سيرياستيبس
ميس بركات
على الرغم من أنها لا زالت حتى اليوم مجرد شائعات، إلّا أنها انتشرت كالنار في الهشيم بين فئة “مقتنصي الفرص”، فما إن شاع خبر ارتفاع سعر المازوت حتى بدأت رائحته تختفي من الشوارع وإعلانات بيعه بأسعار مخيفة عبر صفحات التواصل بالإزدياد مع استمرار تواجده بكميات وأسعار عشوائية في السوق السوداء، لتستمر رحلة البحث عن المازوت وسط مخاوف كبيرة من أن تتحول الشائعة إلى يقين. إذ يُنبئ المشهد المتكرر خلال الأسابيع الماضية على مرأى من عيون الجميع بتكرار سيناريو شح المادة هذا العام كما الأعوام الماضية، فمازوت التدفئة الذي بذل المواطنون قُصارى جهدهم الشتاء الماضي كما الأعوام الماضية لتأمين لترات قليلة تشعل الحطب أو بقايا حطام الأثاث المنزلي كان أو حتى الأحذية والأواني البلاستيكية القديمة علّ وعسى تخفف قسوة البرد المتزايدة مع نقصان وسائل التدفئة سيكون تأمين هذه اللترات من المعجزات في العام القادم لاسيّما وأن الأرقام المطروحة في الشوارع على عبوات تبدأ باللتر وتنتهي بآلاف اللترات في السوق السوداء لا تبشر بالخير.
وعلى الرغم من فقدان المادة وارتفاع سعرها تزامناً مع شائعة رفع سعرها رسمياً اتجّهت فئة “المرتاحين مادياً” لشراء استطاعتهم تجنبّاً للوقوع في فخ الشراء بأضعاف مضاعفة في الشتاء في حال وُجد!.. الأمر الذي وجد فيه تجار السوداء مصدراً متجدد للربح الوفير السريع خاصّة وأنّ سعر اللتر من المادة تراوح بين الـ 9000 ليرة وصولاً إلى 12 ألف الأسبوع الماضي، في المقابل ارتفعت أسعار الكثير من السلع بنسبة تجاوزت الـ 20% – بحسب تجار الجملة – تحت ذريعة شح المازوت وارتفاع سعره في السوق السوداء مع صعوبة تأمينه وبالتالي ارتفاع أجور شحن ونقل السلع، مؤكدين أن سلسلة ارتفاع الأسعار ستستمر وتتضاعف في حال ارتفع سعر المازوت بشكل صريح لتتجاوز نسبة رفع السعر ال40% في أحسن الأحوال.
ولأن قرار رفع سعر المازوت لم يخرج من دائرة “القليل والقال” فقد باءت محاولاتنا بتأكيد أو نفي الشائعة من مصدرها الرئيسي بالفشل!
في المقابل أكد محمد الحلاق عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق : أن رفع سعر السلع خلال الأيام الماضية لا يتعلّق بشائعة رفع سعر المازوت وزيادة الأجور فقط، وإنما بسبب ما تعانيه السوق المحلية من ما يسمى بتشوّه التكلفة الحقيقية، وهذا التشوّه سببه عدم ثبات عناصر التكلفة والذي يقوم التاجر بالالتفاف حوله والتحوّط من خلال زيادة السعر كضربة استباقية.
ولفت الحلاّق إلى أن ثبات التكلفة يؤدي إلى استقرار السعر وهذا يتم من خلال توفر المادة بكثرة وعند الكثير من ممارسي المهنة للوصول إلى التنافسية لا حصرها بأشخاص محددين.
وفيما يتعلق برفع سعر المازوت وانعكاسه على رفع سعر السلع نوّه عضو مجلس إدارة الغرفة إلى أن السلع المستوردة بسعر مرتفع والمُعدّة للبيع لن يؤثر عليها ارتفاع سعر المازوت إن حصل بأكثر من 1%، في حين ستصل النسبة على 3% للسلع المستورد والرخيصة، كما أن توزيع البضائع بعد استلامها في حال كان ضمن مناطق جغرافية متقاربة ستقل التكلفة والعكس صحيح.
وأرجع الحلّاق ارتفاع الأسعار إلى عدة إجراءات قامت بها الحكومة منها ارتفاع سعر المنصّة وارتفاع سعر الصرف الجمركي وعدم توفر المحروقات وانخفاض التنافسية، مشيراً إلى أن الحلول تكمن في استقرار التشريعات لفترة طويلة من الزمن وأن تكون منضبطة وقابلة للتطبيق، إضافة إلى خفض التكاليف ومعرفة الكلفة الحقيقية، إضافة إلى أهمية التوافق بين قطاع الأعمال والحكومة الاقتصادية للخروج من الدوامة التي وقعنا بها، مؤكداً أن أي حل خارج ما تم ذكره هو ضياع للوقت خاصّة وأن إجراء خفض فاتورة الاستيراد من 18 مليار يورو لعام 2011 إلى 6 مليار يورو في 2019 وصولاً إلى 4 مليار يورو في 2021 لم يؤت ثمره بل على العكس ازداد التهريب الذي يجب دراسة أسبابه لا إطلاق شعارات مكافحته.