سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:18/10/2025 | SYR: 21:58 | 18/10/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE



خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18


Takamol_img_7-18

 الغاز الأذربيجاني طوق نجاة لسوريا أم عتمة شاملة مؤجلة؟
18/10/2025      



سيرياستيبس 

في بلد أنهكته أعوام الحرب والقصف والدمار والحصار، وأطفأت أنواره صواريخ والخناق الاقتصادي، يضيء في نهاية النفق أمل بعودة قطاع الكهرباء ولو جزئياً، بيد أن ضوء النفق نفسه يعاني من أزمات متكررة، وسط مخاوف من أن تعود سوريا إلى عتمة ما قبل سقوط النظام السابق، في الوقت الذي تتفاوت الآراء فيه بشأن الغاز الأذربيجاني، بين من يقول إنه طوق نجاة، وبين من يرى أنه مجرد سراب يتخفى خلف عناوين النهوض الاقتصادي، وقد لا يلامس الواقع بالشكل الذي صُوّر فيه.

تفاصيل الصفقة
مطلع أغسطس (آب) الماضي، جرى الإعلان رسمياً عن بدء ضخ الغاز الأذربيجاني إلى سوريا عبر الأراضي التركية، في إطار اتفاقٍ ثلاثي رعته أنقرة، هدفه دعم قطاع الكهرباء السوري المتداعي. وينص الاتفاق على تزويد سوريا بـ 3.4 مليون متر مكعب من الغاز يومياً، عبر خط كلس – حلب، الذي خضع لأعمال صيانة مكثفة خلال الفترة الماضية ليصبح صالحاً للعمل مجدداً. وبحسب وزارة الطاقة السورية، فإن هذه الكمية ستُسهم في توليد ما بين 800 إلى 900 ميغاواط من الكهرباء، مما يؤدي إلى زيادة عدد ساعات التغذية الكهربائية بنحو خمس ساعات، ليرتفع إجمالي ساعات التشغيل إلى 10 ساعات يومياً.

وبحسب الاتفاقية أيضاً سيستمر توريد الغاز الأذري لمدة ثلاثة أعوام، مع إمكانية تجديد الاتفاق بحسب الحاجة، على أن يُستخدم هذا الغاز حصراً في توليد الكهرباء ضمن محطات التوليد، وليس لأغراض التعبئة أو الاستخدام المنزلي. 
 

قبل هذه الاتفاقية كانت سوريا تنتج من الغاز المحلي نحو 6 ملايين متر مكعب يومياً، مقارنة بـ 30 مليون متر مكعب قبل عام 2011. ووفق الاتفاقية مع أذربيجان، سيسهم هذا الغاز بتشغيل محطات توليد بطاقة تقارب 900 ميغاواط، ما يرفع فعلياً عدد ساعات الكهرباء إلى نحو 10 ساعات يومياً في بعض المحافظات، لكن خلف هذا التحسن الظاهري، تكمن معضلات تقنية كبيرة تتعلق بتركيبة الغاز، وبقدرة محطات التوليد القديمة على التكيف معه.

بعد مضي نحو شهرين من توقيع الاتفاقية ودخولها حيز التنفيذ، لم تنعكس بصورة كاملة على الواقع اليومي للكهرباء في البلاد، حيث شهدت فترة عودة الكهرباء تحسناً ملحوظاً بالفعل، لكن ليس كما هو مأمول، وليس كما وعد به القائمون على الاتفاقية بمن فيهم الأطراف الحكومية من دمشق وأنقرة وباكو، قبل أن تكشف مصادر فنية متخصصة عن معضلة تقنية خطيرة تتعلق بعدم مطابقة المزيج الغازي للمواصفات التشغيلية للعنفات السورية، الأمر الذي أدى إلى انخفاض المردود الفعلي للتوليد وعدم تحقيق الطاقة المرجوة من عملية الضخ. وبحسب المصادر الفنية في وزارة الطاقة السورية، فإن الخلل لا يقتصر على نوعية الغاز المورد فحسب، بل يتفاقم بسبب غياب الصيانة الدورية للعنفات، مؤكدة أن هذه الوحدات لم تخضع لأي عملية إعادة تأهيل منذ أكثر من 15 عاماً، بحسب تقارير صحافية أوردها "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، وأكدتها بعض صحف محلية.

وبحسب المصادر فإن "إدخال أي نوع جديد من الوقود يتطلب إجراء صيانة شاملة تحت إشراف خبراء الشركة المصنعة حصراً، وهي عملية تستغرق أكثر من عام ونصف، وهو ما لم يحدث حتى الآن، ما يُبقي المحطات في دائرة الخطر التقني. كذلك هناك خطر احتمال هبوط إضافي في أداء العنفات مع بداية فصل الشتاء، نتيجة ازدياد الضغط على الشبكة وتراجع كفاءة التشغيل في درجات الحرارة المنخفضة، ما ينذر بتفاقم أزمة التغذية الكهربائية".

وعود حكومية: تحسن بعد 3 أشهر
المستشار الأول في وزارة الاقتصاد السورية، أسامة القاضي، يقول في حديث لـ "اندبندنت عربية"، إن "التحسن نسبي وبطيء بسبب ضخ الغاز تدريجياً الذي بدأ بـ 745 ألف م³ يومياً، كذلك هناك مشاكل فنية في الضواغط، الغاز الأذري جيد بحسب تصنيف API المشكلة كفاءة الضواغط التي تقلل ضغط الغاز اللازم للاحتراق الأمثل، وكذلك العطل في ضواغط محطة التوينان".

ويضيف القاضي أن "محطة معالجة وتضخيم الغاز تقع في شرق محافظة حمص- تسبب في تراجع الإنتاج بمعنى التقليل من ضغط الغاز مما يؤثر في كفاءة الاحتراق، ووزارة الطاقة تعمل على إصلاح الضواغط، مع توقع تحسن نسبي في غضون أقل من ثلاثة أشهر، والجهود كبيرة لزيادة إنتاج الغاز المحلي والبحث عن مصادر إضافية، من أجل الوصول إلى 3.4 مليون م³ يومياً، مع توزيع 2 مليون م³ لحلب والبقية لمحطات مثل جندر وتشرين".

أما وزارة الطاقة فقد اعترفت هي الأخرى بوجود "تحديات"، لكنها أكدت أن الغاز الأذري حقق "تحسناً ملحوظاً في توليد الكهرباء خلال الفترة الماضية"، وأصدرت الوزارة بياناً رسمياً أكدت فيه وجود "خلل في ضواغط محطة التوينان أدى إلى تراجع موقت ومحدود في الإنتاج، لكن كوادر الوزارة تعمل على إصلاح الضواغط لإعادة التشغيل قريباً".

وأضاف البيان أن "تحسين واقع الكهرباء يتطلب وقتاً وجهداً مستمرَين نظراً للواقع المتردي للبنية التحتية وتهالك شبكات التوليد والنقل والتوزيع، إضافة إلى ضياعات الشبكة والتجاوزات في الاستهلاك وضعف الترشيد".

مكسب سياسي أم خيار فني؟
الخبير في اقتصاديات الطاقة، مازن بركات، يقول إن "إدخال الغاز الأذربيجاني إلى المنظومة جاء نتيجة ضغط سياسي وليس خياراً فنياً مدروساً، في البداية فإن اعتراف وزارة الطاقة بوجود خلل وتحديات هو أمر إيجابي كوننا لم نعتد طوال العقود السابقة أن تعترف أي حكومة سورية بأخطائها، ومع ذلك فإن ما جرى ببساطة هو محاولة الوزارة إثبات تحسن سريع في ساعات التغذية، لكنها في الواقع تستهلك ما تبقى من عمر العنفات المتهالكة أصلاً".

ويضيف بركات أن "أي تضرر في شفرات التوربين أو احتراق غير متجانس سيجعل من كلفة الإصلاح أكبر من كلفة بناء محطة جديدة"، محذراً من أن البلاد "قد تخسر نصف قدرتها التوليدية خلال عام واحد إذا لم تتم المعالجة بصورة عاجلة".

إذاً تثير هذه الأزمة تساؤلات حول آلية التعاقد مع باكو وطبيعة الاختبارات التي سبقت إدخال الغاز إلى الشبكة. وفي هذا السياق يقول مصدر فني في وزارة الطاقة السورية، إن "العقد لم يمر عبر هيئة المواصفات والمقاييس، بل جرى توقيعه بقرار استثنائي لأسباب تتعلق بالاستعجال".

المواطن بين وعود الوزارة والعتمة
وعلى رغم التحسن النسبي في بعض المدن، لا يزال المواطن السوري يشتكي من تقنين قاس. تقول المواطنة السورية أم فادي من حمص إن "الكهرباء تأتي 8 ساعات فقط في اليوم، وغالباً تكون متقطعة، والوزارة تتحدث عن تحسن لا نشعر به". أما في ريف حلب، فيؤكد الأهالي أن ساعات التشغيل لم تتجاوز 4 ساعات يومياً منذ منتصف سبتمبر (أيلول)، مع تزايد أعطال الشبكات الداخلية".

أبعاد سياسية واستراتيجية
يرى مراقبون أن إدخال الغاز الأذربيجاني لم يكن مجرد خطوة تقنية، بل جزء من ترتيبات إقليمية جديدة بعد انفتاح أنقرة على دمشق. ويعتقد الخبير التركي في شؤون الطاقة الإقليمية فراس آيدن أوغلو أن "تركيا تسعى لتكريس دورها كممر للطاقة بين آسيا وأوروبا والشرق الأوسط، وسوريا تمثل نقطة عبور استراتيجية مستقبلاً، ويضيف أن "هذا الاتفاق يفتح الباب أمام مشاريع طاقة أكبر في المستقبل، لكنه أيضاً يضع دمشق في موقع التبعية اللوجستية لأنقرة وباكو، ما قد يثير حساسية سياسية داخلية".

طاقة محفوفة بالأخطار
الوقائع الفنية والسياسية تشير إلى أن الغاز الأذربيجاني أنقذ الشبكة موقتاً من الانهيار، لكنه في الوقت ذاته أدخلها في مرحلة مخاطرة تقنية عالية، بخاصة مع غياب الصيانة طويلة الأمد وندرة قطع الغيار الأصلية، وما لم تبادر وزارة الطاقة إلى إجراء تقييم شامل ومعلن لأداء المحطات خلال الأشهر المقبلة، فقد يجد السوريون أنفسهم أمام أزمة كهرباء أشد قسوة من سابقتها، أزمة لا تنطفئ بانقطاع التيار، بل باحتراق ما تبقى من منظومة متهالكة تشتغل على الأمل أكثر مما تشتغل على الوقود، وهكذا تتحول كل محاولة لإنعاش الكهرباء في سوريا إلى اختبار جديد للبنية المتهالكة، ولشفافية القرار الحكومي في إدارة ملفٍ يمسّ حياة كل مواطن.

الغاز الأذربيجاني قد يكون اليوم عنواناً للأمل، لكنه أيضاً جرس إنذار يذكّر بأن الطريق إلى النور لا يُقاس بعدد ساعات التشغيل، بل بمدى صدق الرواية الرسمية أمام وقائع المختبرات وغرف التحكم.

اندبندنت عربية 


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



Baraka16


Orient 2022


معرض حلب


الصفحة الرئيسية
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس