً في تلطيف الضغوط السعرية على المدى القصير، بشرط عدم توسّع السيولة النقدية.

كما لفت إلى أن ذلك قد لا يؤدي بالضرورة إلى انخفاض حقيقي في أسعار السلع ما لم ترافقه تحولات هيكلية في الاقتصاد والسياسات المالية.

تبسيط التعاملات اليومية

أشار القباني إلى أن حذف صفرين من العملة يعني أن الأرقام المستخدمة في التسعير والمدفوعات ستكون أصغر وأسهل للقراءة والمعالجة، ما يساعد على تبسيط الحسابات في الأسواق والمصارف، ويقلل الحاجة إلى كميات كبيرة من الأوراق النقدية لحمل مبالغ صغيرة نسبياً، كما يسهم في تسهيل العمليات الرقمية والمحاسبية للشركات والمتاجر والبنوك عند التعامل مع الأرقام الكبيرة والمعقّدة في الوضع السابق.

وأكد أن هذه الخطوة تجعل المعاملات اليومية أسرع وأكثر عملية بالنسبة للمواطنين والتجار، خصوصاً في بيئة تشهد تقلبات حادة في الأسعار.

ويمكن أن تلعب العملة الجديدة دوراً في استعادة الثقة إذا نُفّذت بوضوح وشفافية، من خلال إرسال رسالة قوية عن التزام السلطات باستعادة الاستقرار النقدي بعد تدهور القيم وارتفاع التضخم، وعبر حملة إعلامية تشرح عملية الإصدار وأهدافها وتوضح أن الخطوة ليست مجرد تغيير شكلي بل جزء من خطّة أوسع، وفق القباني.

كما شدّد على أهمية تصميم العملة الجديدة بمعايير أمنية عالية للحدّ من التزوير وتعزيز الثقة في التداول، والتركيز على استقلالية المصرف المركزي وسياساته للتأكيد أن قراراته تصبّ في مصلحة الاستقرار المالي.

وبحسب مصادر مصرفية، تتضمن العملة الجديدة عناصر أمان مرئية وغير مرئية، كما تتضمن فئة ألف ليرة، التي لن تطرح في المرحلة الأولى، عناصر أمان فائقة.

وتراجعت الليرة من نحو 47 مقابل الدولار في عام 2010 إلى نحو 15 ألفاً في أواخر 2024، ما أدى إلى تضخم مرتفع وتراجع كبير في الاستهلاك الحقيقي.

لكن الليرة تحسنت بعد التحرير بنسبة تجاوزت 30 بالمئة، لتستقر قرب مستويات ما بين 11 ألفاً و12 ألفاً للدولار.

التحديات المحتملة

يعتقد القباني أن عدداً من التحديات قد تظهر خلال مرحلة الاستبدال التدريجي للعملة، بينها التشويش لدى المواطنين بشأن القيم الجديدة مقارنة بالقديمة خلال فترة وجود العملتين معاً (التعايش)، إضافة إلى مشكلات لوجستية في البنوك وأنظمة نقاط البيع والمحاسبة التي تحتاج إلى تعديل لاستيعاب العملة الجديدة، فضلاً عن تكاليف طباعة العملة وتوزيعها على نطاق واسع.

كما حذّر من مخاطر زيادة الطلب على ملاذات بديلة مثل الذهب أو العملات الأجنبية إذا شعر الناس بعدم الاستقرار، إلى جانب احتمال حدوث تقلبات في الأسواق والأسعار خلال الفترة الانتقالية إلى حين اعتماد النظام الجديد بالكامل.

وحول دور المصرف المركزي في مراقبة السيولة والتضخم، أوضح القباني أن دوره يبقى مركزياً فيما يتعلق بالسيطرة على النقد وسعر الصرف والتضخم، ومن المتوقع أن يعمل على مراقبة مجموع النقود المتداولة (السيولة) لضمان عدم زيادة المعروض النقدي بما يفاقم التضخم، إضافة إلى تنفيذ سياسات نقدية أكثر انضباطاً تشمل أدوات مثل أسعار الفائدة والحفاظ على مستويات مناسبة من الاحتياطيات النقدية، وتنظيم السوق المالية لمكافحة المضاربات غير المشروعة وحماية قيمة العملة، فضلاً عن التنسيق مع البنوك المحلية والعالمية لضمان استقرار النظام المصرفي.

وتوقع البنك الدولي أن تبلغ نسبة الانكماش السعري في سوريا -12.7 بالمئة في 2025، بعد أن تباطأ التضخم من 127.8 بالمئة في 2023 إلى 58.1 بالمئة في 2024.

الثورة

طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق