ما أكثر ما تريد هذه الحكومة تنفيذه ولكن هل تستطيع ؟  
سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:21/11/2024 | SYR: 12:10 | 21/11/2024
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

 وزير الصناعة متحمس لتجميع السيارات الكهربائية وتصديرها.. لماذا؟
22/06/2024      


 

سيرياستيبس
كتب فهد كنجو

حقيقةً أسأل أي نشوة انتابت وزير صناعتنا ليصرح بأن سورية تتجه لتجميع السيارات الكهربائية وتصديرها؟!.

في البداية عندما قرأت الخبر على وسائل التواصل الاجتماعي اعتبرته "مزحة"، أو ربما تندراً على واقع السيارات والكهرباء معاً، فالكهرباء كلكم على علم بحالها، وملف السيارات حدث ولا حرج، أسعار ولا بالخيال رغم توقف الاستيراد منذ العام 2011، بمعنى أن أحدث سيارة مستوردة تجاوز عمرها الـ 13 سنة، بينما سعرها الحالي يفوق سعرها سنة استيرادها!، والسيارات المجمعة محلياً، أسعارها أضعاف أسعار مثيلاتها (من نفس الماركة)  في دول المنشأ، رغم أنها لم تكلف الشركة المجمعة سوى (نفخ الدواليب وشد البراغي)، وهذا الكلام قاله أحد الصناعيين وكان نائباً في مجلس الشعب، يعني أنه ليس من اختراع الصحافة!. 

في البداية عندما قرأت الخبر على وسائل التواصل الاجتماعي اعتبرته "مزحة"، أو ربما تندراً على واقع السيارات والكهرباء معاً!.

لكن عندما تأكدت أنه تصريح رسمي استفزني الأمر كثيراً، ورحت أبحث إن كان هناك دراسة ما أعدتها الوزارة أو قدمتها شركات تجميع السيارات شجعت الوزير على هذا التصريح، فلم أجد!، أعدت قراءة ما قاله الوزير أكثر من مرة، فتشت ونقبت في قاموس الاقتصادات الصناعية لعدد من دول العالم الرائدة في تصنيع السيارات، قاطعت واقع الاقتصاد السوري باقتصادات الدول التي نجحت في توطين هذه الصناعة، لربما أهتدي إلى تشابه ما يدعو للتفاؤل، فما اهتديت!.

انتبهت الحكومة لأول مرة في نهاية العام 2017 أن عمليات التجميع ما هي إلا التفاف على قرار منع الاستيراد الذي صدر في العام 2011 مع دوخول الأزمة

وقبل الشروع بكتابة هذه الأسطر، راجعت عدة مقالات كنت كتبتها سابقاً وكتبها زملاء واطلعت على ما تيسر من تقارير صحفية حول ملف تجميع السيارات في سنوات استئناف العمل (بين 2017 و 2019)، وقتها كان الجدل على أشده، حيث انتبهت الحكومة لأول مرة في نهاية العام 2017 أن عمليات التجميع ما هي إلا التفاف على قرار منع الاستيراد الذي صدر في العام 2011 مع دوخول الأزمة، وانتبهت أكثر لمدى الاستفادة التي تحققها شركات التجميع نتيجة الإعفاءات الجمركية الكبيرة على استيراد المكونات، فشكلت حكومة خميس أنذاك لجنة من ست وزراء لدراسة ملف التجميع، وخرجوا بفكرة الصالات الثلاث(تركيب - لحام - دهان)، وفعلاً تحولت إحدى الشركات إلى نظام الثلاث صالات، للاستفادة من الرسوم الجمركية المخفضة على استيراد المكونات، حتى أن اللجنة كانت رحيمة فيما يخص صالة الدهان، وسمحت باشتراك أكثر من شركة في صالة واحدة، على اعتبار أنها مكلفة، هكذا قالت اللجنة!.
في العام 2019 توقف العمل في تجميع السيارات تماماً، وزير الصناعة الأسبق محمد معن جذبة اعترف في العام 2020 أن صناعة تجميع السيارات استنزفت نحو 80 مليون دولار قاطعاً الطريق على شركات التجميع التي كانت تطالب بإعادة السماح باستيراد المكونات.. "صناعة التجميع لم تقدم أي قيمة مضافة"، هكذا رد الوزير حينها.

الرسوم على استيراد مكونات السيارات هي 5 % فقط، بينما رسوم استيراد السيارات جاهزة فهي 40 %!

