لاقيصر ... ولا أم قيصر ..
27/05/2020




كتب رجل الأعمال والصناعي محمد السواح :

ثمة ماكينة اعلامية وسياسية تحاول وتعمل ليل نهار من أجل تسويق قانون قيصر الأمريكي عبر تقديمه كمنصة رعب ليس للدولة السورية بل كل من يتعامل معها .. متناسين أن سورية تمكنت من بناء نهضتها الصناعية في تسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية الثانية بالاعتماد على مواردها رغم كل ما كانت تعاني منه من حصار وعقوبات ورغم أن الدول الصديقة كالصين ودول شرق اسيا لم تكن قد ظهرت بالشكل الذي هي عليه حاليا وحيث تبدو وجهتنا الرئيسية .

اليوم الجميع يعلم أننا كقطاع خاص غير معنيين بهذا القانون ...أولا لأنه لا يقصدنا كقطاع خاص بل هو موجه للقطاع العام و بإمكاننا ألا نقوم بإبرام عقود مع الدولة وثانياً وهو الأهم فإن كل البزنس والشغل ومتطلبات النهوض من آلات ومواد و تكنولوجيا هي موجودة عند الأصدقاء وأولهم الصين وهي أرخص وتتمتع بجودة عالية ..

القصد أنّه في الحالة الطبيعية للتجار والصناعيين فإنهم قادرين على الاستغناء عن كامل مضمون قانون قيصر وعن أم قيصر وقد لايعنيهم بالمطلق إن رغبوا , فثمة حقيقة تقول أن كل دول العالم التي تقوم بالإعمار والنهوض تعتمد على شرق آسيا وفي الغرب من يصيح أنا موجود لا تنسوني....الحقيقة أم قيصر أفلست ولم يبقى لديها إلا الزعرنة والإعلام ..

في الحقيقة منذ أشهر طويلة والسوريون يتعرضون لضخ إعلامي مركز وموجه يقوم على التخويف والترهيب من قانون قيصر وكأن البلاد مع موعد مع الانهيار الحتمي .. عشرات المقالات والأخبار والتحذيرات تضخ بشكل يومي في وسائل الإعلام وكأن الساحة قد أفرغت من صوت يقول لهذا القانون إنك مجرد قنبلة صوتية لن تؤثر في حياة السوريين الذين ألفوا العقوبات وصاروا أساتذة في التحايل عليها ..

قبل 30 عاما عندما قررت الولايات المتحدة حصار ومعاقبة السودان بما يشبه قانون قيصر , قام حصارها على منع استيراد أي شيء من السودان باستثناء المطاط ليتبين أن السلعة الوحيدة التي تستوردها الولايات المتحدة من السودان هي المطاط ..

ليكتشف الجميع أن حصار السودان لم يكن إلا مجرد فقاعة قاموا بتضخيمها في الاعلام ليضغطوا على الاقتصاد والناس بينما كانت مصالحهم مع المطاط قائمة ودون أن تمس .. وفي الحقيقة كان المطاط يختصر كامل العلاقات الاقتصادية بين البلدين ؟

المطمطة الاعلامية والمبالغة في الترويج لقانون قيصر اليوم تقوم على تقديم قيصر وكأنه غول سيأتي على كل شيء "مع الاشارة الى أن مطاط قيصر في سورية هو مناطق النفط التي يقومون بسرقتها أصلا ماذا يمكن لأي احتلال وأية عقوبات أن تفعل أكثر من سرقة النفط السوري ؟ "

الآن ليأتي من يقول لنا ما هي السلع التي تستوردها سورية من الولايات المتحدة ولا يمكن الاستغناء عنها ...

وماذا تصدر سورية الى هذا البلد ومن الصعب وصوله في ظل هذا الانفتاح التجاري ؟

ليقل لنا ما هي الاستثمارات الأمريكية والغربية التي ستخسرها سورية بل ليخبرنا أحد ما عن اسم شركة أمريكية أو غربية واحدة تستثمر في سورية وعليها المغادرة فورا بأمر من قيصر

في الحقيقية لايوجد علاقات اقتصادية وتجارية واستثمارية بين سورية والولايات المتخحدة وكل المصالح الاقتصادية الأمريكية سورية قامت على قاعدة الاحتلال والسرقة .. لذلك فإن كل تلك العرقلة التي يمكن أن يخلقها قيصر قد خبر السوريون وأصدقائهم التعامل معها والالتفاف عليها

منذ سنوات طويلة وسورية تتكيف مع علاقات اقتصاية وتجارية صفر مع الولايات المتحدة , ومنذ سنوات طويلة وسورية سواء في القطاع العام أو الخاص تخلق البدائل مع دول أخرى كالصين وشرق أسيا المصدر الرئيسيي للمستوردات الى الأسواق السورية وهذه الدول لاتخضع للعقوبات ولاتكترث لها بل إن علاقاتنا الاقتصادية والتجارية السياسية معها قوية واستراتيجية وأكثر ؟

قيصر يا سادة ليس إلا حكاية عرش يستمد سلطته من الترويج لسمعته التي يتقنون تضخيمها وإظهارها وكأنها ستبتلع سورية عبر سجنها في عقوبات قاسية لايمكن الخروج منها , وفي حقيقىة الأمر والجميع يعلم فإن سورية تتقن التعامل مع العقوبات منذ سنوات طويلة وتعرف جيدا مخارج الأمور ومداخيلها وألفت بشكل جيد التعامل مع فواتير الحصار والعقوبات .

في الثمانيات كان الحصار على سورية في أوجه قُطعت كل منابع المال عن سورية وفي مقدمتها المال الخليجي .. لم تستسلم سورية للأمر فأقامت نهضتها الصناعية والانتاجية الذاتية في مطلع التسعينيات وصارت من الدول التي تأكل مما تزرع وتلبس مما تنسج ..

لقد بنت سورية نهضتها الصناعية بالاعتماد على ذاتها وعلى مواردها المتنوعة ولم تكن هناك شركة خليجة واحدة قد استثمرت في سورية ولا اي شركة امريكية ولاغربية في ظل منع تدفق رأس المال الأجنبي الى سورية في تلك الحقبة .. ومع ذلك تمكنت سورية أنذاك من العبور الى الازدهار متجاوزة كل القيود والعقوبات والحصار.

لقد نهض السوريون بالاعتماد على ذاتهم ومواردهم وعرفوا كيف يتواصلون مع الدول الصديقة وينسجوا معها العلاقت التجارية علما أنه في التسعينات لم يكن هناك ما يسمى دول شرق أسيا بالامكانيات الخيالية الحالية ولم تكن الصين بالإمكانيات الكبيرة التي تفوقت بها على الولايات المتحدة في الزمن الحالي .

اليوم تبدو قدرتنا على التعامل مع قانون كقيصر أفضل بكثير من تعاملنا مع حصار الثمانينات و التسعينيات ..

بل تبدو القدرة على التعامل مع العقوبات والحصار وحتى قانون قيصر اليوم افضل لأن لدينا حلفاء أقوياء لايكتثرون للعقوبات .

مرة أخرى نؤكد أن قيصر يأتي كقنبلة صوتية بعدما جربنا ما هو أصعب وبعدما خبرنا البدائل واحترفنا التعامل معها لتأمين احتياجتنا ومتطلباتنا .

نحن اليوم نتطلع لبناء اقتصادنا عبر إعلاء كلمة الزراعة الصناعة وهذا كله يعتمد على إمكانياتنا ومواردنا ..

فعلى عتبات حقولنا ومعاملنا سيقف كل القياصرة مهزومين غير قادرين على النيل من إرادتنا و توكلنا على الله

فقط علينا أن نثق بالله وبقدرتنا المستمدة من الله القدير على التعامل مع أية عقوبات وأن نؤسس لخروجنا من الحرب ونحن أكثر التصاقا ببلدنا وبأرضنا وبما تكتنزه من خيرات ..

لنساهم جميعا في إظهار قانون قيصر على حقيقته انطلاقا من الواقع وليس البروبوغندا الاعلامية التي يحاولون اللعب بها علينا لنغدو مستسلمين خانعين خائفين ؟

فكلما فهمنا قيصر بشكل أفضل كلما تمكنا من إضعاف سلطته وهيبته وأجبرناه على الجلوس بعيدا عنا يتفرج مستمتعا بما يكتب عنه ..



المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=137&id=182798

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc