مع اشتداد حدّة أزمة النقل نسأل: هل نحن أمام أزمة مستعصية، أم هناك جهات لا تريد حلّها؟.
الحلّ المباشر والقريب يكون باستيراد الباصات من دولة صديقة أو حليفة، ويبدو هذا الخيار غير وارد منذ عدة سنوات، وفي السنوات الذي طُبق فيها استوردنا باصات قليلة لم تحدث فارقاً في حلّ الأزمة!.
الحلّ قريب المدى بإقامة شراكة مع شركة متخصّصة تتبع لدولة صديقة أو حليفة على قانون الاستثمار، تتيح تصنيع الباصات في سورية بما يكفي حاجتها وتصدير الفائض، وهذا الحلّ لم يُطرح سابقاً ولا حالياً، ولا ندري لماذا؟.
الحلّ البعيد المدى والجذري يكون بإقامة مترو في مدينة دمشق على الأقل، وهذا الحلّ متداول منذ ثمانينيات القرن الماضي، لكن ما من حكومة سابقة اتخذت قراراً جريئاً بإقامة المترو، على الرغم من أنه لا يُحمّل خزينة الدولة قرشاً واحداً، لأن الجهات العارضة تنفذه على حسابها وتسترد التكلفة خلال عدد محدّد من سنوات تشغيل المترو، والسؤال أيضاً: لماذا خيار المترو لا يزال مستبعداً منذ أربعة عقود؟
آخر العروض أتى من شركة صينية متخصّصة تكفّلت بتنفيذ وتمويل واستثمار مشروع النقل بقطارات الضواحي الكهربائية بين دمشق وريفها، والسؤال: هل ستوافق وزارة النقل على المشروع الصيني أم سيبقى عرضاً بلا ردّ؟
مؤسّسة الخط الحديدي الحجازي التي تدرس هذا العرض، أكدت أنه من أهم الحلول لأزمة النقل في دمشق وضواحيها، ولكن هل سترفع مقترحاً للحكومة للموافقة على المشروع قريباً؟
من المهمّ أن تقتنع جهة معنية بحلّ جذري لأزمة النقل، لكن الأهم أن تترجم اقتناعها إلى فعل.
محافظة دمشق مثلاً اقتنعت منذ سنوات أن تحويل سيارات الأجرة إلى سرافيس يساهم في حلّ أزمة النقل، لكنها لم تترجم اقتناعها إلى فعل حتى الآن، بل يبدو أنها تخلّت عن مشروعها نهائياً. وبدلاً من أن تُلزم أصحاب سيارات الأجرة بالعمل في منظومة (تاكسي سرفيس) فإنها مشغولة بعد رفع أسعار البنزين بتعديل عدادات التاكسي، وكأنّ أصحابها يلتزمون بأي تعرفة مهما كانت منصفة!.
وبما أن قطاع النقل بمحافظة دمشق يقول إنه سيعدّل عدادات 21 ألف سيارة أجرة، فهذا يعني أن أمامها فرصة لدعم النقل العام بما لا يقلّ عن 1400 باص دون أن تستورد باصاً واحداً. والسؤال: من يمنع تحويل سيارات الأجرة إلى سرافيس؟.. وبدقة أكثر: من لا يريد حلّ أزمة النقل؟.
إن الاستفادة من طاقة نقلية لا تقلّ عن 1400 باص ستتيح لمحافظة دمشق تنظيم مكاتب التكسي الخاصة المنتشرة في معظم الأحياء، وخاصة في الضواحي، والتي تعمل بلا ترخيص وفق تعرفة معلنة لجميع زبائنها، أي إن تحويل سيارات الأجرة الصفراء لن يلغي خدمات التاكسي بل سيجعلها منظمة أكثر.
بالمختصر المفيد: يبدو مشروع قطارات الضواحي بديلاً سريعاً للمترو، وسنستغرب كثيراً إن لم يُنفذ، إلاّ أن الخطوة السريعة جداً لحلحلة أزمة النقل حالياً تكون بإضافة طاقة نقلية تعادل 1400 باص من خلال تحويل 21 ألف سيارة أجرة صفراء إلى سرافيس، وفي حال لم تتخذ الجهات المعنية أي قرار بالحلين معاً، فهذا يؤكد أن هناك جهة أو أكثر لا تريد حلّ أزمة النقل!.
علي عبود