10 عوامل ضاغطة هزت سوق الأسهم السعودية في 2025
31/12/2025





سيرياستيبس 
غالب درويش _ اندبندنت عربية 

أجمع محللون لـ"اندبندنت عربية" على أن تراجع سوق الأسهم السعودية "تاسي" خلال عام 2025 إلى أدنى مستوياته في عقد يعود إلى تضافر 10 عوامل ضاغطة.
وبينوا أن من أبرز تلك العوامل استمرار الفائدة المرتفعة وتراجع السيولة نتيجة توجه رؤوس الأموال نحو أسواق التكنولوجيا العالمية شكلا العائق الأكبر، يضاف إليهما تقلبات أسعار الطاقة وتراجع أرباح القطاعات القيادية كالبتروكيماويات والبنوك.
وأشاروا إلى أن التقييمات المبالغ فيها والضغوط الجيوسياسية، إلى جانب عدم اليقين المرتبط بتوجه الاستثمارات نحو الذكاء الاصطناعي عالمياً، سرعت من عمليات جني الأرباح وأضعفت قدرة المؤشر إلى الصمود.
وأوضحوا أن أسعار الفائدة لم تكن مجرد متغير نقدي، بل عامل هيكلي عمق تراجع السوق عبر رفع كلفة الفرصة البديلة ودفع المستثمرين نحو العوائد الآمنة في الصكوك والودائع على حساب الأسهم.
وبينوا أن هذا الضعف في التدفقات النقدية وضع "تاسي" في موقف حرج مقارنة بالأسواق الناشئة، إذ هيمنت القوى البيعية في ظل غياب المشترين الكبار، مما أدى لفقدان مستويات دعم جوهرية تحت وطأة شح السيولة وانكشاف المؤشر أمام التقلبات العالمية.
ولفتوا إلى أن المشهد الحالي يمثل مزيجاً بين تصحيح موقت يعقب طفرة العامين الماضيين، وتحول هيكلي يعيد توجيه البوصلة نحو الشركات المرتبطة بمشاريع النمو المستدام بدلاً من القطاعات التقليدية.
أسوأ أداء في عقد
سجل مؤشر "تاسي" أداء سلبياً عام 2025، إذ انخفض بنحو 12.21 في المئة منذ بداية العام حتى نهاية جلسة تداول 28 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، ليصبح بذلك أسوأ أداء سنوي في نحو 10 أعوام.
تعكس مسيرة "تاسي" خلال عام 2025 مساراً متقلباً، ففي نهاية الربع الأول من العام أغلق المؤشر قرب 12415 نقطة، قبل أن يدخل في مرحلة تراجع واضحة خلال الربع الثاني من العام ذاته ليقفل عند نحو 11164 نقطة، فاقداً أكثر من 7.2 في المئة من قيمته.
وفي الربع الثالث، ظهر ارتداد محدود، ليصل المؤشر إلى 11503 نقاط، غير أن البيانات الحارية أشارت إلى تداول المؤشر حول نطاق 10600 نقطة، مسجلاً أدنى مستوياته السنوية في 2025.
ولفتت البيانات إلى أن أكثر الفترات حساسية في التداول كانت نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عندما تكبدت سوق الأسهم السعودية انخفاضاً شهرياً هو الأعمق منذ بداية العام، بلغ 9.1 في المئة، ما يعادل 1065 نقطة.
جاء هذا الأداء السلبي نتيجة التراجع الحاد في مؤشرات القطاعات الرئيسة كالبنوك بنسبة ثمانية في المئة، والطاقة بنسبة 5.2 في المئة والمواد الأساسية بواقع 9.2 في المئة، والمرافق العامة بأكثر من 18 في المئة.


تراجعت القيمة السوقية بأكثر من 1.4 تريليون ريال (370 مليار دولار) خلال الفترة الممتدة من نهاية ديسمبر 2024 وحتى جلسة 28 ديسمبر الجاري لتستقر عند نحو 8.8 تريليون ريال (2.35 تريليون دولار).
فرص استثمارية بديلة
قال المستشار الاقتصادي بالأسواق المالية، محمد الشميمري، إن الأداء الضعيف للمؤشر خلال العام الحالي، الذي يعد الأقل نمواً منذ نحو عقد، يعود إلى تداخل عوامل معقدة أبرزها السياسة النقدية الأميركية، إذ دفع رفع أسعار الفائدة من قبل "الاحتياطي الفيدرالي" نحو جاذبية أدوات الدخل الثابت كالسندات على حساب الأسهم.
وأوضح أن ربط الريال بالدولار جعل السوق تتبع السياسة النقدية الأميركية بصورة غير مباشرة، ما رفع كلفة التمويل، تزامناً مع ضغوط السيولة المحلية الناتجة من توجه بعض المستثمرين نحو فرص استثمارية بديلة تتيحها "رؤية السعودية 2030"، فضلاً عن دخول السوق في مرحلة تصحيح فني بعد أعوام من الصعود القوي وتقلبات أسعار النفط التي أثرت في معنويات المتعاملين بقطاع البتروكيماويات.
وأشار الشميمري، إلى أن تأثير أسعار الفائدة كان مباشراً وعميقاً، إذ أدى ارتفاعها إلى ضغط هوامش ربحية الشركات وزيادة جاذبية الودائع المصرفية ذات العائد الخالي من الأخطار، مما سحب الأموال بعيداً من قاعات التداول.
وبين أن تراجع السيولة كان عاملاً حاسماً، بخاصة مع انخفاض حجم المضاربات من قبل الأفراد وتوجيه جزء من التدفقات النقدية لتمويل المشاريع الإنشائية والصناعية الكبرى خارج نطاق السوق المالي، مما أدى إلى انخفاض وتيرة التداولات وزيادة حدة التقلبات السعرية.
ولفت إلى أن ما تشهده السوق حالياً هو مزيج بين تصحيح دوري موقت وتحول هيكلي شامل، فبينما يرتبط الجزء الدوري بانتظار دورة خفض الفائدة العالمية وتحسن المعنويات، يبرز التحول الهيكلي في انتقال مركز ثقل الاقتصاد نحو القطاعات غير النفطية، مع زيادة نضج المستثمرين وتركيزهم على الأساسيات الربحية.
إعادة ضبط
أكد المدير التنفيذي لشركة "الصك لتداول الأوراق المالية" محمود عطا، أن السوق السعودية تمر بمرحلة "إعادة ضبط" لتتوافق مع التحولات الاقتصادية الكبرى، مشدداً على أن الأداء المستقبلي سيكون أكثر انتقائية لمصلحة الشركات ذات نماذج الأعمال القوية والقادرة على النمو في ظل البيئة الجديدة.
وأوضح أن استعادة الثقة والسيولة تدريجاً مع استقرار السياسات النقدية العالمية وتحول مستهدفات الرؤية إلى عوائد ملموسة في القوائم المالية للشركات المدرجة، مشيراً إلى أن السوق لم تعد معزولة عن المنظومة المالية الدولية، بل أصبح جزءاً منها يخضع لإعادة تسعير الأصول بناء على معايير المخاطرة والعائد العالمية.
عوامل رئيسة
بدورها، أوضحت المتخصصة في أسواق المال والمديرة الإقليمية لأكاديمية "تداول بالعربي" مها سعيد، إن أداء مؤشر "تاسي" خلال عام 2025، الذي يعد الأقل نمواً منذ عقد، جاء نتيجة تضافر 10 عوامل رئيسة، في مقدمها بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، إذ استمر البنك المركزي السعودي (ساما) في مواءمة سياسته النقدية مع قرارات "الاحتياطي الفيدرالي" الأميركي، مما رفع كلفة الاقتراض للشركات وزاد من جاذبية الودائع والصكوك على حساب الأسهم.

وأشارت إلى أن تراجع متوسط قيم التداول اليومية عكس ضعف السيولة وخروج رؤوس أموال بحثاً عن عوائد في أسواق أخرى، تزامناً مع تقلبات أسعار النفط التي أثرت في معنويات المستثمرين، وتراجع أرباح شركات قيادية في قطاعي البتروكيماويات والبنوك عن المستويات المتوقعة.
وبينت أن وصول تقييمات عديد من الأسهم إلى مستويات مرتفعة دفع المستثمرين لتنفيذ عمليات جني أرباح واسعة، تزامنت مع تخارج صاف للاستثمارات الأجنبية نحو الأسواق العالمية التي انتعشت بطفرة الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن تأثير الضغوط الجيوسياسية الإقليمية.
مرونة فعلية
أكد نائب رئيس مجلس إدارة "مباشر كابيتال هولدنغ" إيهاب رشاد أن السوق السعودية باتت أكثر ارتباطاً بالسيولة والتحولات الاقتصادية الكلية العالمية، مشدداً على أن نضج السوق الحالي يتطلب من المستثمرين التركيز على القطاعات التي تظهر مرونة فعلية وقدرة على التوسع النوعي.
وأشار إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد توازناً جديداً في تقييمات الأسهم بما يتواكب مع تراجع ضغوط الفائدة وتحسن التدفقات النقدية الداخلة، مما يعزز من مكانة "تاسي" كوجهة استثمارية رائدة في المنطقة خلال الأعوام المقبلة.
3 سيناريوهات ترسم ملامح 2026
في استشرافهم لمسار عام 2026، وضع المحللون ثلاثة سيناريوهات ترسم مستقبل المؤشر، إذ يتوقع "السيناريو الأساس" تعافياً تدريجاً نحو مستويات 12500 نقطة بدعم من خفض الفائدة واستقرار النفط فوق 80 دولاراً، بينما يطمح "السيناريو المتفائل" لتجاوز حاجز 13 ألف نقطة في حال تدفقت استثمارات أجنبية ضخمة ونمت أرباح قطاع التقنية بصورة مفاجئة.
في المقابل، حذروا من "سيناريو متشائم" قد يهبط بالمؤشر إلى ما دون 10 آلاف نقطة إذا ما استمر التضخم العالمي أو تصاعدت التوترات الجيوسياسية مع تراجع حاد في أسعار النفط.
وأوضحت مها سعيد أن سيناريوهات عام 2026 تضع "التعافي التدريجي" كخيار مرجح، إذ يتوقع أن يبدأ "الاحتياطي الفيدرالي" الأميركي في خفض الفائدة، مما يحسن جاذبية الأسهم ويدفع المؤشر نحو مستويات تراوح ما بين 12000 و12500 نقطة، مدعوماً باستقرار النفط فوق 80 دولاراً.



المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=131&id=204116

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc