المشكلة تفاقمت مؤخراً بالتوازي مع أزمة المحروقات، فقد ارتفعت أسعار النقل بهذه الوسائط بشكل كبير، ولا فكاك من الاضطرار للخدمة المقدمة عبرها، فلا بدائل متاحة أمام المواطنين، ما يعني أنهم مضطرون للرضوخ لما يفرضه هؤلاء من تسعيرة استغلالية.
الاستثمار في المشكلة
سكان حارات ركن الدين المرتفعة،
والشيخ إبراهيم، وجادات المهاجرين، بالإضافة إلى سكان الجادات في قدسيا،
وغيرهم من سكان المناطق المرتفعة، بالإضافة إلى معاناتهم على المستوى النقص
الخدمي في مناطقهم، وما تفتقده بيوتهم من مواصفات وشروط صحية، يفتقدون
وسائط النقل المرخصة في مناطقهم كي تصل إلى مرتفعات سكنهم، والمقيدة بخط
سير نظامي وتسعيرة محددة، وهذه المشكلة قديمة ومزمنة.
وقد استثمر في هذه
المشكلة بعض العاملين على سيارات النقل الصغيرة المغلقة، على شكل خدمات
مأجورة، مقطوعة أو على الراكب، وفقاً لحسابات وتكاليف مقدرة من هؤلاء، وتحت
عامل الاضطرار ثبت عمل هذه الوسائط للنقل في هذه المناطق خلال السنوات
الماضية بحكم الأمر الواقع، وتزايدت أعداد هذه الوسائط العاملة على الخطوط
غير المرسومة في هذه المناطق والحارات.
تكاليف مرهقة واستغلال
مؤخراً، وبذريعة أزمة
المحروقات، رفع هؤلاء من تسعيرتهم المعتادة، فبدلاً من تقاضي 200 أو 300
ليرة لقاء «التوصيلة»، أصبحوا يتقاضون 500 ليرة، وأحياناً أكثر من ذلك
وصولاً إلى 1000 ليرة، بحسب المكان المقصود والزمان وعدد الركاب، وذلك
استغلالاً لحاجة السكان واضطرارهم للاستعانة بخدمة هؤلاء، وخاصة من قبل
كبار السن، أو من كان يحمل معه بعض الحاجيات.
وعلى الرغم من كثرة عدد
هذه الوسائط، إلا أنه لا تنافس بينها على مستوى ما يتم فرضه من تسعيرة لقاء
خدماتها في النقل، فهناك تنسيق وتكامل فيما بينها على هذا المستوى، وطبعاً
على حساب السكان، ومن جيوبهم.
فعلى سبيل المثال: إن اضطرار فردين من
الأسرة فقط للاستعانة بخدمة هذه الوسائط يومياً، بمعدل 500 ليرة لكل توصيلة
ذهاباً وإياباً في هذه الفترة، يعني أن التكاليف الشهرية لن تكون أقل من
40 ألف ليرة شهرياً، وكل فرد إضافي يعني زيادة بمعدل 20 ألف أخرى، يضاف إلى
ذلك طبعاً بقية أجور النقل اليومية الأخرى، ولا شك أن هذه التكاليف كبيرة
ومرهقة.
ضرورة القوننة والضبط
المشكلة لدى سكان هذه المناطق
أن هذه الوسائط تعمل أصلاً دون ترخيص، وبالتالي لا وجود لمرجعية أو لجهة
معينة يتوجهون إليها عند اللزوم لحل مشكلة ما تتقاضاه لقاء خدماتها.
في
المقابل، ليس من مصلحة السكان أن تتم ملاحقة ومخالفة وتوقيف هذه الوسائط في
ظل انعدام البديل لتقديم هذه الخدمات، كما يجري في بعض الأحيان.
والنتيجة، أن هؤلاء السكان
مكرهون على استمرار الرضوخ للاستغلال، بل وزيادته عند كل أزمة، ناهيك عن
استغلال ساعات الذروة، أو ساعات الليل.
على الطرف الآخر تجدر الإشارة
إلى أنه سبق أن طالب السكان في هذه المناطق بضرورة ترخيص عمل هذه الوسائط
للنقل في المناطق التي لا تعمل عليها وسائط النقل المرخصة، بغاية وضع خطوط
محددة لها، مع فرض تسعيرة مقيدة لقاء خدماتها، لكن ذلك لم يتحقق، علماً أن
واقع الحال يقول: إن هذه الوسائط تعمل بحكم الحاجة والاضطرار والاستغلال
والأمر الواقع، وهي مشاريع استثمارية ربحية، لكنها بعيدة عن القوننة والضبط
الرسمي.
فهل من الصعب فعلاً قوننة عمل هذه الوسائط، أم إن استمرار المشكلة والمعاناة والاستغلال أسهل بنظر أولي الأمر؟!
برسم محافظة دمشق. قاسيون
هامش : طبعا ماينطبق على دمشق ينطبق على كل المحافظات في ما ارتفع منها