إلا إن يفعلوها!
10/12/2006



تنعقد اليوم الندوة الوطنية الحادية عشرة للجودة، برعاية مباشرة من رئيس الحكومة، وتحت شعارٍ طنانٍ ورنانٍ، من يطلع عليه يقول: هنيئاً لهذا البلد، ومواطني هذا البلد، لكثرة ما تهتم الحكومة، والجهات المختصة التابعة لها بمسألة الجودة، حتى كأنها الشغل الشاغل لها إذ لا تغمض لها عين إن سمعت أن ثمة سلعة أو خدمةٍ ليست مستكملةً لعناصر الجودة من جهاتها الأربع.
وشعار الندوة هو:
" جودة الخدمات ارتقاء بالمجتمع نحو الأفضل"
المشكلة هنا أن الندوة الوطنية العاشرة للجودة، التي عقدت في العام الماضي بين 28 و29 تشرين الثاني، تناولت وبإسهاب موضوع جودة الخدمات، وتناوب خطباء ومحاضرون كثر ليثبتوا هذا الأمر، بعد أن برعوا بربطه بالمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي لا نشهدها على مستوى سوق السريجة، أو سوق الخجا، او سوق الزبلطاني، او سوق النسوان أو سوق هنانو أو سوق الدبلات في دمشق وحلب واللاذقية وحمص فقط وإنما على مستوى سورية كلها... لا بل وعلى مستوى الوطن العربي، لا يا سيدي وبل على مستوى العالم كله أيضاً.
وفوق هذا، أثبت خطيب العام الماضي هذه المعادلة بأنها تجلّت بنظام عالمي جديد- أي والله- ومن أبرز سماته اعتماده الكبير على التنافس –إي بالله يا عمي- ومن بعد "ذاليك" قيام تكتلات وشراكات اقتصادية "مو ظغيري هاه... ضخمي" تتسم ملامحه – أي هداك النظام العالمي... كلّو منّو- تتسم ملامحه بتحوّله نحو صناعة الخدمات كمورد اقتصادي هام. "لاء يا سيدي وفوق هادا " تحوّلت الكثير من الدول المتقدمة من الاعتماد الكلي على الصناعة إلى اقتصاد الخدمات.
ولكن المشكلة التي اقلقت المجتمعين في العام الماضي- بعد أن اكتشفوا ما نسيه العالم- هي الجودة... لا بل والجودة العالية للخدمات...
وأقرّوا أن وضع أسس الجودة في سورية يتطلب تنظيم قطاع الجودة فيها، وتوزيع المسؤوليات فيه، وفق الأسس المعتمدة عالمياً، وبما يضمن مصالح جميع الجهات العاملة في هذا المجال...
ولكن... ما هذه الأسس؟ ما لونها؟ ما شكلها؟ ما رائحتها؟ وكيف يمكن أن توزع المسؤوليات أكثر مما هي موزّعة؟ لدينا لجنة وطنية عليا للجودة، ولدينا جمعية علمية سورية للجودة، لدنيا هيئة مواصفات ومقاييس- أنا تعجبني المقاييس، بالمناسبة ولا تعجبني المواصفات- ولدنيا مركز الأبحاث والاختبارات الصناعية، ومركز للدراسات والبحوث العلمية، ولدينا مخبر مركزي في وزارة الاقتصاد، وفي كل محافظة مديرية تجارة داخلية تلاحق من يخون الجودة، ولدينا مديريات للجودة "متفرطعة" في كل مكان، ولدينا رقابة وتفتيش ورقابة مالية، ورقابة شعبية، وقضاء.. وشرطة وم.خ. ا... وكلهم يلاحقون الجودة، ومسؤولون عن الجودة... ومع هذا بالكاد لا نجد سوى السلعة الردئية والخدمة الأكثر رداءة!
ما أخشاه... أن تنصبّ جهود الندوة الحادية عشرة اليوم لإعادة اكتشاف ما نسيه العالم... مرة أخرى!!

علي محمود جديد



المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=160&id=78

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc