سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:19/11/2025 | SYR: 02:28 | 19/11/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

 مقارانات مع دول أخرى تُظهر توحش الأسعار في سوريا
دعوات لإنهاء احتكارشركات الخليوي للسوق ومختصون يحذرون من أثار مجتمعية ؟
19/11/2025      


 

 

جاء رفع الأسعار شاملاً هذه المرة وغير مسبوق ووصل في بعض "باقات الإنترنت" إلى أسعار خيالية


سيرياستيبس :

سعر باقة شهرية 90 غيغا يبلغ 25 دولاراً من شركة "أم تي أن" السورية، في حين أن سعر أقرب باقة لها في الأردن يبلغ فقط 14 دولاراً

بينما لا يزال المواطن السوري "مذهولاً" من "الصدمة" التي وجهتها له حكومة بلاده برفع أسعار الكهرباء 60 ضعفاً، أعلنت شركتا الخلوي في سوريا رفع أسعارهما بصورة غير مسبوقة وبزيادة وصلت إلى 1100 في المئة، مما تسبب في استياء شعبي وموجة غضب واسعة وسط دعوات إلى مقاطعة شركتي الخلوي، وبخاصة أن رفع الأسعار جاء في ظل عدم تقديم أية خدمات جديدة أو تحسين في الأداء والجودة، وفي ظل ظروف مادية صعبة لا تتناسب مع دخل المواطن ولا الأسرة، ولا مع وعود تحسين الأوضاع المعيشية.

جاء رفع الأسعار شاملاً هذه المرة وغير مسبوق ووصل في بعض "باقات الإنترنت" إلى أسعار خيالية، حتى إن إحدى الباقات طرحت بسعر 2.8 مليون ليرة (250 دولاراً) وفقاً لسعر الدولار الرسمي البالغ "11000" ليرة.

ولجأت شركتا الخلوي في سوريا إلى إلغاء الباقات اليومية التي كان يعتمد عليها الناس البسطاء والموظفون والطلاب، وكانت كلفتها لا تتجاوز 500 ليرة (4.5 سنت)، واستبدلت بها باقة أسبوعية بخدمات أقل وبسعر 12 ألف ليرة (نحو دولار و9 سنتات)، أو باقة يومية بسعر 6 آلاف ليرة (54.5 سنت) مع تعديل بسيط في حجم الاستهلاك. أي إن الباقة ارتفعت من 500 ليرة إلى 6 آلاف ليرة للمستهلك البسيط، وأصبح الطالب أو المستخدم في حاجة إلى 180 ألف ليرة (16.3 دولار) شهرياً لشراء باقة إنترنت. أما الباقات الأخرى فجاءت بأسعار مرتفعة، من بينها باقة 1.5 غيغا لمدة شهر بسعر 24 ألف ليرة (دولاران و18 سنتاً)، وهو استهلاك لا يكفي ليومين بحسب الطلاب، على رغم أن الشركتين أعلنتا أنهما قامتا بدراسة الأسعار وفقاً للحاجات.

مواطنون سوريون رأوا أن الأسعار الجديدة "جريمة" في حقهم وتشكل عبئاً كبيراً لا يتناسب مع الدخل الحالي حتى لو جرى رفعه عدة أضعاف، مطالبين بالعودة عن قرار رفع أسعار الاتصالات والإنترنت وتحسين جودتها.

وقالت هنادي الياسين (محاسبة) "إن البنك الدولي نفسه قد يستغرب من لجوء الحكومة السورية إلى وصفات رفع الأسعار بهذه الصورة المتوحشة". وأضافت "أجزم أنه لو جرت استشارة البنك الدولي لنصح برفع الأسعار تدريجاً ومزامنته مع تحسين الرواتب بصورة حقيقية، رأفة بحال السوريين الذين يعانون فقراً جماعياً". ودعت المحاسبة السورية حكومة بلادها إلى إدخال شركات اتصالات عالمية جديدة تلغي احتكار الشركتين العاملتين داخل البلاد، وبخاصة في ظل سوء خدماتهما قياساً بالأسعار.

