دمشق – رامي سلوم
سيرياستيبس : تراجعت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد في تبريرها لزيادة أسعار خدمات
الاتصالات اليوم عن معايير جودة الخدمة وتحسينها، مكتفيةً بتبرير الزيادة
بالتكاليف التشغيلية وضمان استمرار تقديم الخدمات، كما كان شائعاً في
غالبية التبريرات السابقة.
وفي الوقت الذي تعتبر الزيادة ضرورية في ظل التكاليف المترتبة على الخدمة،
حدّ بطء إنجاز مشاريع التحول الرقمي والاتصالات العصرية من قدرة الجهات
المعنية بالاتصالات على توفير النفقات المالية عبر العديد من الخدمات
الأخرى، والمساس بالاشتراكات العادية للمواطنين.
كذلك تهدد الزيادة في الوقت نفسه معايير الاتحاد الدولي للاتصالات، وأهمية
التوسع الأفقي والشفافية ووصول الخدمات لأكبر نسبة من الأشخاص، في ظل عدم
قدرة نسبة واسعة من المواطنين على تلبية التكاليف الإضافية للإشتراكات.
وتأتي الزيادة في ظل تردي واقع خدمات الاتصالات إجمالاً، وضعف جودتها، وقلة
فترات وصل الخدمة في جميع المناطق والتي تتزامن مع فترات وصل التيار
الكهربائي في أغلب الأحيان، وأعلنت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد عن
زيادة جديدة في أسعار خدمات الاتصالات، بنسب تتراوح بين 30% و 50%، وهو
الأمر الذي كان متوقعاً وبنسب أعلى بعد تعديل سعر صرف الدولار في المصرف
المركزي، وغيرها من الكلف الإضافية المتراكمة، والمتضخمة إجمالاً.
إلى ذلك، تشكل فواتير الاتصالات عبئاً إضافياً على المشتركين في ظل واقع
الدخل غير الملائم والذي اعتبرته مصادر في الاتصالات بأنه السبب الرئيسي
لتذمر المشتركين، بينما تعتبر خدمات الاتصالات في الدولة الأرخص في المنطقة
على حد تعبيرها.
وكان من المتوقع أن ترتفع أسعار الخدمات أيضاً بناءً على زيادة الكلف
التشغيلية وزيادة أسعار الطاقة وتكاليف الشحن وغيرها، غير أن توالي
الزيادات في أسعار خدمات الاتصالات من دون تحقيق قيمة مضافة حقيقية وما
تسميه الجهات المعنية بالاتصالات ب”استمرارية الخدمة”، رغم تقطعها في بعض
المناطق لدرجة الغياب التام مع الاستمرار في تحصيل الرسوم، لا يمكن تبريره
لشركات ومشغلين بحجم مشغلي الاتصالات تقنياً ومالياً وبشرياً، فقد حذى غياب
خدمات الاتصالات وتكاليفها المرتفعة والتي تشكل قسطاً كبيراً من مستوى
الدخل، بالعديد من مشتركي الخدمات إلى تقديم طلبات توقيف تلك الخدمات عنهم،
وخاصةً أنها غير ملبية لاحتياجاتهم، وذلك وفقا لمصادر في الاتصالات، والتي
توقعت أيضا زيادات جديدة في نسبة طلبات توقيف الخدمة، أو الامتناع عن
السداد وصولاً إلى توقيف وفصل البوابات وغيرها من الخدمات عن المشتركين.
من جانبهم، اعتبر خبراء، أن عدم قدرة الاتصالات على تنفيذ أغلبية المشاريع،
ونقل الخدمات إلى مستوى الشركات والأعمال وتحقيق الأرباح من خلال العديد
من الوسائل الأخرى المتنوعة والمختلفة عن التحصيل من خلال اشتراكات
الباقات، السبب الرئيسي في حاجتها المتكررة لتلك الزيادات مع زيادة
التكاليف، مؤكدين أن إنجاز عملية التحول الرقمي وغيرها من خدمات الاستضافة
والذكاء الاصطناعي والحماية، وخدمات الأعمال، يمكّن الاتصالات من الانتقال
إلى مستوى جديد من التحصيل يدعم قدرتها التطويرية وتكاليفها المرتفعة،
بمعزل عن الاشتراكات الفردية، حيث تعتبر أجهزة الاتصالات وتقديم الخدمات من
النوع المكلف عملياً.
ودعا الخبراء لتنشيط الأعمال المرتبطة بالاتصالات والذكاء الاصطناعي وتقديم
خدمات ملبية لرواد الأعمال للاستفادة من تحسين الاقتصاد، وأن لا تبقى تلك
التكاليف محصورة باستخدامات وسائل التواصل الاجتماعي لتهدر الإمكانات
الأشخاص والدولة بشكل عام.
|