سيرياستيبس سوسن خليفة :
مقولة ” قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق سمعناها كثيراً في الآونة الأخيرة. وقد ترافقت مع فصل أو إعطاء إجازة براتب لمدة ثلاثة أشهر ، أو أكثر وأعقبها إعادة عدد لا بأس به إلى العمل في أكثر من وزارة وبغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى التراجع عن هكذا قرار سنحاول تسليط الضوء على بعض الآراء التي تصب في طريق الحل لهذه المعضلة إذا صحت التسمية لنصل إلى الخيار الصحيح.
بداية يحضرني قول لأحد الأكاديميين مفاده: إن الهدر في المال العام لا يعني المال بحد ذاته بمعناه المجازي، وإنما عندما تستغني عن موظف ذو خبرة وكفاءة فهذا هو أحد أنواع الهدر.
حاولنا أخذ وجهات نظر عديدة حول هذا الموضوع فماذا قالوا؟
الأستاذة هنا الحسيني ماجستير إدارة أعمال دولية وإجازة في الحقوق رأت أن الاستغناء عن بعض الكوادر في مفاصل الدولة قد يكون محقاً في بعض الحالات مثلا وجود فائض في مؤسسة ما عن حاجة العمل وبرأيي من الأجدى أن يتم ايجاد فرصة عمل أخرى تحتاج إلى مؤهلاته أو إرساله لدورات تدريبية تؤهله للعمل من جديد. كما تفعل الدول المتقدمة.
أما في حالتنا حيث عانت المؤسسات من الفائض والبطالة المقنعة والتوظيف على حساب متوسط الأجر مما أثر على مستوى الأداء في العمل إذ سجل متوسط العمل اليومي للعامل انخفاضا ملحوظاً مما انعكس على مستوى الانتاجية ومعيار الأداء وسلامة العمل في المؤسسات وخاصة كون راتب الموظف لا يغطي الحاجات اليومية مما سمح للفساد بالعيش . ومن وجهة نظري من الضرورة بمكان تخليص المؤسسات من الأمراض التي لحقتها، لكن بالوقت ذاته لدينا إنسان حقه في العيش الكريم يجب أن يكون مضموناً ولن يكون هذا الأمر عندما يقطع عنه الدخل. ولتحقيق التوافق بين مصلحة المؤسسات وصون حقوق العامل، أرى أنّ الحل يكمن في ابعاده عن المؤسسة بشرط تأمينه من ناحيتين: إدارية واجتماعية. إدارياً يرسل إلى دورات إعادة تأهيل لعودته مجدداً لسوق العمل . وأقصد في العامل الاجتماعي الحفاظ على الأمان الاجتماعي بأن يتم تحويل صفة الراتب من راتب إلى إعانة اجتماعية تتولاها وزارة الشؤون الاجتماعية بانتظار اقلاع الاقتصاد المنتظر حيث يتاح لذلك العامل فرص عمل جديدة مع التنويه أن من يدفع المال في كلا الحالتين هو خزينة البلد سواء بصفة راتب أو إعانة اجتماعية. وإذا لم نؤمن دخلا لذلك العامل في فترة الانتظار فهذا يعني خلق خلل في المجتمع وخطر عليه نحن بغنى عنه.
محمد الحلاق: رجل أعمال ونائب رئيس مجلس ادارة جمعية العلوم الاقتصادية عبر عن وجهة نظره بالقول:
ما يخص موضوع الاستغناء عن العمال والموظفين المدربين والكفوئين بغض النظر عن مستوى كفاءتهم أو شطارتهم أو قدرتهم على العمل لا شك هو عبارة عن هدر للوقت والمال، فأي شخص مدرب على العمل في الشركة لفترة أكثر من سنة، يكون قد تعلم الكثير من الأمور المهمة في الشركة التي تتعلق بتفاصيل العمل الكبيرة والصغيرة، إضافة إلى اتقانه لكيفية إدارة أسلوب العمل، وبالتالي صرفه من العمل وتدريب أشخاص جدد قد يعطي حيوية للعمل، ولكن لا يمكن في هذه الحالة ممارسة العمل بالشكل السابق. هذا في حال كنا نتكلم عن شخص كفوء جيد يعمل على تطوير نفسه باستمرار، ولديه الرغبة في العمل ويتقن عمله وينفذه بالوقت المناسب دون تمييع وإضاعة للوقت، ومن وجهة نظري فإن أي شخص عمل لفترة طويلة يصبح لديه علاقات قوية مع محيطه من جهة والزبائن من جانب آخر. وأقول هنا إن بناء هذه العلاقات في مهنتنا (حقه مصاري) ، وبالتالي لا يمكننا ببساطة الاستغناء عن عامل لدينا واستبداله بشخص آخر ليبني علاقات من جديد. المطلوب دائما الحفاظ على الكوادر الجيدة الكفوءة والتي تؤدي أعمالها على نحو جيد. ويمكن في بعض الأحيان أن تمر على العمل ظروف خارجة عن الإرادة واستثنائية يضطر فيها صاحب العمل على صرف العامل. ونؤكد في هذا الجانب أن صرف أي عامل لا يتم ببساطة وإنما يكون قد خضع لدراسات وتجاذبات عديدة كانت نتيجتها اتخاذ قرار الصرف.
سيدة الأعمال مروة ايتوني :
أنا ضد فصل أي شخص سواء كان يعمل موظفاً أو عاملاً في القطاعين العام والخاص ، إلا من يثبت أنه غير مؤهل للعمل ( فاسد، مرتشي ، لا يؤدي عمله على أكمل وجه إلخ…). وينجم عن هذه الخطوة في حال اتخاذها العديد من السلبيات على المجتمع مثل: انتشار البطالة ، والفقر ، وهذه الظواهر في حال انتشارها لها انعكاس سلبي على المواطن والوطن بآن واحد.
ففي بعض حالات الفقر يمكن أن يتوجه الشخص إلى السرقة والقتل وأعمال السلب والنهب…. والأخطر من ذلك استغلال حاجته المادية بأعمال شغب تضر بأمن وأمان البلد مع من يريدون تدمير سوريتنا….
وبرأيي ليس هناك من ايجابيات لمثل هذا القرار . وأرجو التروي ممن هم في موقع المسؤولية بالقطاعين العام والخاص قبل الاقدام على هذا الاجراء .
و بناء سورية بحاجة إلى التكاتف والتعاون والحكمة وجهود أبناء الوطن سيما وأننا في مرحلة إعادة البناء والاعمار
أتمنى لسوريتنا الخير كله ، حاكما وحكومة وشعبا
|