سيرياستيبس :
وقوفاً على حقيقة الألبان والأجبان التي تغرق الأسواق وتباع على البسطات
والمحلات والسيارات الجوالة بسعر منخفض لا يتعدى الـ14 ألف ليرة لكيلو
اللبنة و17 ألف ليرة للجبنة، قياساً على التكلفة الحقيقية لهذه المواد
الأكثر بكثير مما تباع به.
“تشرين” تواصلت مع الجهات المعنية لتبيان المسموح والممنوع في صناعة هذه
المواد المنتشرة بكثرة والرائجة جداً بسبب حاجة المواطن لها في غذائه
اليومي.
تصحيح المسار
أمين سر جمعية الألبان والأجبان الحرفية محمد وليد الحجازي أوضح في تصريحه
لـ” تشرين” أن هذه المواد تدعى بالمفهوم العام بالألبان والأجبان المعدلة
بالدسم النباتية، حيث يدخل في تركيبتها نسبة عالية من حليب البودرة والزبدة
النباتية، وتعدّ نظامية لا شيء فيها، غير إنها منخفضة القيمة الغذائية
وتباع في الأسواق الشعبية الرخيصة التي لا تعرض الجبنة البقرية الحقيقية
التي يباع الكيلو منها بـ 32 ألف ليرة، لافتاً إلى أن الغش فيها يكون بعدم
تصريح البائع عن مكوناتها، عدا عن لجوء محلات لبيعها على أساس أنها بقرية،
فيبيع مثلاً كيلو اللبنة بـ30 ألف ليرة ورأسماله 12 ألفاً فقط، فتكون
أرباحه فاحشة 200٪ ، معتبراً أن البائع بذلك “يستغبي” المستهلك ويستغل ثقته
فيه ويستثمر ذلك لمصلحته، لأن المواطن لا يثق ببائع الشارع و(البسطات)
الذي يغش أيضاً بادعائه أن اللبنة والجبنة بلدية ويبيعها بسعر رخيص.
تبلغ تكلفة كيلو اللبنة نحو 23 ألف ليرة، ويباع بسعر 27 ألف ليرة.. في حين تكلفة كيلو الجبنة 26 ألف ليرة، ويباع بـ 33 ألف ليرة
وأضاف: هذه الألبان والأجبان، المفروض ألا تكون موجودة رغم عدم ضررها، إنما لعدم وجود قيمة غذائية جيدة لها، وغير صالحة لبناء جسم الطفل، مشيراً إلى أنها موجودة بأكثر من 80 ٪ من المحلات ويجب التصريح عنها وعدم بيعها بأنها طبيعية، كما لاحظته الجمعية خلال مشاركتها في دوريات حماية المستهلك والشؤون الصحية.
فوارق أسعار
تبلغ التكلفة الإجمالية لكيلو اللبنة نحو 23 ألف ليرة ويباع بسعر 27 ألف
ليرة، في حين تكلفة كيلو الجبنة 26 ألف ليرة ويباع بـ 33 ألف ليرة وتسعيرته
35 ألف ليرة، بعد الاتفاق مع المحلات القوية على خفض الأسعار نسبياً،
منوهاً بأن المهنة فيها حرفي وصناعي؛ والحرفي تكاليفه قليلة مقارنة بتكاليف
الإنتاج للصناعي، علماً أن الجمعية تحارب أسلوب البيع الصناعي، فتخفِّض
أسعار اللبنة البلدي لـ22 ألف ليرة والجبنة لـ28 ألف ليرة حتى يستمر الحرفي
في عمله.
وبالنسبة لسعر كيلو الحليب الذي يباع بـ6500 ليرة، أجاب بأنه سعر منطقي رغم
سعره الفعلي وهو 5 آلاف ليرة عند موزع الحليب، إنما يضاف إليه 30 ٪ للبقال
كنفقات تعبئة بأكياس نايلون وأجرة العامل، فتصبح تكلفته 6100 ليرة، أما
الحليب الممتاز المستجر من مباقر جيدة وخالٍ من الغش المائي فتكلفته 5700
ليرة ويباع بـ 7 آلاف ليرة، معتبراً أن الطبيعي أفضل من الحليب المعقم الذي
تبيعه الشركات الصناعية بـ 13 ألف ليرة لعبوة سعة ليتر واحد أي ما يعادل
ضعف سعر كيلو الحليب الطبيعي.
حاجة دمشق 300 طن حليب يومياً لإنتاج 50 طن ألبان وأجبان
الإنتاج والاستهلاك
يرى الحجازي أن الحليب المورد إلى دمشق من ريفها على نوعين، فالوارد
للتصنيع تصل كميته إلى 120 طناً يومياً، في حين الوارد للمستهلك يكون بحدود
80 طناً يومياً، وهذا غير كافٍ في ظل احتياج المواطن بشكل علمي إلى 300
ملليتر يومياً من الحليب البقري أو الأجبان والألبان، ولكن ضعف القدرة
الشرائية له ألغت هذا الاحتياج اليومي من المائدة السورية حتى ولو كان
رخيصاً.
ومع أن الموسم الحالي يعدّ جيداً، يبلغ إنتاج دمشق من الألبان والأجبان نحو
40 طناً، كاشفاً أن حاجة دمشق إلى 300 طن يومياً من الحليب وهو ما يعادل
إنتاج 50 طن ألبان وأجبان بشكل يومي بعد استخلاص المادة الصلبة منها من قبل
الحرفيين في دمشق وبعض مناطق الريف.
ميزان الحكمة
ينصح الحجازي المستهلك بشراء أجبان وألبان بَقرية طبيعية ولو بكميات قليلة،
للحصول على البروتين والدسم الصحيح وتقديمها للأطفال خاصة لنموهم، واقتصار
الكبار على استهلاك المواد المصنعة من الدسم النباتية كونهم تخطوا مرحلة
بناء الأجسام حسب قوله.
وبيَّن أن هذه الألبان والأجبان المصنعة بدسم نباتية تصنَّع في العشوائيات
وبعض الورشات المرخصة حرفياً التي يقدم لها الاتحاد الخدمات من غاز وكهرباء
وغيرها، لإقناع الحرفي ببيع هذه المنتجات بهامش ربح بسيط، بحيث أصبح
الحرفي بذلك مراقباً ولديه تصريح بتصنيعها، فتتناقص الورشات المخالفة.
وأشار إلى المفهوم الخاطئ بأنها مضرة ولكن جرى تعديل المفهوم بأنها أقل
فائدة من الطبيعي، فصُرِح بتصنيعها حيث يدخل فيها رافعات القوام كالنشاء
بإضافة 400 غ نشاء لكل 100 كغ حليب بودرة، ولكن يوجد ورشات غير مرخصة
تخالف ذلك وتضيف 5 كغ نشاء فتنخفض نسبة الدسم من الحليب ويصبح بالتحليل
دسم وبروتين الحليب أقل من 3.4 غرامات المصرح به.
وأكد وجود تعاون ما بين الجمعية وبين (مديرية حماية المستهلك والشؤون
الصحية) بأخذ عينات كثيرة وقد تجاوزنا ما نسبته 90 ٪ من مشكلة وصول المنتج
للمستهلك من دون التصريح عن مواصفاته.
وختم بأن الحرفي قادر على العمل والإنتاج طيلة الوقت، إنما يحتاج تطوير
المهنة وإيجاد بدائل لتحسين القوة الشرائية للمستهلك، مبيناً وجود تقصير
إعلامي في تثقيف المستهلك بتوضيح ما يتناوله من غذاء، مطالباً بعقد ندوات
توضيحية لا تقتصر على الألبان والأجبان فقط بل على الغذاء عامة.
(الشؤون الصحية): سليمة
لـ(الشؤون الصحية) رأيها
تكثر الأقاويل حول هذه الألبان والأجبان الرخيصة نسبياً مقارنة مع
الطبيعية، وأنه تشوبها شوائب بإدخال مواد غير صحية في تصنيعها، أو الحليب
المجفف المصنعة منه مهرب وقد يكون منتهي الصلاحية.
بهذا السياق يؤكد مدير الشؤون الصحية بدمشق الدكتور قحطان ابراهيم
لـ”تشرين” أنه أكثر من مرة أحضرت عينات من هذه المواد وجرى تحليلها للتأكد
من سلامتها ولم يوجد فيها أي جرثومة، مستبعداً ما يشاع عن إدخال مادة
السبيداج فيها، والضرر الصحي فيها يكون باستعمال مواد منتهية الصلاحية، وفي
حال وجود غش فيمكن اكتشافه في مخابر (التجارة الداخلية وحماية المستهلك)
كما ذكر.
(حماية المستهلك): مسموحة بشروط
(حماية المستهلك) توضح
بدوره أوضح مدير مديرية حماية المستهلك بدمشق المهندس محمد ماهر بيضة
لـ”تشرين” أن هناك أنواعاً من الألبان والأجبان في السوق المحلية مصنعة من
مزيج الحليب الطبيعي والمجفف أو الحليب المجفف فقط، وهذا مسموح به بموجب
المواصفة القياسية السورية رقم 178 لعام 2019، وهي فعلاً أرخص ثمناً من
المنتجة من الحليب الطبيعي نظراً لانخفاض تكاليف إنتاجها، وتعد صالحة
للاستهلاك البشري.
وتابع: أما في حال إضافة مادة النشاء إليها فهذا مخالف للمواصفات ويعد
نوعاً من أنواع الغش، حيث يؤدي إضافة النشاء للألبان والأجبان لاحتباس كمية
إضافية من الماء ضمن المادة مع إعطاء قوام أكثر صلابة لها مما يخدع
المستهلك بها، مؤكداً سحب 122 عينة مخالفة إما بوجود النشاء فيها وإما
انخفاض نسبة الدسم ضمنها.