إلى ذلك دعا المحامي السوري باسل سعيد مانع إلى إلغاء عقدي استثمار شركتي الخلوي في سوريا، واستعادة الدولة لملكية الشركتين وفقاً للقانون، فقد حان الوقت لإنهاء احتكارهما للسوق.

مقارنات تظهر توحش أسعار الاتصالات

مواطنون سوريون، وفي سياق دعواتهم إلى مقاطعة شركتي الخلوي داخل البلاد، نشروا عبر منصات التواصل مقارنة بين أسعار الإنترنت في سوريا والأردن، وتبين لهم أن الإنترنت داخل سوريا أغلى بخمسة أضعاف من الأردن.

على سبيل المثال، سعر باقة شهرية 90 غيغا يبلغ 25 دولاراً من شركة "أم تي أن" السورية، في حين أن سعر أقرب باقة لها في الأردن يبلغ فقط 14 دولاراً، بالتالي فإن متوسط سعر الغيغا داخل سوريا 27 سنتاً في حين يبلغ 5 سنتات داخل الأردن.

وضمن مقارنة الفجوة بين الدخل وكلفة الاتصالات في سوريا وجارتها تركيا فإن سعر باقة 80 غيغابايت زائد 1000 دقيقة يبلغ 30 دولاراً من شركة "تركسيل" التركية، بينما الحد الأدنى للرواتب 526 دولاراً.

أما في سوريا فإن سعر باقة 75 غيغابايت زائد 1000 دقيقة يبلغ 25.5 دولار بينما الحد الأدنى للرواتب 85 دولاراً، أي إن المواطن السوري يدفع 30 في المئة من راتبه، بينما يدفع المواطن التركي 6 في المئة فقط من راتبه.

الوزارة تمهل شركتي الخلوي 60 يوماً

وزارة الاتصالات السورية، وتحت ضغط الاحتجاجات على الأسعار الجديدة والدعوات إلى المقاطعة، بادرت إلى إصدار بيان دعت فيه شركتي الخلوي إلى تقديم إطار تنفيذي واضح يشمل تحسين جودة الخدمة خلال 60 يوماً من تاريخه، وخريطة أولويات جغرافية لتحسين التغطية والخدمة، وجدولاً زمنياً محدداً لخطوات التنفيذ، ومؤشرات أداء قابلة للقياس لتوضيح مستوى التحسن.


وأكدت الوزارة أنها وجهت الشركتين بتقديم توضيح رسمي ومفصل يبين دوافع طرح باقات جديدة بأسعار مختلفة، وأثر ذلك على استمرار الخدمات المقدمة للمشتركين وتطوير جودتها، وأن يتضمن رد الشركتين إطاراً تنفيذياً واضحاً لتحسين جودة الخدمة خلال 60 يوماً، وخريطة الأولويات الجغرافية لتحسين الخدمة، وجدولاً زمنياً محدداً لخطوات التنفيذ، ومؤشرات أداء قابلة للقياس لبيان مستوى التحسن.

وأشارت الوزارة إلى أن شركتي الاتصالات الخلوية "سيريتل" و"أم تي أن" خاصتان ومستقلتان مالياً وإدارياً وتتحملان كلفة تشغيلية فعلية، ووجهت الوزارة الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد لتشديد المتابعة على تحقيق الشركتين لالتزامات التشغيل، وتطبيق الإجراءات الرقابية والإدارية المنصوص عليها في الإطار القانوني النافذ، والتي قد تصل إلى فرض غرامات وعقوبات تنظيمية بحسب اللوائح المعمول بها في حال ثبوت عدم الالتزام.

ردود المواطنين السوريين على بيان الوزارة كانت سريعة، وقالوا "متى كانت شركات الخلوي ترفع أسعارها من دون استشارة وموافقة وزارة الاتصالات؟".

وكتبت الأستاذة في كلية الاقتصاد بمدينة القنيطرة رشا سيروب منشوراً في سياق ردها على بيان وزارة الاتصالات والتقانة، بعنوان "هل تتنصل وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات من مسؤوليتها؟"، قالت فيه "بعد انتشار اعتراض المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي على رفع أسعار الخدمات في شبكات الهاتف الخلوي، نشرت وزارة الاتصالات والتقانة بياناً تخلي فيه مسؤوليتها ودورها في رفع الأسعار، بحجة أن الشركتين "خاصتان ومستقلتان مالياً وإدارياً". وأوضحت أن قرار التسعير يجب أن يكون بعد موافقة الهيئة الناظمة للاتصالات، ووفقاً للمادة 42 من القانون "يلتزم المرخص لهم ذوو الوضع المهيمن في السوق بالتقيد بالحدود العليا والدنيا للأسعار التي تعتمدها الهيئة". وبما أنه لا يوجد سوى شركتين فمن المفترض أنهما التزمتا الأسعار المعتمدة من قبل الهيئة.

وبحسب القانون أيضاً يجب الحصول على موافقة الهيئة الناظمة للاتصالات لتعديل الأسعار، وسألت ضمن سياق حديثها "هل تغيرت القوانين واللائحة التنظيمية من دون نشرها؟".

أضافت "برر بيان وزارة الاتصالات أن الموارد الذاتية للمشغلين الحاليين غير كافية للتطوير، علماً أن إيرادات شركة ’سيريتل‘ خلال الستة أشهر من هذا العام قاربت تريليوني ليرة سورية (تقريباً 181.8 مليون دولار) بنسبة زيادة 19 في المئة على الفترة نفسها من عام 2024. وبلغ صافي الربح بعد الضريبة 465 مليار ليرة تقريباً (42.3 مليون دولار)". في حين بلغت إيرادات شركة "أم تي أن" خلال الستة أشهر من هذا العام 794 مليار ليرة تقريباً (72.2 مليون دولار) بنسبة زيادة 10.26 في المئة على الفترة نفسها من عام 2024. وبلغ صافي الربح بعد الضريبة 130 مليار ليرة تقريباً (12.8 مليون دولار).

ورأت سيروب أنه على رغم حال عدم الاستقرار التي تمر بها سوريا وحال عدم التيقن المستقبلية، فإن الشركتين تؤكدان استمراريتهما وفق الموارد المتاحة. وختمت الأستاذة الجامعية منشورها بالقول "سابقاً كنا نقول إن شركتي الاتصالات الخلوية في سوريا هما ملك رامي مخلوف، لذلك كانتا تتخذان نفس القرارات في الوقت ذاته، هل بقي الوضع كما كان؟".

الأسعار الجديدة مجحفة وذات آثار مجتمعية

أيهم ناصر (مهندس اتصالات) أوضح أن قرار شركتي الخلوي وجرأتهما في رفع الأسعار بهذه الصورة غريب ويستدعي الوقوف عنده، واصفاً الأسعار الجديدة بالمجحفة، إذ ستكون لها آثار "مجتمعية" وليست اقتصادية فحسب، في ظل تأثر تواصل السوريين في الداخل مع 8 ملايين سوري مغترب، ويعتمد على الإنترنت بصورة كبيرة للتواصل الداخلي وهذا أمر طبيعي، لكن ضمن الظروف الحالية داخل البلاد يبدو الإنترنت الوسيلة الأهم للتواصل اليومي. وأشار إلى أن الإنترنت اليوم ليس حال ترف وتسلية بل شريان السوريين مع ذويهم داخل وخارج البلد على حد سواء، وهو سبيلهم إلى التعلم وحتى العمل. بل تحول لدى كثر إلى رأس مال للعمل، وبخاصة أولئك الذين يحاولون العمل من بعد أو يعملون في مجال التسويق وما شابه، بحثاً عن دخل يسترون به حاجاتهم اليومية. وقال "تخيلوا مثلاً أن تشهد البلاد إغلاقاً على غرار ما حدث عام 2019 خلال جائحة كورونا؟". أضاف "كان يجب أولاً إلزام شركتي الخلوي بتحسين البنية التحتية المتهالكة، وبخاصة أن لديهما أرباحاً سنوية ضخمة تمكنهما من تغطية كلف التجديد بأريحية"، مطالباً الحكومة بسرعة التدخل لوقف هذا التوحش في رفع الأسعار، كما وصفه.

ورأى أنه من الحكمة أن تحاول الحكومة إعادة النظر في أسعار الكهرباء والاتصالات معاً، وأن تكون أيضاً حكيمة عند التفكير في رفع أسعار خدمات أخرى، وأن تحاول قراءة القرارات المتعلقة برفع الأسعار من زوايا مختلفة، لأن عدم قيامها بذلك سيفتح أمامها جبهات هي في غنى عنها، وبخاصة أن معالجة آثارها لاحقاً تصبح أعلى كلفة فيما لو جرى اتخاذ القرارات بعد دراسة. وأكد أن الإنترنت هو حق للمواطن، وعدم قدرة المواطن على الوصول إليه بصورة سلسة ومن دون أعباء مادية وأخرى ترتبط بالجودة يؤثر في المحصلة على اقتصاد البلد ككل. وأضاف "اليوم لو قررت الحكومة التوجه نحو الشمول المالي، وهو خيار حتمي، فالسؤال الذي يطرح نفسه: هل درست كيف ستقوم بذلك بينما أسعار الاتصالات والإنترنت مرتفعة وأسعار الكهرباء محلقة والسيولة محبوسة؟".

شركتان تحتكران السوق السورية

يعمل في السوق السورية حالياً شركتان هما "سيريتل" و"أم تي أن"، وجرى الترخيص لمشغل ثالث هو "وفا تل" لكنه لم ير النور بسبب صعوبة الحصول على التقنيات الخاصة بالإقلاع، الناجمة عن العقوبات.

بحسب البيانات المالية النهائية لقطاع الاتصالات الخلوي داخل سوريا، بلغ مجموع صافي الأرباح للشركتين خلال عام 2023 نحو 641 مليار ليرة (تقريباً 58.3 مليون دولار) مقابل أرباح بلغت 181 مليار ليرة (تقريباً 16.5 مليون دولار) خلال عام 2022.

وحققت شركة "سيريتل" أرباحاً خلال عام 2023 بحسب البيان المالي النهائي أكثر من 551 مليار ليرة (تقريباً 50 مليون دولار) مقابل 128 ملياراً و783 مليوناً ليرة (تقريباً 11.7 مليون دولار) خلال عام 2022. وحققت شركة "أم تي أن" أرباحاً خلال عام 2023 بلغت أكثر من 90 مليار ليرة (8.1 مليون دولار) مقابل 36 مليار ليرة (تقريباً 3.2 مليون دولار) خلال عام 2022. وبلغ مجموع قيمة الموجودات المتداولة وغير المتداولة للشركتين بحسب بياناتهما المالية تريليونين و676 ملياراً (تقريباً 242.2 مليون دولار). وحصلت شركتا الاتصالات الخليوية خلال عام 2014 على ترخيص للعمل مدة 20 عاماً ضمن السوق السورية.

ونص اتفاق ترخيص شركتي الاتصالات على أن تسدد كل شركة 50 في المئة من إيراداتها السنوية إلى الدولة خلال العام الأول للرخصة، ثم تصبح النسبة 30 في المئة خلال العامين الثاني والثالث، و20 في المئة خلال باقي أعوام الرخصة.

وتأسست "سيريتل" خلال عام 2001 وأُدرجت ضمن سوق دمشق للأوراق المالية نهاية عام 2018، ورأسمالها موزع على 33.5 مليون سهم، ووصل عدد مساهميها إلى 6554 نهاية مارس (آذار) 2021. وتأسست "أم تي أن" عام 2001 وأُدرجت ضمن سوق دمشق للأوراق المالية مطلع عام 2019، ولديها 15 مليون سهم و31 مساهماً فحسب.

اندبندنت عربية

https://www.independentarabia.com/node/636422/%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D9%88%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%8A%D9%86%D8%AA%D9%81%D8%B6%D9%88%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%AC%D9%87-%D8%A3%D8%B3%D8%B9%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%AA%D8%B1%D9%86%D8%AA


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق