من الآخر...مخالعة بقرار حكومي
02/12/2008



 بقلم ناظم عيد

من يخدم من، الدولة أم الموظف، وبصيغة أدق المؤسسات الحكومية أم العاملون فيها؟؟. هي جدلية تفرض نفسها هذه الأيام، في واجهة العلاقة بين الطرفين، بعد رائحة عدم الثقة الفوَّاحة وسلسلة المقدمات التي أفضت إلى هكذا نتيجة.

وباتت عبارة (خدمت الدولة ثلاثين عاماً) التي غالباً ما يطلقها من يستعدون لبدء حياة ما بعد الوظيفة، بحاجة إلى إعادة نظر، رغم يقيننا بأننا لن نسمع يوماً اعترافات متقاعد يقول: (خدمتني الدولة) حتى ولو كان من ذوي المناصب، ممّن أحسنوا استثمار مواقعهم وحسبوا حساب المستقبل بحفنة مدخرات، ظاهرها حفظ لماء الوجه، وباطنها ثروة وأموال لا تأكلها النيران.

الآن، لا الدولة راضية عن أداء موظفيها، وثمة تهم بالتقصير، وأدلة على القصور، ولا الموظف راضٍ عما يحصل عليه من بدلات أتعابه، ويعتبر الراتب ليس سوى تأمين بطالة كالذي تمنحه الدول المتقدمة للعاطلين عن العمل.

الدراسات قدَّرت يوميَّة الموظف السوري التي يقضيها في خدمة المؤسسة بـ 38 دقيقة عمل. والدراسات ذاتها قدَّرت متوسط الدخل الشهري لموظف القطاع العام بما يوازي مصروف جيب أمثاله في دول أخرى، أحوالها الاقتصادية ليست أفضل من أحوالنا.

الدولة تعلن أنه لا وظائف جديدة ستحدث في ملاكات مؤسساتها، والبلد كلها تتندّر على تفاصيل ويوميات معيشة الموظف الحكومي، وفي النتيجة الدولة توسع ملاكات مؤسساتها وتطلب موظفين، والعاطلون عن العمل يصرون على الوظيفة الحكومية، ويدفعون الرشاوى لتحريك الوسائط من أجل الفوز بفرصة في القطاع العام. ويبقى حتى العاملين في القطاع الخاص، أو المهن الحرة، في خانة العاطلين عن العمل وفق أدبيات مجتمعنا الدارجة!!.

لقد وصلنا إلى حال بدت فيها الصورة وكأن تعايشاً قسرباً يحصل بين الدولة والموظف لا هي ترغب به ولا هو يرغب بها، لكنها بحاجة ماسة إليه بل إلى المزيد، وهو بحاجة أمسّ لها.

بصمت يعلن من يمتلك جرأة الإعلان من القائمين على المؤسسات العامة، عن نقص في الكوادر وعن حاجة مؤسسته لعدد غير قليل من العاملين الجدد، مناقضاً تصريحات أطلقها آخر وبلهجة لا تخلو من (المنّة) أنه يعاني فائضاً في العمالة.

وأرقام سوق العمل تتحدث عن متوالية زيادة أعداد الوافدين سنوياً، وطالبي الفرص مهما تدنت عائداتها.

تناقض، مناورة، مكابرة، وسلسلة أخرى من المصطلحات المشابهة، تبدو مناسبة الآن لتوصيف العلاقة بين الدولة كصاحب عمل، والموظف كعامل، واعذرونا لأننا أخرجنا هكذا علاقة مختلَّة إلى دائرة الضوء، ورصدنا تفاصيلها، فحسبنا أن نجد لها حلاًّ، لأنها التهديد الأكبر لما نطلق عليه الآن مساعٍ تنموية.

بما أن مفهوم الدولة كحاضنة دافئة قد أُلغي في ثقافة الموظف الجديدة، ومفهوم العامل كأداة تنموية تتحرك بوازع الانتماء، قد أُلغي من نظرة الدولة إلى عمالتها.

لا أحد يتصدق على أحد، هي الحقيقة التي يجب أن يعترف بها الجميع، كبداية لإعادة الثقة. وحسبنا ألا نكون حالمين!!.

 



المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=160&id=241

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc