سيرياستيبس
كتب عدنان صلاح اسماعيل :
فيما
بدأت الادبيات الاقتصادية السورية في الاشهر الاخيرة تتغير باتجاه اتباع
اسلوب جديد لتوزيع الدعم بهدف ايصاله الى مستحقيه وإزالة كافة مظاهر
الاستنزاف للموارد الوطنية في ظروف اقتصادية صعبة وخانقة كالتي نمر بها
حاليا.
الخطوات التنفيذية بدأت على الارض من خلال الرفع التدريجي لسعر المازوت
والكهرباء وبعض قطاعات الصحة ولكن حتى تاريخه لم تتخذ اجراءات بالمنحى
المقابل كتحسين الاجور او توزيع بدل الدعم بشكل مباشر وبمعنى ادق لا تزال
العملية تسير ببطء شديد.
البطء الذي تسير به العملية يمكن ان يحمل اثار اقتصادية سيئة فعندما نرفع
سعر مادة مقننة بدون تعويض البديل يصبح لدينا فجوة سعرية لتلك المادة تتكرس
عبر الزمن
وهنا كان يجب ان يقوم المعنيون بالاعلان عن برنامج اقتصادي شامل الهدف منه
إعادة توجيه الدعم نحو الفئات الاكثر فقرا" وذلك من خلال حزمة من الاجراءات
بدايتها وقبل كل شيء ومن اجل نزع الخوف والقلق من المواطنين يجب ان تكون
متزامنة بمعنى اي تحرير لسعر مادة يقابله في نفس اليوم او خلال نفس الشهر
الاجراء المقابل بتحسين الدخل وتعويض المواطنين ليصار بعدها إلى تحرير
اسعار جميع المواد بشكل تدريجي متزامن مع اجراءات لرفع الرواتب والاجور
بشكل مواز ومنح تعويضات نقدية لغير العاملين تعوض عن ارتفاع الاسعار. مع
فرض رقابة قوية على الاسواق لضمان عدم استغلال التجار للإجراءات ورفع
الاسعار بشكل غير منطقي.
إن موضوع ترشيد الدعم لم يعد مطلبا" حكوميا" فحسب بل اصبح مطلبا شعبيا بعد
ان وضحت صورة التشوهات الموجودة فيه بغية الوصول إلى تخفيف الاعباء التي
تتحملها الحكومة نتيجة الدعم وترشيد استهلاك المواطنين لبعض المواد المقننة
خاصة لمادة الخبز التي يقدر الخبراء قيمة الهدر في استهلاكها بحوالي 35%
ومن ثم اختفاء ظاهرة الاسواق السوداء للمواد المدعومة خاصة المازوت الذي
يباع حاليا في السوق السوداء ..
اليوم باعتقادي ان الحكومة ستتجه لحل اشكالية دعم الخبز عبر توزيع الدعم
نقدا" وبشكل مباشر على المواطنين وهنا سيتم تخفيف استنزاف خزينة الحكومة
لتأمين القمح وسيتولى المواطن دور الرقيب كون اية وفر محقق سيحصل عليه
المواطن بشكل مباشر وهي خطوة برأيي تأخرت سنوات طويلة لعدم الرغبة بالمساس
برغيف الخبز او بمعنى ادق التباعد بين الحكومة والمواطن لجهة التفكير مع
التلاقي لناحية الاهداف.
رفع الدعم وتوزيعه بشكل مباشر على المواطنين يعني توجيه مئات المليارات
يوميا من دورة اقتصادية مشوهة هي دورة الدعم السلعي وتحويل تلك المبالغ الى
دورة اقتصادية يشارك فيها المواطن بدورين دور المستفيد ودور الرقيب ,
وبالتعبير عما سبق بلغة الشارع فإن الحكومة ستحول المبالغ المستنزفة عبر
تشوهات الدعم الى المواطنين بشكل مباشر .
هنا ستحرر اسعار السلع وبالتالي المنتج سيعمل على تقديم مزايا تنافسية
للحصول على الاموال التي حولتها الحكومة وتنتعش الاسواق بفعل الفوائض
المحولة من جهة وتعديل آليات التسعير من جهة أخرى.
اليوم الحكومة يجب ان تعمل بشكل سريع على اعادة التوازن المختل نتيجة تخفيف
الدعم بدون تقديم الدعم النقدي حتى تاريخه ,والخطوة الثانية تكون
بالإنتقال إلى قطاعات الصحة والتعليم لتكون عملية البناء الاقتصادي في
المرحلة القادمة مستندة على اسس وبنيان متين.
اخر الكلام نقول لا الحكومة السورية ولا يوجد حكومة في العالم قادرة ضمن
الظروف الحالية التي يواجهها العالم على تقديم الدعم للمواطنين بالشكل
الحالي وكل تأخير في الاجراءات المطلوبة لتعديل سياسة الدعم يعني المزيد من
استنزاف الخزينة العامة لصالح تجار الحروب والازمات.
المشهد
المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=131&id=200397