سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:12/11/2025 | SYR: 01:13 | 12/11/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE



خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18


 غياب الطبقة الوسطى في سوريا- الخطر المنسي ..
12/11/2025      





سيرياستيبس :

رأى الخبير الاقتصادي إيهاب اسمندر أنّه من أكبر الأخطار التي تعيق تحقيق تنمية اقتصادية في سوريا، غياب الطبقة الوسطى، وتزداد خطورة هذا العامل مع غياب الحديث عنه سواء على المستوى الرسمي وحتى على مستوى المؤسسات البحثية.
لإعطاء هذا الموضوع شيء من حقه بالبحث والدراسة، يقدم اسمندر تحليلا عن أسباب غياب الطبقة الوسطى في سوريا ومخاطر ذلك من النواحي الاقتصادية والتنموية.
يقول اسمندر في تحليله :
مفهوم الطبقة الوسطى: لا يوجد تعريف واحد متفق عليه تماماً، عن هذا المصطلح بل يتباين بين دولة وأخرى وحتى بحسب الباحث في بعض الأحيان، لكنه بشكل عام يدل على فئة الناس الواقعين فوق خط الفقر النسبي وتحت خط الثراء، أي في موقع متوسط بين الطبقة (الدنيا) والطبقة (العليا) في الهرم الاجتماعي والاقتصادي، وتوجد بعض المعايير الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتحديدها، منها:
1. المعايير الاقتصادية:
-الدخل: الأفراد الذين يحققون دخل يتراوح بين 75% و125% من متوسط دخل الأسرة في البلاد، أو الأفراد الذين يمكنهم دخلهم من تغطية جميع احتياجاتهم بالإضافة إلى الادخار.
-الإنفاق: الأفراد الذين ينفقون على سلع وخدمات مثل (الغذاء المتوازن، اللباس الجيد، السكن اللائق، السيارة، السفر والترفيه، الهاتف، الانترنت، تعليم الأبناء..).
-الادخار والاستثمار: امتلاك فائض مالي يسمح بالادخار للتقاعد أو للطوارئ، والاستثمار في مجال ما.
2. المعايير المهنية والتعليمية:
-الوظائف: العمل في وظائف "الياقات البيضاء" التي تعتمد على المهارات الفكرية والتعليم (أطباء، مهندسون، محامون، محاسبون، مديرون، موظفين إداريون، تقنيون، معلمون، أكاديميون..).
-التعليم: الحصول على شهادات تعليم عالي (جامعية فأكثر).
3. المعايير الاجتماعية والثقافية:
-القيم والطموحات: التمسك بقيم عالية (الاستقرار، الأمان الوظيفي، الحرص على التعليم، الطموح لتحسين المستوى المعيشي..).
-نمط الحياة: العيش بأسلوب يوائم بين الاحتياجات الإنسانية المختلفة (ممارسة الرياضة، القراءة، زيارة المتاحف، حضور الفعاليات الثقافية..).
-رأس المال الاجتماعي والثقافي: امتلاك شبكة علاقات اجتماعية ومهنية تساعد في تعزيز مكانتها، وتورث لأبنائها قيماً ومعارف تسهل اندماجهم في المجتمع ونجاحهم.
بحسب السمات العامة الموضوعة للطبقة الوسطى، فإنها تشكل حوالي 70% في دول الاتحاد الأوروبي وحوالي 60% في اليابان، وهذه النسبة المطلوبة لتجعل منها مؤثر حقيقي على الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الدول.

الأهمية الاجتماعية للطبقة الوسطى: تعود أهمية الطبقة الوسطى في المجتمعات الحديثة لعدة أسباب:

1. محرك الاقتصاد: بسبب قدرتها الشرائية، فهي تشكل سوقاً رئيسياً للسلع والخدمات، مما يحفز الإنتاج والنمو الاقتصادي.
2. عامل استقرار سياسي واجتماعي: بميلها إلى الاعتدال السياسي ودعم الديمقراطية، والسعي للإصلاح الهادئ، مما يجعل المجتمعات أكثر استقراراً.
3. مصدر للابتكار والإبداع: كونها الأكثر تعليماً وانخراطاً في المهن المعرفية، فهي المصدر الرئيسي للعلماء والمخترعين والمبدعين في مختلف المجالات.
4. ناقل للقيم: تنقل قيم العمل الجاد، والادخار، والتعليم، والانضباط بين الأجيال.

الأهمية الاقتصادية للطبقة الوسطى: ترجع أهمية الطبقة الوسطى في الاقتصاد إلى العديد من النقاط، ومنها:
١. محرك رئيسي للطلب:
· حجم السوق: وهذا يتناسب مع حجمها ومع استهلاكها، فهي قادرة على تحربك الطلب أكثر من الطبقة الفقيرة (غير القادرة) وأكثر من الطبقة الغنية (محدودة العدد)، وعليه فالطبقة الوسطى هي السوق الرئيسي للسلع والخدمات.
· طلب متنوع وعالي الجودة: على عكس الطبقة الدنيا التي تركز على تلبية الاحتياجات الأساسية، والطبقة العليا التي تنفق على الكماليات الفاخرة، فإن إنفاق الطبقة الوسطى متنوع ويدعم قطاعات واسعة (سلع معمرة /سيارات، أجهزة كهربائية، إلكترونيات../، خدمات /تعليم خاص، رعاية صحية، سياحة وترفيه، مطاعم، اشتراكات رقمية../، عقارات /العمود الفقري لسوق الإسكان عبر الشراء أو الإيجار../).
· تحفيز الإنتاج والاستثمار: هذا الطلب المتزايد والمستقر يشجع الشركات على الاستثمار في التوسع، وتطوير منتجات جديدة، وخلق وظائف أكثر، مما ينعش دائرة النمو الاقتصادي.
٢. مصدر للاستقرار الاقتصادي: تساهم الطبقة الوسطى بالاستقرار الاقتصادي من خلال:
· مصدّ للصدمات الاقتصادية: بسبب تنوع مصادر دخلها ووجود قدر من المدخرات، تكون الطبقة الوسطى أكثر مرونة في مواجهة فترات الركود مقارنة بالطبقات الأقل دخلاً (فهي تحافظ على مستوى معين من الإنفاق، مما يخفف من حدة التقلبات الاقتصادية).
· تقليل الاعتماد على التقلبات: في الاقتصادات التي تعتمد على تصدير مواد خام (مثل النفط)، يكون الاقتصاد معرضاً لتقلبات الأسعار العالمية. وجود طبقة وسطى قوية يقوم على قطاعات متنوعة (خدمات، صناعة) يجعل الاقتصاد أكثر تنوعاً وأقل عرضة لهذه الصدمات.
٣. قاعدة ضريبية واسعة ومستقرة:
· مصدر دخل للحكومة: تُمثل الطبقة الوسطى مصدراً رئيسياً للإيرادات الضريبية للحكومات (ضريبة الدخل، ضريبة القيمة المضافة..). هذه الإيرادات تمول الخدمات العامة الأساسية مثل التعليم، والصحة، والبنية التحتية، التي تعود بالنفع على المجتمع كله.
· استقرار المالية العامة: وجود قاعدة ضريبية عريضة ومستقرة من الطبقة الوسطى يساعد الحكومة على التخطيط لميزانياتها على المدى الطويل دون الاعتماد الكبير على الإيرادات المتقلبة (مثل إيرادات النفط).
٤. رأس المال البشري والإنتاجية:
· قوة عمل ماهرة: تعتمد الطبقة الوسطى على التعليم والمهارات. هذا الاستثمار في "رأس المال البشري" يزيد من إنتاجية الاقتصاد ككل.
· الابتكار وريادة الأعمال: كثير من رواد الأعمال والمبتكرين ينتمون إلى الطبقة الوسطى. فهم يمتلكون التعليم والرؤية والمخاطرة المحسوبة لبدء مشاريع جديدة تخلق فرص عمل وتدفع عجلة الابتكار. إنفاقهم على تعليم أبنائهم يضمن استمرار هذه الدورة للأجيال القادمة.
٥. تعزيز الادخار والاستثمار:
· فائض مالي: تمتلك الطبقة الوسطى فائضاً مالياً بعد تلبية الاحتياجات الأساسية. هذا الفائض يتجه إلى:
· الادخار: في البنوك، مما يوفر أموالاً للمؤسسات المالية لإقراضها للشركات والأفراد للاستثمار.
· الاستثمار: في الأسهم، السندات، أو العقارات، مما يضخ سيولة مباشرة في السوق المالي ويحفز النمو.

- دعم النمو الاقتصادي:

يمكن النظر إلى الطبقة الوسطى على أنها القلب النابض لنمو الاقتصاد، عبر (طلب استهلاكي قوي → أرباح للشركات → استثمار وخلق وظائف → دخول أعلى → طلب أقوى)، وعلى العكس، فإن تآكل الطبقة الوسطى يؤدي إلى ركود اقتصادي، واتساع فجوة التفاوت، وعدم استقرار اجتماعي واقتصادي، لذلك (تعتبر سياسات دعم وتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى من أولويات معظم حكومات الدول المتقدمة التي تسعى لتحقيق نمو مستدام وشامل).

الطبقة الوسطى في سوريا:

إذا اخذنا بعين الاعتبار العوامل المذكورة سابقاً لتحديد الطبقة الوسطى ومن ينتمون إليها سنجد أن سوريا ومنذ سنوات طويلة فقدت الجزء الأكبر من هذه الطبقة، إذ بحسب البنك الدولي فإن أكثر من 90% من السوريين تحت خط الفقر النسبي، وبالتالي فسورية بعيدة عن امكانية توفير طبقة وسطى فاعلة.

أهم أسباب اضمحلال الطبقة الوسطى في سوريا:

-الصراع الطويل في البلاد منذ العام 2011 وتخريبه معظم مناحي الحياة بما في ذلك إمكانية العيش وفق الجودة التي تتطلبها الطبقة الوسطى.
-عدم تناسب دخول السوريين مع مستويات المعيشة، إذ يبلغ متوسط دخل الأسرة السورية حاليا حوالي 3.5 مليون ليرة وسطياً، مقابل حد أدنى من المصروف لا يقل عن 8 مليون ليرة.
· عدم الاستقرار الوظيفي، بسبب سياسات الحكومة الحالية في تقليل العمالة وتسريح شبه ارتجالي لكثير من العمال (تم تسريح أكثر من 40% من العاملين لدى الدولة حتى الآن).
· الاستقطاب الاقتصادي، حيث تتركز الثروة بشكل متزايد في أيدي قلة من السوريين على حساب البقية.

متطلبات إعادة إنتاج طبقة وسطى في سوريا:

يعتمد إحياء الطبقة الوسطى على ثلاث ركائز أساسية:
-استعادة الأمن والاستقرار،
-إعادة بناء الاقتصاد،
-تعزيز رأس المال البشري..
يقترن مع الركائز الأساسية تحديات وهي:
في جانب الاستقرار والحوكمة (استمرار النزاع وعدم الاستقرار السياسي، هشاشة المؤسسات الحكومية، انتشار الفساد..).
في جانب السياسات الاقتصادية والاستثمار (تدمير البنية التحتية للإنتاج والخدمات، انهيار العملة الوطنية وارتفاع التضخم، العزلة الاقتصادية والعقوبات الدولية..).
في جانب التعليم وسوق العمل (تدمير النظام التعليمي وهجرة الكفاءات، انهيار سوق العمل الرسمي وانتشار البطالة..).

مقترحات لمعالجة التحديات أمام استعادة الطبقة الوسطى في سوريا:

-تحقيق مصالحة وطنية حقيقية وإنهاء النزاع.
-إصلاح النظام القانوني والقضائي.
-بناء مؤسسات شفافة وخاضعة للمساءلة.
-إطلاق حزمة تحفيز اقتصادي كبرى تركز على المشاريع الصغيرة والمتوسطة (إنشاء صندوق حكومي أو بتمويل دولي يقدم قروضاً ميسرة، توفير حاضنات أعمال، تقديم إعفاءات ضريبية مؤقتة لهذه المشاريع التي تشكل عماد الطبقة الوسطى..).
-جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
-إصلاح النظام الضريبي (تحقيق العدالة وتخفيف العبء عن محدودي الدخل، وزيادة القوة الشرائية وتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى).
-الاستفادة من رأس المال البشري في الخارج (تصميم برامج خاصة تشجع المغتربين السوريين ذوي الكفاءات العالية على العودة أو الاستثمار في وطنهم، ونقل معرفتهم وخبراتهم).
-إطلاق برامج طارئة لإعادة تأهيل التعليم المهني والجامعي.
-استحداث برامج حافزة لعودة الكفاءات والمهنيين.
-ربط مخرجات التعليم باحتياجات سوق العمل في مرحلة إعادة الإعمار.

أخيراً : من المهم يقول الباحث الاقتصادي إيهاب اسمندر  أن ندرك أن عملية إحياء الطبقة الوسطى في سوريا ليست عملية اقتصادية تقنية فحسب، بل هي عملية سياسية واجتماعية معقدة وطويلة الأمد، لا يمكن تحقيق أي تقدم ملموس دون معالجة جذرية للأسباب السياسية التي أدت إلى تآكل هذه الطبقة، وأهمها تحقيق سلام شامل، وإعادة بناء العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن، فالطبقة الوسطى ليست مجرد فئة دخل، بل هي حالة اجتماعية واقتصادية وثقافية، هي مؤشر مهم على صحة المجتمع واقتصاده، ووجود طبقة وسطى قوية ومستقرة يعني غالباً وجود اقتصاد مزدهر ومجتمع مستقر..


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



Baraka16


Orient 2022


معرض حلب


الصفحة الرئيسية
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس