سيرياستيبس – علي محمود جديد
من حيث المبدأ .. الحرب لعشر سنوات وما انضوت عليه من خراب وتدمير وخسائر مذهلة .. والحصار وما ترافق من صعوبات في تأمين احتياجات البلد وناسه ( عسكرياً وغذائيا وتكنولوجياً ونفطياً ومالياً ) .. ومن ثم كورونا .. لتُكمل واسطة العقد، فكأنها جاءت لتأتي على ما تبقى..!
في الحقيقة كانت كل واحدة من هذه الأركان الثلاثة ( الحرب والحصار وكورونا ) كفيلة بشلل اقتصادي كامل، إن لم يكن انهياراً للاقتصاد في هذا البلد الصامد، الذي أثبت أنه البلد الأكثر جدارة بالحياة وبالنهوض.
فسورية الجريحة استطاعت – على الرغم من هذا كله – أن تحقق انتصاراتٍ ساحقة على الإرهاب، وتكسر شوكة ثمانين دولة، منها ما كان شقيقاً.. ومنها ما كان صديقاً، تكاتفوا وتعاضدوا مع الأعداء لكسر إرادة سورية وإخضاعها لإراداتهم و إملاءات الأعداء وتحكّمهم بسيادة البلاد واستقرار قراره ..!
وسورية على الرغم من هذا كله استطاعت أن تخترق الحصار، لدرجة أننا لم نشعر – كمواطنين – بمحاصرتنا في أغلب الأوقات، لولا اشتداد الحصار على بعض الاحتياجات كالنفط ومشتقاته، غير أن الدولة السورية بكل مكوّناتها تمكّنت وإلى حدّ كبير من محاصرة الحصار ذاته، وتهميشه، حتى بدا أحياناً وكأنه غير موجود، أو على الأقل فاقدٌ للفاعليّة.
وسورية على الرغم من حالة الحرب المشتعلة، والضغوط الشديدة عبر العقوبات المفروضة على الشعب السوري، والحصار الذي يحاولون تطويقنا به، برعت إلى حدٍّ كبير بتصديها لفيروس كورونا على الرغم من ضعف الإمكانيات، وصعوبة تأمين المستلزمات، وهي تبدو اليوم بهمة أبنائها وكوادرها الطبية، وسلامة قراراتها، وتجاوب شعبها والتزامه بتلك القرارات، بقيت سورية هي الدولة الأقل في عدد الوفيات والإصابات على مستوى العالم.
هذه الحقائق نلمسها جميعاً فهي وقائع موجودة على الأرض، ولا تحتاج إلى بيّناتٍ ولا قرائن لإثباتها، وهي لم تحصل هكذا عبثاً، فلا شك بأن هذه الحقائق بمظاهرها تعني أن هناك جهوداً كبيرة .. بل وخارقة، حصلت فعلياً حتى تمكنّا من الوصول إليها.
ولا نكاد نشك بأن أي مواطن شريف أو محايد يتمنى من أعماقه أن تكون مثل هذه النتائج نقية وصافية، لا تشوبها شائبة، كي نشعر بالاعتزاز بها، ونقول لمن فعلها : ( شكراً من القلب ) ولكن في الواقع هناك من أراد – عن قصدٍ أو عن غير قصد – أن يُفسد لنا الفرحة بهذه النتائج، ويمنعنا من الارتياح لها، وذلك من خلال منغصات فظيعة تكاد تنسينا كل الإنجازات الرائعة التي تحققت..!
العرس والآلام ..!
ما الفائدة من حضورنا فرحة عرس جميل، تحيطه كل أسباب السعادة، ونحن نتألّم .. ونكابد الأوجاع ..؟! بالتأكيد لن نستطيع أن نكون سعداء على الرغم من توفّر كل أسباب السعادة، فالألم سيفعل فعله، ويأخذ مداه، صحيح أنّ أوجاعنا لا تلغي حقيقة أن الفرحة بقيت قائمة، ولكن هذه الفرحة أيضاً لن تلغي حقيقة الألم وصعوبة الأوجاع ..!
ماذا نريد أن نقول ..؟
ما نريد قوله من هذا الكلام كله، هو أن فرحتنا بالنصر على الإرهاب الذي بات قاب قوسين أو أدنى، وسعادتنا باختراق الحصار، واغتباطنا بالتصدي لكورونا، ترافقت كلها مع أوجاعٍ شديدة، وآلامٍ مريرة، برزت إلينا من خلال ضيق أحوالنا وانخفاض مستوى المعيشة وارتفاع الأسعار بشكل جنوني من جهة، ومن جهةٍ أخرى نرى كيف أن التهريب يضرب أطنابه، ومظاهر الفساد، وكيف ينمو أولئك الطفيليين على حساب الشعب، ويكدّسون الثروات بطرقٍ التوائية وعبر دهاليز التجاوزات والمخالفات القانونية والوجدانية والأخلاقية.
وما الحل ..؟
في الحقيقة الحل الأسلم والأنجع قدّمته لنا منذ أيام – وعلى طبقٍ من ورد – السيدة الأولى ( أسماء الأسد ) بشكل غير مباشر، من خلال ورشة العمل التي أقيمت لبرنامج ( جريح الوطن ) فعلى الرغم من النجاح الذي يبدو مرافقاً لهذا البرنامج، رأت السيدة الأولى أن مسيرة العمل أظهرت أن هناك بعض الهنات والثغرات، ولذلك لا بدّ من مراجعة لكل ما يحصل، وتقييم هذا العمل من مختلف جوانبه، للوقوف على الثغرات كي يتم تلافيها مستقبلاً.
أجل .. هذا هو الحل ببساطة، المراجعة والتقييم لكل الأعمال والإجراءات المتخذة، والوقوف على الثغرات من أجل تلافيها .. ومن ثم علينا أن نتلافاها بحزم كي لا نسمح لأحدٍ بالمرور عبرها ويُفسد لنا فرحة الإنجاز.
المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=152&id=182617