بنفس العام خرجت مذكرة حكومية لتؤكد ارتفاع أسعار السيارات المجمعة محلياً مقارنة مع الدول المجاورة، وعدم تناسبها مع دخول الشريحة الأكبر من المستهلكين، وأن ارتفاع أجور نقل مكونات السيارات المستوردة تعد أعلى من أجور نقل السيارة كاملة، بمعنى أن هذه الصناعة التجميعية ليس لها سوق تصريف داخلية ولا خارجية من جهة، ومن جهة أخرى كلفة التجميع أعلى من استيراد السيارة كاملة، مع الإشارة هنا إلى أن الرسوم على استيراد مكونات السيارات هي 5 % فقط، بينما رسوم استيراد السيارات جاهزة فهي 40 %!، ما يشير إلى حجم فوات المنفعة على خزينة الدولة الذي تسببت به عمليات التجميع، حيث اعترفت تلك المذكرة بعدم وجود رقابة حكومية على تسعير السيارات المنتجة محلياً، وكشفت أن إجمالي الرسوم الجمركية على مكونات السيارات المستوردة المحصلة بلغت 8.6 مليارات ليرة سورية فقط خلال فترة استئناف عمليات التجميع في العام 2017 ولغاية منتصف 2019!.

سأزيدكم من الشعر بيتاً، وربما نكتشف فيه معاً من أين استلهم وزير الصناعة الحالي فكرة تجميع سيارات الكهرباء وتصديرها، نهاية العام 2019 تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي تصريحاً منسوباً لرئيس الحكومة السابق عماد خميس يقول: إن سورية ستصدر 50 % من السيارات المجمعة محلياً إلى عدد من الدول، ثم في الشهر الثالث من العام 2020 وخلال جلسة مجلس الوزراء الاسبوعية، طلب خميس من وزارة الصناعة تشكيل لجنة مختصة، لدراسة إمكانية إقامة صناعة تجميع السيارات الكهربائية، وتحديد الجدوى الاقتصادية منها، طبعاً في ذلك العام أقيل عماد خميس من رئاسة الحكومة، وكلف المهندس حسين عرنوس بمهامه، ثم شكل عرنوس حكومة جديدة في 30 آب من ذلك العام وتسلم حقيبة الصناعة المهندس زياد صباغ بدلاً من محمد معن جذبة الذي توفي نهاية العام 2020، ولم يكشف أحد عن نتائج تلك اللجنة، أو إن كانت شُكلت بالفعل!.

هل هناك فعلاً لدينا أربع شركات تعمل بنظام الصالات الثلاث؟، والتي قال الوزير إنها تملك إمكانيات هائلة تمكنها من انتاج 100 ألف سيارة سنوياً؟، ما يمكننا من التصدير!

والآن نسأل ما الذي تغير ليتحمس وزير الصناعة الحالي عبد القادر جوخدار لاستئناف تجميع السيارات والانتقال لتجميع السيارات الكهربائية الهجينة؟، هل المخاوف من استنزاف القطع الأجنبي تلاشت؟، هل توسعت الشرائح التي يمكن لها اقتناء سيارات مجمعة محلياً بالأسعار الرائجة؟، هل تمكنت لجان التسويق "المفترضة" من دراسة الأسواق الخارجية المستهدفة بالتصدير؟، هل تأكد أن استيراد مكونات السيارات أقل كلفة من استيرادها كاملة؟، وبالتالي يمكن التضحية بـ 40 % من الرسوم الجمركية لصالح استيفاء 5 % فقط؟، والسؤال الأهم هل هناك فعلاً لدينا أربع شركات تعمل بنظام الصالات الثلاث؟، والتي قال الوزير إنها تملك إمكانيات هائلة تمكنها من انتاج 100 ألف سيارة سنوياً؟، ما يمكننا من التصدير!، الوزير مطالب بالإجابة عن هذه الأسئلة، نفترض أن يكون بين يديه دراسة مفصلة تجيب عن كل هذه الساؤلات؟.

في خضم الإعداد لهذا المقال -وليس من باب المقارنة- قرأت تصريحاً لوزير الصناعة السعودي بداية هذا العام، تحدث فيه عن توجه السعودية لتجميع وتصنيع السيارات الكهربائية، ما لفتني في التصريح عاملان رئيسيان، الأول هو أن الوزير السعودي انطلق في دعم هذا التوجه من أن السعودية تعد أكثر دولة مستوردة للسيارات وليس فيها صناعة سيارات، بمعنى أن عامل الطلب في السوق الداخلية مضمون، والثاني إشارته إلى أن الوزارات المعنية مع الشركات الخاصة وهي ثلاث شركات فقط، تعمل لبناء تجمع متكامل لصناعة السيارات الكهربائية لضمان وجود الموردين بالقرب من هذا الشركات لتكون منافسة، بمعنى ضمان قرب مدخلات هذه الصناعة بما يخفض تكاليف النقل.

المشهد


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق