بدا عاجزاً وفاشلاً بامتياز .. ولكن كيف يمكننا إيجاد الطرق الخلاّقة لتجاوز ارتدادات قانون قيصر وأشباهه ..؟
20/12/2020




 علم بلادي العظيمة صغير جدا – Issam Khoury

سيريا ستيبس – علي محمود جديد

إذن وكما أشرنا في المادة السابقة وباختصار .. فَشِلَ قانون قيصر .. وبامتياز .. وكان أعجز من أن يحقق أهدافه الإجرامية المرسومة على الرغم مما أحدثه من معاناة بين أوساط الشعب السوري، وقد عانينا منها جميعاً ليبقى هذا القانون وصمة عارٍ حقيقية على جبين الإدارة الأمريكية، التي أكدت بإصدارها له بأنها بعيدة كل البعد عن مزاعمها الإنسانية وعن مزاج السوريين الذين لن يقبلوا بالذل والهوان، ولا بالتبعيّة وسلب السيادة والقرار، وها هو الأسد .. كان .. ولا يزال .. وسيبقى أسداً، فلا رضوخ ولا تنازلات عن الحقوق، وبالتالي قدر ( قيصر ) المحتوم هو الفشل.

وأشرنا في المادة السابقة أيضاً إلى أن الدور الحكومي وبمقدار ما كان بارعاً في قدرته الالتفافية على العقوبات والحصار وتجاوزه إلى حدّ بعيد، بمقدار ما بدا دوراً هشّاً ولا مبالياً في تركيزه وجديّته على استثمار الطاقات المحلية الكامنة والتي ما تزال خامدة، وتحتاج إلى استخراجٍ وإنعاش، كي تجعل من الداخل جبهة قوية وصلبة قادرة وبقوة على مجابهة قيصر وارتداداته، وتأثير ما يمكن أن يُصاغ ضد سورية بعده أيضاً، من خلال إجراءات فعّالة للتعاطي بكفاءة وحنكة أكبر وإيجاد طرق خلاّقة لتجاوز ذلك الواقع، الأمر الذي كان قد زاد من قانون قيصر فشلاً وتعطيلاً، عند الامعان أكثر في زيادة الاعتماد على الذات، واستثمار الفرص الممكنة، ولكن كيف ..؟

الفرص المهدورة الممكنة

سنتحدث في هذا المجال بكثير من البساطة والأريحيّة، ولن نأخذ المنحى النقدي هنا أكثر مما هو منحى للفت النظر علّنا ننتبه إلى حجم وفاعلية القدرات التي نمتلكها وتحتاج فقط إلى اهتمام وتحريك.

المشاريع الصغيرة والمتوسطة

كان يمكن للحكومة – على ما نعتقد وبكل سهولة – أن تُطلق العنان وبكل قوة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، من خلال اعتماد طريقة عملية لتمويلها بشكلٍ ميسّر، لتكتسب بعد ذلك القدرة على تفجير الطاقات الإنتاجية من خلال المشاريع الكثيرة التي يمكن لمثل هذه المشاريع أن تحدثها، فضلاً عن قدرتها على استقطاب مئات آلاف فرص العمل .. وأكثر في مثل هذه الظروف العصيبة، وقد حاولت الحكومة محاولات خجولة في هذا الإطار، فناقشت وضع هذه المشاريع ثم تملّصت منها بطريقة غير مفهومة من خلال استبعادها عن الساحة والواجهة بعد أن أحالت ملفها إلى اللجنة الاقتصادية التي لم تعرف إلى اليوم البت بأمرها، حتى بدت وكأنها – المشاريع – في حالة من الجمود المقصود الذي يشي بعدم توفّر النيّة لإطلاقها وإنعاشها، لنسجل بذلك فوات الكثير الكثير من الفرص الذهبية.

أموال المصارف

وصلت الودائع في منتصف العام 2020 في المصارف السورية إلى نحو 7 تريليون ليرة، وكان من الحكمة بشكل طبيعي أن تبادر السلطات النقدية إلى وضع برامج تحفيزية لاستثمار ما يمكن استثماره من هذه الأموال بدلاً من أن تكون بنسبة كبيرة منها مجرد أعباء حقيقية على المصارف بلا فائدة، والكل يعلم أن استثمار الأموال من شأنه زيادة الإنتاج وخلق المزيد من فرص العمل عبر طرائق لا تخفى على تلك السلطات.

أموال النقابات

كان يمكن للحكومة أيضاً أن تتفاوض مع العديد من التنظيمات النقابية، ولاسيما الاتحاد العام لنقابات العمال، ونقابة المهندسين والأطباء والمحامين وغيرها، حيث تستحوذ هذه النقابات على أموال طائلة، ربما تكون هي بحاجة ماسّة لاستثمارها، فتتركز مفاوضات الحكومة معها حول كيفية استثمارها، كما كان بالإمكان طرح مشاريع محددة تتكفّل الحكومة بدعمها وبما يحفز تلك النقابات على الدخول بقوة في ميادين الاستثمار والإنتاج، ويكفي من ذلك ضمان زيادة الإنتاج وفرص العمل.

أموال أثرياء الحرب

دعونا نقول ما حصل قد حصل مع أثرياء الحرب، وبدلاً من أن نكتفي بانتقادهم ونتفرج عليهم وهم يتفرجون تائهين بأغلبهم لا يعرفون ماذا سيفعلون بثرواتهم، كان يمكن للحكومة أيضاً أن تتجه نحوهم وتحفزهم على الاستثمار والإنتاج، واستقطاب فرص العمل مع تعهدات جدية بفتح الطريق أمامهم وتحفيزهم من أجل ذلك.

أموال أخرى

وكان يمكن للحكومة أيضاً أن تبحث عن مختلف الجهات التي تخزّن أموالها وتحثّها على الاستثمار واستقطاب فرص عمل جديدة لزيادة الإنتاج ولملاقاة البطالة واستقطاب الشباب الباحثين عن عمل، بدلاً من تركهم هكذا يزدادون عدداً وضياعاً بفقدان أي أملٍ منظور، ومن هذه الجهات مثلاً مؤسسة التأمينات الاجتماعية، ومؤسسة التأمين والمعاشات، ووزارة الأوقاف أيضاً .. وما إلى ذلك.

استثمار الطاقات الممكنة

لا يصعب على وزارة الاتصالات – مثلاً – أن تؤسس شركة اتصالات خليوية على ما نعتقد، تابعة للدولة بالكامل، حيث تمتلك البنية التحتية التي تؤهلها لذلك، والكوادر الخبيرة التي يمكن دعمها بكوادر جديدة تبحث عن فرص عمل من تحت الأرض ولا تجدها، ويمكن للاتصالات وبسهولة أن تقوم بتدريب الكوادر الجديدة إن لزم الأمر، وهنا لا داعي للحديث عن الجدوى الكبيرة التي يمكن أن تحظى بها الوزارة جراء ذلك، ففي الحقيقة سيكون لديها نهر أموالٍ لا ينضب.

كما لا يصعب على وزارة الزراعة تشجيع إقامة شركات زراعية بين الناس تشرف عليها وحداتها الإرشادية المنتشرة في كل الأماكن، ولكن بشكلٍ جدي وفعلي والإقلاع عن هذه الحالة المتكلّسة لتلك الوحدات التي لا تكاد تعمل شيئاً أكثر من كونها ملجأ من لا عمل له، مُشَكّلة بذلك حالة فظيعة من البطالة المقنّعة، مع أنه يمكن استثمار كوادرها بأكثر الأعمال جدوى وأهمية عبر وضع الخطط لها وتنفيذها والاتصال مع الناس وتحفيزهم على العمل والإنتاج، فهناك آلاف الشباب الذين يطمحون لإقامة مشاريع زراعية في قراهم ومناطقهم ولكنهم لا يجدون أي منفذ لهم للتنفيذ فكل المخارج مغلقة وليسوا على بال أحد، على الرغم من أن المصرف الزراعي وغيره من المصارف قادر على تمويل آلاف المشاريع سواء كانت زراعية أم صناعات زراعية.

داخل الصندوق وخارجه

ومادامت أمريكا من وراء البحار والمحيطات مشغولة بنا كيف ستركعنا وتفقرنا وتجوعنا، أفليس من واجبنا أن نفكر – على الأقل – بداخل الصندوق الذي نستحوذ عليه لنقي أنفسنا من شرّ أولئك المجرمين الأفّاقين الذين يلاحقوننا وينهبون ثرواتنا لإخضاعنا وجعلنا مجرد دمى في أيديهم ..؟! أجل .. هكذا علينا أن نبحث وننقّب عن كل ما يمكن استثماره داخل الصندوق، ولا بل ونتطلع لما يمكن أن نفعله خارج الصندوق أيضاً، فإمكاناتنا كبيرة وطاقاتنا هائلة ولكننا مع الأسف لا نجيد استثمارها بعد.

أخيراً

قدراتنا الخاميّة والتلقائية البسيطة استطاعت أن تدعم الموقف وتهزم قيصر وتفشله كمشروع أمريكي فتّاك ضد بلادنا، فكيف إذا انتبهنا جيداً لأنفسنا وكنّا جادين بالتعمق باستثمار تلك الطاقات والقدرات .. ووضعنا الخطط الحقيقية الجادة والمناسبة لتفجيرها ..؟ بالتأكيد وقتها ستتحسن الكثير من الأمور، ويتغير واقعنا من حالٍ إلى حال.

 مادة متعلقة :

https://www.syriasteps.com/?d=137&id=185768     

 



المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=137&id=185799

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc