لن نخوض بالحديث عن صاحب العقد المحظي الذي سيجني الأرباح من خلال الاستثمار في الأملاك العامة في شوارع دمشق، من جيوب أصحاب السيارات، ولا عن حيثيات العقد وتفاصيله الغائبة، بل سنتحدث عن تحول العاصمة، وخاصة شوارعها الرئيسية والهامة، إلى مرآب كبير ومأجور على حساب المواطنين.
مشروع المواقف المأجورة في العاصمة دمشق ليس جديداً، فقد سبق أن تم استثمار جزء من الشوارع الرئيسية فيها خلال السنوات السابقة، قبل سني الحرب والأزمة، وقد كان لذلك بعض التداعيات السلبية في حينه.
لكن المشروع في الظروف الراهنة، وبعدد السيارات الحالية التي تجوب شوارع العاصمة وتحتجز الشوارع والأرصفة فيها، ربما تكون له تداعيات سلبية أكثر بكثير مما سبق.
فعدد السيارات داخل العاصمة قد تزايد بسبب استقرار الكثير من أصحاب السيارات من المحافظات الأخرى في دمشق، نزوحاً أو بحثاً عن مصدر رزق، وبعض الشوارع مع أرصفتها سلفاً أصبحت مستنفذة كمرائب للسيارات المتكاثرة، وغالباً ما نرى رتلين للسيارات المصطفة في الشوارع بالإضافة إلى الاستيلاء على الأرصفة طبعاً، ناهيك عمّا تحتجزه معارض السيارات من مساحات لسياراتها المنفلتة للعرض على حساب حقوق المواطنين في الشوارع والأرصفة في بعض الأحياء، يضاف إلى ذلك ما قررته المحافظة بشأن دخول السيارات إلى شوارع وحارات دمشق القديمة، والتعليمات قيد التنفيذ بهذا الشأن، فكيف سيكون عليه الحال في ظل المشروع الاستثماري المزمع، الذي سيزيح جزءاً من السيارات عن بعض الشوارع الرئيسة المستثمرة، إلى بعضها الآخر التي تقع خارج دائرة الاستثمار؟!.
قد لا يعني المحافظة والمستثمر المحظي هذا الأمر لا من قريب ولا من بعيد، فالمحافظة والمستثمر معنيان بما سيتم جنيه من مكاسب من الجيوب، لكن بالمقابل فإن النتائج السلبية سيدفع ضريبتها المواطنون في دمشق على حساب ملكياتهم المصانة افتراضاً بالشوارع والأرصفة، وستتحول دمشق بشوارعها وأرصفتها خارج حدود الاستثمار التعاقدي إلى مرآب كبير، تطغى عليه الفوضى والازدحام.
فأية حقوق وأية ملكيات مصانة، في ظل انفلات الاستثمار والفساد ؟
قاسيون