سيريا ستيبس – خاص - نجوة عيدة
:
كمن عرف الحياة بعد الموت ولا يريد لهذا الوجع أن يتكرر ، تعود حلب لانتكاسة صعبة والنكسة كما هو معروف أصعب من المرض ، والعاصمة الاقتصادية إذ ترجع اليوم مرغمة لساحة القتال "تجر" إلى الهوة حملا اقتصاديا كبيرا بفعل الإرهاب ، وتجعل من ملفها امتحاناً صعباً يعتبر الأول والأصعب من نوعه على حكومة جلالي ، فالوضع لا يحتمل المحاباة والمغازلة ولا حتى تمسيح الجوخ وبوس "اللحى" ، الواقع يفرض نفسه بقوة ويدفع الخبراء بالشأن الاقتصادي لتحدي الفريق الوزاري وغيرهم من صناعيين وتجار لفتح ملف المحرمات ونقاشه وتجاوز خطوطا كانت بعرفهم حمراء ، فلا وجود للأحمر اليوم ، لقمة المواطن في خطر والوضع الاقتصادي سيزداد سوء إن لم تتخذ قرارات جريئة وسريعة على حد تعبير الاقتصاديين .
الغاية تبرر الوسيلة
الخبير بالشأن الاقتصادي عامر شهدا في تصريح لـ سيريا ستيبس اعتبر خروج حلب من سوق الاقتصاد السوري مشكلة كبيرة جدا وحذر من أن السوق سيواجه نقص بالإنتاج نتيجة توقف معظم المعامل داخل وخارج المدن الصناعية عن العمل ، حيث أن منتجات حلب لاتتوقف فقط على السوق الصناعية بل على معامل وورش خارج "المدن" و هذا الامر سيؤدي لتراجع عرض المنتجات في الاسواق مقابل وجود الطلب، بالتالي سيشكل ضغوط على الحكومة لجهة استيراد المواد وتعويض النقص ، خاصة أنها لم تكن تملك الموارد والامكانيات العالية بالقطع الاجنبي لتلبية كافة احتياجات المستوردات حتى قبل خروج حلب من المعادلة الاقتصادية لذلك نحن أمام معضلة كبيرة بحسب الخبير . والمتعارف عليه أن الغاية تبرر الوسيلة حيث يرى شهدا أنّ الواقع اليوم يفرض حلول تتمثل بمناقشة المحرمات وطالما أن الحكومة تبحث عن الحلول يتوجب عليها مراجعة السياسة النقدية بشكل عميق وسريع واتخاذ قرارات تتعلق بتغيير أدوات السياسة النقدية بالتالي تغيير آلية التعاطي مع التجار والصناعيين والمنتجين لجهة تأمين القطع الأجنبي وتخفيف القيود المفروضة على موضوع تأمين القطع لتمويل المستوردات عبر منح الحرية للمستوردين لتأمين مستورداتهم بالقطع من خارج المنصة عن طريق حساباتهم بالخارج أو أي حسابات أخرى دون السؤال عن مصدر الأموال والدخول بهذه المتاهات، فتأمين المتطلبات للمواطنين أهم من الوقوف على عتبات الأسئلة وعدم اتخاذ مثل هذا الاجراء سيؤدي بحسب الخبير شهدا لارتفاع كبير في الاسعار ورفع سعر صرف الليرة السورية بالتالي المزيد من الاخفاقات على مستوى الاقتصاد الكلي والجزئي وأشار شهدا إلى أن الكثير من السوريين قاموا بإنشاء شركات أوف شور بلبنان وقد حصلت على تسهيلات إئتمانية لتمويل مستورداتها بمعنى السماح للشركات بحرية استخدام أموالها بالطريقة التي تراها مناسبة . ويرى الخبيرالسوري أنّ هذه الإجراءات تساهم بضبط الاسعار والأسواق واستقرارهما وعدم تعاظم مشكلة تراجع عدم عرض البضائع، كما تحد من عمليات التهريب وعدم السماح للسوق السوداء بالتوسع ضمن السوق الاقتصادي السوري، في وقت حذر شهدا من إن عدم لحظ إجراء تغيير في السياسة النقدية من شأنه دفع العدو التركي للسيطرة على سوق حلب وتحويلها لمركز لتجميع المنتجات وتهريبها لباقي المحافظات . تجار حلب منهكين
وفيما يتعلق بمنع هجرة رؤوس الاموال الحلبية وكبار التجار والصناعيين بين شهدا أن رأس المال جبان وهم يريدون العيش ولن ينتظروا التحرك الحكومي الذي أثبت فشله على أيدي حكومات عدة متعاقبة ، خاصة فيما يتعلق بالملف الاقتصادي بحلب وهم على حد تعبيره ليس لديهم أي ثقة بالفريق الحكومي، معرجا في ذات السياق على شراكات عربية وأجنبية لصناع التجارة والصناعة في "الشهباء" مع مصر والاردن والقوقاز وتركيا واعتبره أمر مشروع وغير مخفي ، وحتى تقف العاصمة الاقتصادية على قدميها بحسب الخبير تحتاج لسنوات عديدة خاصة بعد تعرض المعامل للتخريب والتفكيك بغية نقلها لتركيا ، وأشار إلى مديونية تجار وصناعيين حلب للمصارف والحكومة إثر الحرب وهم حاليا لا يملكون رأس المال الذي يسمح بصيانة المعامل المرتبطة بالإنتاج والتي تحتاج لرأس مال كبير ، فالضرر ليس فقط تضرر عقار بل بالأصول الثابتة التي تعجز الدولة والمصارف عن تمويلها واستيعادة هذه الاصول بالوقت الراهن لذلك من غير الممكن تثبيت الحلبيين بمكانهم دون أكتاف يستندون إليها .
وختم شهدا حديثه : هناك الكثير من الحلول ونحن لسنا عاجزين عن صنعها وانتشال البلد من الهبوط الاقتصادي لكن تنتظر من يسمعها ويناقشها حيث تنقصنا الجرأة لاتخاذ القرار والتي إذا ما وجدت فرضت الحلول لحزمة مشاكل يعاني منها البلد فحصاد اليوم السيء هو نتيجة عدم قبول المقترحات ومناقشتها وإغلاق أبواب الحكومة أمام أي رأي آخر. ضرورة حتمية
وتشابكت رؤيا الخبير الاقتصادي جورج خزام في حديثه لـ "سيريا ستيبس" مع رأي الخبير شهدا لجهة ضرورة إحداث تغيير جذري بطريقة إدارة السياسة الاقتصادية والنقدية التي يتبناها المصرف المركزي على تقييد حركة الاموال والبضائع والعقار والتي كانت سبب مباشر في انهيار الاقتصاد إضافة لإلغاء منصة تمويل المستوردات بالسرعة القصوى ، والتي ساهمت بارتفاع الاسعار إضافة لمنع التموين منعا باتا من التدخل بالتسعير وتدمير الاسواق الذي يحكمه العرض والطلب والمنافسة وذلك بغرض زيادة الإنتاج لمواجهة النقص الكبير القادم ومع زيادة الإنتاج ستنخفض الأسعار .
|