أذكر تماما اليوم الذي فتح أخي عمار حاسبه الذي جاء به من أمريكا وسألني إن كان لدي حساب انترنت؟.
إنترنت!. كانت كلمة نعرفها ولكننا لم نكن قد خبرناها كأفراد في سورية عام 97. قلت له: لا. لايوجد انترنت في سورية. وما حاجتك بها هنا؟. سؤال جر ألف إجابة، لكن أغربها على الإطلاق كان: "أريد أن استطلع بريدي الالكتروني" قالها أخي وهو يتوقع مني وأنا المتابع والعامل في قطاع البرمجيات والتقانة منذ منتصف الثمانينات معرفتها.
خجلت لعدم معرفتي إلا النظرية بهذه الأمور وأجبته غداً سأدبر لك الأمر.
وبعد مناورات وأسئلة كثيرة لأصدقاء عديدين تبين آنذاك أن الانترنت الوحيدة المتوفرة هي عن طريق شركات لبنانية، وبدأت في ملاحقة الطريقة التي من الممكن أن نشترك مع إحداها إلى أن استطعت في نهاية اليوم أن آتي إلى أخي بحساب انترنت .. لبناني.
جلست أمامه وهو يصل المودم بالهاتف أنظر إليه يدخل معلومات تعريف المتصفح الذي كان وقتها من صنع شركة نيتسكيب ويدخل معلومات اسم المستخدم وكلمة السر ويأمر الحاسب بالاتصال.
سمعت لأول مرة صوت اتصال المودم في محاولاته للاتصال ببيروت ومن ثم بشركة "داتا مانجمنت" المزودة للانترنت وهنا أشار إلي أخي "المغترب العائد" وقال :" اسمع أخي الآن سيبدأ المودم بالتراسل" وسمعت صوتاً مبحوحاً وصفيراً ليس كالفاكس لكنه يشبهه وتسمرت عيوني على شاشة الكمبيوتر وهي تظهر أن الاتصال بدأ وأنهم يتحققون من الحساب و إذا بأخي يقول لي : الآن دخلنا وطبع www وموقع Yahoo وبعدها قال لي هذا موقع جيد للبدء وطبع .com وتغيرت بعدها وأظن إلى الأبد الأسلوب الذي سأتعامل فيه مع الحاسب ومع أعمالي وحتى تسليتي الرقمية.
ساعات مضت وأخي ينقلنا من موقع إلى آخر وأنا والعائلة متحلقين حوله نتطلع إلى عوالم تفتح أمامنا من معرفة وعلم وجمال وتسلية، وبعدما استنفذ صبره معنا قال: دعوني أتفحص بريدي. ومن قال لكم أننا ابتعدنا كل ما قمنا به أننا وعدناه بأننا سنصمت ونحاول أن لا نسأل وهو يعمل والصفقة بيننا هي الصمت.
ولكن من اللحظة التي دخل فيها إلى بريده على Yahoo "لم نطق صبرا" وخرقنا المعاهدة وأمطرناه بالأسئلة:
- كيف تحصل على بريد اليكتروني خاص بك.
- كم تدفع
- مجاني !. كيف ؟.
- كيف نراسل الآخرين؟.
- اصنع لي بريداً الكترونياً.
وطبعاً حصلت أنا على أول بريد اليكتروني على Yahoo و كلمة السر التي أوجدها لي أخي الغالي لا زلت محتفظاًَ بها ولم أغيرها وأحبها لأنها تذكرني أولاً بأخي وثانياً لأنها كانت مفتاحاً لي لعوالم من التواصل والعمل بدأت ولن تنتهي.
حافظت على بريد ياهو طيلة أربعة سنوات وبعدها حصلت على بريد مجاني ثان من mailcity وفي منتصف عام 2002 حصلت على بريد من مزود خدمة الانترنت في الجمعية (SCS-NET) و بعدها بقليل بدأنا رحلت الرقميات وما تبعها وحصلنا على بريدنا الالكتروني الخاص بالرقميات وآخر CRNME وBYTE منتجاتنا التي حاولنا إطلاقها في دبي والآن لدي بريد إضافي اعتز به على موقع eSyria.sy.
وقصة الانترنت السورية مع البريد الالكتروني قصة حب وكره وأخذ ورد فموضوع حجب البريد وفك البريد ومراقبة البريد قصة لم تنته إلى الآن. وتعودنا على الصراخ والتذمر عند الحجب والفرح والهمهرة عند الفك، وهذا موضوع متكرر وقديم جديد فأين القصة إذا؟.
كل الحق على Outlook.
عندما يعتمد عملك على البريد الالكتروني تنتهي علاقة الحب بينك وبين ما يدعى Webmail أي تصفح البريد عبر الانترنت وتبدأ باستخدام برامج للبريد الالكتروني تعتمد أنظمة متخصصة ندعوها POP mail ومن أهم تلك البرمجيات برنامج Outlook بنوعيه Express والمحترف.
ومن أهم ميزات Outlook أنه برنامج قادر على التعامل مع أكثر من عنوان بريدي والاستقبال منه والإرسال عبره ويريح من لديه العديد من عناوين البريد الالكتروني من تفحص كل منها على حده. فتصنيف مراسلات الزبائن والموظفين والشركاء وارشفة ما تم استقباله وإرساله والعناوين وربط كل ذلك بالموبايل أصبح جزءاً من حضارة رقمية نتمتع بها لنرفع إنتاجيتنا في العمل.
وتمتعنا بخط ADSL
فرحت كثيرا عندما طرح في سورية خدمة الانترنت السريعة وبادرت فورا إلى اقتناء خط لأن عملي وعمل زوجتي يتطلب وجود انترنت بشكل دائم في مكاتبنا وفي المنزل، وقبلنا بسرعات مثل 256 كيلو بت لأن السعر عالي لسرعات أعلى ولا نحتاجها فعلاً.
فعملنا يعتمد على المراسلات وتصفح ما هو جديد أكثر منه على تحميل برمجيات أو صور، واهم تطبيق لدينا هو البريد الالكتروني. لماذا؟.
نستقبل من وكالات العلاقات العامة (PR) في دبي كل ماهو جديد من البيانات الصحفية الصادرة من الشركات العالمية وصور المنتجات أو المؤتمرات والمعارض، نستقبل الدعوات المحلية والعالمية للتغطية الصحفية ونستقبل مراسلات المحررين والقراء والزبائن ونرسل بدورنا الردود والطلبات والتصاميم وغيرها من مراسلات الأعمال.
وفجأة أحدهم في مؤسسة الاتصالات قرر أن يقطع خدمة POP عنا!!!. مئات مثلنا من مستخدمي الانترنت السريعة والبطيئة صحوا يوماً ليجدوا أن برنامجهم لتصفح البريد الالكتروني Outlook تم سحب الفيش عنه وما تبقى لنا هو القدرة على الإرسال منه فقط.
حاولنا الاتصال بشكل نظامي بخدمة الزبائن ولا فائدة، لجأنا إلى الأصدقاء في المؤسسة لنصل إلى نتيجة منهم أننا بحاجة إلى Real IP .. بسيطة نأخذ Real IP فكل الأمر زيادة 200 ل س على الفاتورة ... قولوا لنا يا جماعة من الأول.
وذهبت ندى المدير المسؤول عن مجلتنا وشريكي إلى مقسم شارع بغداد لتقديم طلب للحصول على Real IP كون الخط باسمها، لتحصل على آخر جواب نريد سماعه " آسفون ليس لدينا أي IP فاضي نعطيه لكم" ورغم معارفنا هنا وهناك في المؤسسة الكل أجمع أن ننتظر أسبوعا أو اثنين لتنتهي "عصة أو غصة الانترنت" التي بدأت منذ الشهر الاخير من العام الماضي والتي يتوقع انتهاؤوها قريباً.
قلنا: أمرنا لله وسنصبر مثل "الأوادم" وننتظر جهود الشباب.
ولكني سألت سؤوالاً إجابته غير مفهومة بالنسبة لي "إذا كنا بجاجة إلى Real IP لنحصل على بريدنا عبر POP ونحن ليس لدينا Real IP فكيف كنا نحصل على بريدنا الالكتروني عبر Outlook سابقا ولأشهر عديدة؟.
وأتاني الجواب المؤلم " بيجوز بالغلط كانت البوابة مفتوحة".
والمفاجأة كانت أنه خلال الأسبوع نفسه اشتغل البريد عبر Outlook لمدة يوم ومن ثم غاب، وهكذا ولا أعرف سبب التواتر تفتح البوابة وتغلق البوابة لدرجة أننا يئسنا من حتى المراجعة وانتظرنا فرجاً قادماً.
ولأننا فرحون أنه على الأقل الانترنت مقبولة لم نقاتل من اجل بوابة تفتح وتغلق أمام بريدنا وخاصة إنني محظوظ أنه في مكان عملي الثاني لدي خط مخصص للانترنت مشرعة أبوابه بدون حواجز ولا اغلاقات فبرمجت نفسي على استقبال بريدي هناك.
وغالبا ما أقول لندى شريكي تعالي معي أو أعطني حاسبك المحمول لأُحَّمل بريدك المتراكم ولانشغالها الشديد تعثرت هذه الزيارة وقالت لي:" أنا استطلع بريدي المهم عبر Webmail والمهم منه عم اتابعه والغير مهم أقوم بتأجيله" ، ومنذ يومين أجبرتها على أن تأتي إلى المكتب لأقوم بتحميل بريدها بسبب استهلاكها لحجوم التخزين في حساباتها البريدية.
وبدأ حسابها بتحميل البريد واحداً تلو الآخر مئات منهم وبحجوم مختلفة واستغرق الأمر أكثر من ساعة ونصف رغم الانترنت السريعة التي لدي، وانتهى التحميل وأغلقت ندى الحاسب وذهبت إلى مكتبها.
بعد ساعتين اتصلت بي وهي غاضبة وقالت لي: عجبك طارت السفرة !!!!.
أية سفرة؟. أجبتها ضاحكاً على شدة حنقها.
قالت: الآن أستطعت الحصول على رسالة من بريد لا أتابعه كثيرا موصول على outlook حصرا فيها دعوة "درجة أولى" مع إقامة "درجة أولى" لحضور مؤتمر التقانة في مصر على حساب منظمي المؤتمر.
قالت لي: أنا حزينة ليس من أجل السفرة بل لأنني لم استطع أن أرد عليهم لا سلبا ولا ايجاباً أو حتى أن أشكرهم على الدعوة والوقت فات " كيف أبرر لهم" .
قلت لها: بسيطة، قولي لهم الاتصالات في سورية قطعت عنا POP فلم نستطع قراءة بريدكم في الوقت المناسب ولذلك لم نستطع القبول أو الاعتذار في الوقت المناسب، مع تمنياتك عليهم أن يراسلوك السنة القادمة أملاً في أن تكون مشكلة القطع والحجب والفتح والبوابات والسرعات قد حلت وهم أول من سيعرف لأننا حتماً هذه المرة سنرد وإن لم نرد فهم سيعلمون أنه مر عام آخر ولم تحل هذه المشكلة التي يبدو أن حلها بسيط وباليد ولكن تأثيرها على قطاع الأعمال كبير.
وأما عن سفرتك التي طارت يا ندى
فعوضك على الله.
المهندس رشاد أنور كامل
الرقميات
المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=160&id=162