الدرس في كلمتين!
19/02/2007
بقلم عبد القادر حصرية
تم في الأسبوع الماضي عقد إجتماع لتتبّع تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة في مجال التعليم العالي والبحث العلمي. إن ملف التعليم عامة والتعليم العالي خاصة هو من أهم ملفات الإصلاح الإقتصادي وأخشى أن هناك تأخيرا كبيرا قد حصل في التعامل مع هذا الملف فلا يمكن الحديث عن إصلاح إقتصادي بدون وجود جيل من الخريجين القادرين على التعامل مع الإصلاح وكل برامج الإصلاح الكبيرة في العالم شملت التعليم وبدأت بإعداد مجموعة كبيرة من المتعلمين والمؤهلين تأهيلا عاليا قادرين على تنفيذ الرؤية الجديدة التي يرمي إليها الإصلاح والعمل في الجهات التي لها أهمية مفصلية في عملية الإصلاح الإقتصادي، بل في بعض الدول سب إعدادالكوادر بداية الإصلاح. تظهر أيضاً الكثير من الدراسات في عالم الأعمال في العالم أن الموارد البشرية هي العامل الأهم في نجاح أي مؤسسة. بل حتى يؤخذ على علم المحاسبة حتى الآن عدم قدرته على إظهار قيمة الموارد البشرية التي تعمل في المؤسسة في بياناتها المالية. وعملية إعداد الكوادر البشرية هي عملية طويلة تبدأ أولاً في المدرسة الإبتدائية، أو مايعرف اليوم بمرحلة التعليم الأساسي بعد أن أضيف لها مرحلة التعليم الإعدادية، بعدها مرحلة التعليم الثانوي ثم مرحلة التعليم الجامعية.
والواقع أن التعليم في بلدنا بحاجة ماسة إلى تحقيق قفزة نوعية ولابد أن يتناول ملف تطويره قبل كل شيء مهنة التعليم بحد ذاتها. فالتعليم هو مهنة وليس فرصة عمل job والفرق واضح بين الإثنتين. فالمهنة هي عبارة عن علم أو مجموعة من العلوم يتم تطبيقها وفق أصول ومعايير معينة standards وهناك معايير أخلاقية ومهنية تحكم أداء هذه المهنة. و الحالة التي وصل إليها وضع التعليم لدينا هي نتيجة تراكمات ساهمت فيها عدة عوامل ولا أنسى قصة أحد أساتذة اللغة العربية الذي كان يبيع دواوين شعره للتلاميذ ويقول في بداية كل درس أن "الدرس سيكون في كلمتين" و أنّ هذا يعادل ما تدفعه وزارة التربية له مقابل التدريس. إن أهم عوامل القصور هوتحول التعليم من مهنة إلى وظيفة. وكدليل على غياب المعايير المهنية لدى البعض هو الدروس الخصوصية والتي يشوبها في أحيان كثيرة ما يعرف بتضارب مصالح conflict of interest أو شبهة تسرب أسئلة الإمتحان وهو ما لاتقبل به أي مهنة فيها الحد الأدنى من المعايير. مالا يمكن فهمه هو كيف يمكن لأستاذ أن يعطي دروسا خصوصية بعد الدوام المدرسي لنفس الطلاب الذين يدرسهم في النهار. هذه العملية خطرة جدا فهنا ينشأ تضارب مصالح فكلما كان أداء الأستاذ سيئا في الصف وعدد التلاميذ الذين لا يفهمون أكبر، كلما زادت إمكانية الأستاذ للحصول على فرص دروس خصوصية. هذا ناهيك عن أن الدروس الخصوصية تفوق طاقة الكثير من الأهل. ما نسمعه اليوم هو ان ظاهرة الدروس الخصوصية بدأت تتسرب حتى إلى المدارس الخاصة. تخيلوا أن الأهل يدفعون أقساط المدارس الخاصة ثم يضطرون إلى دفع قيمة الدروس الخاصة.
نتمنى أن تتم معالجة ملف التعليم بكافة مراحله بالعناية التي يستحقها هذا الملف ضمن أهداف العملية التعليمية وعملية الإصلاح الإقتصادي عامة. والمطلوب العمل على تطوير مهنة التعليم أولا بما يمكن العاملين فيها من القيام بمسؤولياتهم وكذلك تحسين ظروف عمل هؤلاء وأشدد على أهمية كافة مراحل التعليم ولاسيما المرحلة الإبتدائية التي هي بأهمية التعليم العالي.
المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=160&id=122