العصمة بإيدي!
27/01/2020




 

 

 

فاطمة عمراني

 

 

 

"بيت بإسمي، طقم ذهب، محبس ألماس، عشرة مليون ليرة سورية مقدم، ومثلها المؤخر، خمسة مليون ليرة للكسوة".

 

عدّلَتْ وضعية جلوسها ووضعت ساقاً على أخرى، تنحنحت قبل أن تتابع: "وبدي عرس كبير تحكي فيه كل البلد".

 

ابتسمت بكبرياء في وجه العريس الذي قطع كيلو مترات كثيرة في الطائرة حتى يظفر بعروس سورية، لطالما رسم صورتها في خياله مستلهماً من مسلسلات الدراما الشامية، حتى كاد أن يسمع صوتها في بيته وهي تناديه "تؤبرني ابن عمي".

 

لن يمانع العريس من دفع أي مبلغ للظفر بهذه العروس، فكلمة "تؤبرني ابن عمي" هي كل ما يحلم به اليوم.

 

"نعم موافق"، هز رأسه وهو يرد على شروط وطلبات العروس، قرأ الفاتحة بحماس شديد ثم استأذن بالمغادرة.

 

"ليش ما طلبتي عشرة مليون مقدم وعشرة مأخر متل بنت خالتك، هي كمان تزوجت غريب"، تساءلت أمها غاضبة لكنها هدأت فوراً بعد أن أقنعتها العروس بوجوب عدم المقارنة بينها وبين ابنة خالتها، فهي مطلقة ويجب أن تراعي هذه النقطة وألا تطفش العريس، وكل شيء له ثمنه في عرف الزواج.

 

كان عرساً خيالياً كما تمنت، فستان الأحلام، جميع الحاضرات يتهامسنَ، لا بد أنهنَّ غيورات حسودات، مغتاظات من زواجها السعيد، وعريسها الغني.

 

العريس لم يصدق نفسه في الأيام الأولى من الزواج، الحياة وردية، وعبارة "تؤبرني ابن عمي" لا تفارق لسان زوجته. وسريعاً أغرقت صور عصافير الحب والغرام حسابات الزوجين على السوشال ميديا، فهي مخلوقة من ضلعه، وهو السند والزوج والحبيب.

 

أيام قليلة وتبين لكليهما أن الحياة الزوجية ليست بفستان جميل، ولا عرس خيالي، ولا بمهر كبير، وبالتأكيد ليست بـ " تؤبرني ابن عمي".

 

لم يكملا عاماً في بيت الزوجية، وسرعان ما تبدلت عبارات الحب والغرام الفيسبوكية، بعبارات التهديد والوعيد والظلم والانتقام، وانتشرت أخبار خلافهما بين الناس كالنار في الهشيم.

 

تنازلَت عن كل شيء، البيت، الذهب، المهر، وحتى خاتم الألماس الذي أكادت به الحاضرات في عرسها، مقابل الطلاق الذي نالته بشقّ النفس.

 

لكنها فتاة قوية، بالرغم من كونها لم تبلغ التاسعة عشر، وقد تطلقت مرتين، إلا أنها لن تسمح للشامتين بالنيل منها، ولن تقبل بشاب فقير كزوجها الأول، ولا بشاب بخيل وعنيف كزوجها الثاني، ستصبر وتنال عريساً غنياً يدللها كزوج ابنة خالتها.

 
جلسَتْ أمام العريس الثالث، وضعت ساقاً فوق أخرى، "بدي بيت بإسمي، طقم ذهب، محبس ألماس، عشرة مليون ليرة سورية مقدم، ومثلها المؤخر، خمسة مليون ليرة للكسوة". وتنحنحت قبل أن تنهي كلامها "والعصمة بإيدي"!
 



المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=127&id=179086

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc