قرارات ذكية
12/10/2009



كما هي عادتها في مواجهة كل أمر طارئ أو غير طارئ، لا تفصح الحكومة عن خططها، ولعلها لا تبدأ في التفكير والتخطيط أصلاً إلا بعد وقوع الكارثة أو وصول الاستحقاق المعني إلى النقطة التي لا مفر عندها من اتخاذ قرار ما. وطبعاً يحمل قرار اللحظة الأخيرة هذا كل مواصفات القرار المستعجل إن لم نقل المرتجل، من قصر نظر وعدم دقة وإغفال جوانب هامّة من القضية المعنية.

آخر إنجازات الحكومة على هذا الصعيد هو طريقة تعاملها الباردة مع مرض أنفلوانزا الخنازير، وهذا أمر كان ليحسب لها بأنّها تتصرف بروية وبرودة أعصاب مع مرض فرض استنفاراً وحالة طوارئ في معظم دول المعمورة، لكن الأمر للأسف ليس كذلك، والدليل أنّنا نكاد لا نلمس إجراءات ملموسة على الأرض تخص الوقاية من المرض أو منع وصوله إلينا عبر المنافذ الحدودية، والأهم، أو الأكثر سخونة هو مصير الحجاج هذا العام.. هل سيكون لدينا حج هذا العام أم لا؟.. في ضوء أنّ السلطات السعودية أعلنت أنّها لن تستقبل أي حاج لم يتلقى اللقاح المخصص لهذه الغاية ومعلوم أنه وخلافاً لمعظم دول العالم. فإنّ الحكومة لم تعلن عن نيتها شراء اللقاح المخصص للمرض والّذي تعكف شركات عالمية متخصصة على إنتاجه، ومن المتوقع أن يرى النور بدءاً من الأسبوع الأول من الشهر الجاري. وأوصت السعودية مثلاً على دفعة أولى من خمسة ملايين جرعة، مصر على دفعة من عشرة ملايين جرعة، والجزائر على ما يزيد على خمسين مليون جرعة ومن المتوقع أن تتسلم هذه الدول طلبياتها قبل نهاية الشهر الجاري.

ترى على ماذا تعول الحكومة لمواجهة المرض إذا كانت استراتيجيتها تقوم على مجرد نصح المواطنين بغسل أيديهم قبل الطعام، وهي ليست في عجلة من أمرها لشراء اللقاح إذا كانت تنوي شراءه أصلاً؟

وبمناسبة تكتيكات اللحظة الأخيرة والتي يبدو أنّها ناجمة عن تأثر الفريق الاقتصادي في الحكومة بالفريق السياسي، فلا يزال المواطنون بانتظار قرار الحكومة بشأن قضية المازوت المدعوم أو المواطن المدعوم مازوتياً، وبعد إعلان الحكومة تخليها عن مشروع القسائم، لم تعلن بعد مشروعاً بديلاً، ما حدا ببعض الأذكياء إلى القول إنّ الحكومة تماطل في اتخاذ قرارها عن عمد بناء على خطة مدروسة تستهدف اكتشاف الفقراء الحقيقيين، لأنّ القادرين على شراء المازوت بسعره الحالي سوف يفعلون ذلك دون انتظار معونة الحكومة، أمّا العاجزون فسوف ينتظرون هذه المعونة حتى لو تأخر الإعلان عنها إلى الشهر المقبل أو الذي يليه.

في بعض دول العالم يخططون منذ سنوات للوصول إلى الحكومة الذكية في إدارة شؤون المواطنين، أمّا نحن فلدينا حكومة ذكية بالفطرة، وهذه نعمة نحسد عليها؟

عدنان علي -الخبر



المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=160&id=282

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc