طبعاً،
لن يكون المناخ الاقتصادي الجاذب كافياً بمفرده، لا بد من توفير عوامل
الأمان. الأمر ببساطة، أنك تستطيع استقطاب المال بالترغيب، لا بالترهيب.
فأسئلة: كيف خرج المال من سوريا؟ ومن أين اشتريت دولاراتك؟ وكيف استعدت
وديعتك؟ ومن أين لك هذا؟ وما شابهها، كفيلة بالقضاء على أي فرصة لاستقطاب
تلك الودائع، بما تشكله من كتلة نقدية ضخمة (ذهبت بعض المصادر إلى أنها
تقارب 18 مليار دولار، وبعضها إلى 40 مليار دولار). هذا الحجم من القطع
الأجنبي المتوقّع قطافه، إن أجيدت الاستفادة من الظرف، سيكون كفيلاً بتحقيق
قدر من التوازن في سعر الصرف. إنّ استقطاب الاستثمار، حلّ نافع لدفع عربة
لا عجلات لها. وضمان دخول القطع الأجنبي إلى حيازة المصارف الحكومية، سواء
بالتصريف، أم بالودائع، أم غيرها من الطرق، سيحوّل القطع إلى سلاح في يد
الدولة، بدلاً من أن يكون وسيلة تهديد في أيدي حيتان المضاربة. وإذا ما نجح
سحب كتل القطع النقدية من الودائع الخارجية، وضمان تصريف الكتل النقدية
البسيطة من الحوالات، عبر قلب القرار القاضي بتسليم الحوالات الكبيرة (5
آلاف وما فوق) بالدولار، وجعله عكسياً عبر تسليم الحوالات الأقل بالقطع
الأجنبي، أو بسعر صرف منطقي، ستنطفئ السوق السوداء تدريجياً؛ ويتحسن سعر
الصرف.
وإذا ما ترافق ذلك بتوسعة في القروض المتاحة أمام أصحاب المصانع
السورية، فسنخطو خطوة كبيرة نحو تحريك عجلة الاقتصاد. وسنكون أمام عصفورين
يُصطادان بحجر واحد: حل معقول لتثبيت سعر الصرف (أو تقليل اضطراباته)،
وتنشيط للاستثمار عبر تفعيل الإقراض للمصانع، والمزارع، تمهيداً لإعادة
بناء اقتصاد إنتاجي. فوق هذا وذاك، سيكون ضرورياً السماح بتثبيت رؤوس أموال
المستثمرين بالدولار، مع فرض بعض القيود على إغلاق الأعمال، في مقابل
تسهيلات كبيرة على إطلاق الأعمال، وليس العكس كما يحدث الآن، فإعلان
الإفلاس وإنهاء أعمال شركة ما، أصبح أسهل من التعاطي مع كوارث الاقتصاد
اليومية. مشكلة هذه الكوارث ليست أنها غير قابلة للحل، بل هو عدم الاعتراف
بأنها كوارث تستوجب البحث عن حلول، الاستخفاف سيد المواقف؛ وعلى الإنسان أن
يخاف دوماً مما يستخفّ به.
الاخبار
المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=126&id=179410