دون أدنى شك، لا تزال قضية الدواء وصناعتنا الدوائية، سواء المنتج منها محلياً أو المستورد، قضية مثيرة للاستهجان والاستغراب، وما يزيد من معضلتها وفهمها، غياب المعالجة الجادة والصريحة، إن لم نقل: عدم وجود النية والدافع للمعالجة والحل..!؟.
غياب لا يمكن فهمه وتبريره مطلقاً، فعلى سبيل المثال لا الحصر، نسأل من يخالفنا الرأي ويقول العكس: هل يعقل أن يصبح سعر الدواء، احتكارياً (حتى أنه ليس خاضعاً لمعادلة العرض والطلب)، ويتم التعاطي معه كأي منتج وسلعة أخرى سواء كانت أساسية أو غير ذلك..؟!.
وكيف يستوي الأمر في موضوع الإدعاء بتوفر الدواء، وتعدد الأصناف للمرض الواحد، مع تباين الفارق في السعر بين منتج شركة وأخرى، تُصنِّعان نوعاً متماثلاً (مع اختلاف الاسم التجاري فقط)، كيف يستوي، إذا كانت التركيبة هي ذاتها.!؟.
أدوية مزمنة، ورغم صدور الأسعار الجديدة لعدد منها، أي انتفاء حجة التكلفة مقارنة بالسعر، وبالتالي وجوب توفرها، لا يزال الاحتكار لها سيد الموقف، وبكميات محدودة هزيلة..!، الأمر الذي أدى بالصيدليات، القادرة على استجرارها من مصدرها (طبعاً بطريقتها الخاصة)، إلى بيعها بأسعار، يصل الفارق السعري بين صيدلية وأخرى، وفي الصنف ذاته، أدناه إلى 300 ليرة وأعلاه إلى 700 ليرة وأكثر..، مع ملاحظة عدم وجود سعر مطبوع على العلبة، بل سعر معدل بخط اليد..!؟.
أحد الصيادلة- مثلاً- حين كشفنا طَمَعَه وأعبْنا عليه فعل السرقة بالسعر، الذي لا يتناسب مع شهادته العلمية ومكانته المجتمعية، ولا مع أخلاقيات المهنة وإنسانيتها، وبيَّنا له ما يعلمه حق العلم وهو أنه ليس مُصنِّعا للدواء، بل بائعاً، أي أن نسبته القانونية يحصل عليها، كان رده أقبح من غشه واستغلاله، قال: هذا الدواء مفقود..!، وأضاف، إذا لم ترد الدواء فأرجعه وخذ نقودك..!.
السؤال المؤلم: كيف لمثل هذا الكائن المسمى صيدلياً، كل هذه “الجرأة”، رغم علمه أنه مرتكب، للبيع بضعف السعر المحدد، ورغم احتكاره للدواء، مستغلاً أبشع استغلال، حاجة المريض الماسة له (مثلاً، دواء لنقص التروية” كافنتين”، والبروستات ” كاردورا”..) !؟.
كما ونسأل: ما تلك البدعة التي تلجأ إليها مستودعات توزيع الأدوية، ومن خلفها المُصنِّع أو المستورد، والمتمثلة بتحميل علبة دواء مطلوب ( مصنع محليا)، أو علبة فيتامين ( مستورد)، على عدد من أصناف الأدوية الأخرى غير المطلوبة، إذ قد يصل مبلغ التحميل لـ 200 ألف ليرة و أكثر، بمعنى لا يُعطى الصيدلي علبة واحدة ممن يُحمَّل عليها ( فيزيونايس سعره وصل إلى 21 ألف ليرة، وفيروغلوبين سعره 19 آلاف ليرة)، إلا إذا استجر أدوية عديدة لا طلب عليها، ثمنها يصل إلى 150 ألف ليرة..!؟.
وأيضاً، ماذا يعني، أن يكون مكتوباً على علب أدوية: “للسوق المحلي..” !؟.
خلاصة القول، صحيح أننا نمرُّ بأزمة..، لكن يبدو جلياً أن هناك أزمة أخلاقية وإنسانية..، والمصيبة أنهاوصلت لمثل تلك المستويات العلمية والاجتماعية..، علما أننا ندرك أن الأخلاق والإنسانية لا ترتبط بفئة معينة
قسيم دحدل
المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=192&id=184277