شوائب العلاقات السورية الروسية هرجٌ ومرج – رحم الله المعلم – خطوات روسية بمعايير اقتصادية مثيرة للتفاؤل
سيريا ستيبس – علي محمود جديد
رحم الله الوزير وليد المعلم رحمةً واسعة .. ففي مؤتمر صحفي كان عقده في دمشق بتاريخ 23 / 6 / 2020 قال : كل الهرج والمرج حول العلاقة السورية الروسية غير واقعي وغير صحيح فنحن في تحالف وثيق وأصدقاؤنا الروس قدموا ضحايا في مكافحة الإرهاب على التراب السوري والموقف الروسي الداعم لسورية مستمر وهناك تشاور شبه يومي بيننا وبين الأصدقاء الروس.
وكان هذا الجواب على سؤال حول حقيقة ما إذا كان هناك ما يشوب العلاقات السورية الروسية، حيث تعاظمت مثل هذه الأقاويل في تلك الفترة المتزامنة مع وضع قانون قيصر موضع التنفيذ، وكان أكبر المروجين لمثل هذه الأكاذيب، أو لمثل هذا ( الهرج والمرج ) فعلاً هي تلك القنوات والوسائل الإعلامية المضللة التي اخترعت سابقاً ( شهود العيان ) وقد أثبتت الوقائع أنهم لم يكونوا سوى شهود زورٍ كاذبين، وهي تخترع اليوم شوائب العلاقات بين دولتين تجاوزتا كل الشوائب بعد أن اختلطت دماء أبنائهما الطاهرة لتروي أرض سورية دفاعاً عن الحق والمصير، لا بل ودفاعاً عن العالم، ومع ذلك لا تكفّ تلك الوسائل، ومعها جوقة عملاء تحاول – عبثاً – ارتداء ثياب المعارضة، لا تكف عن الترويج لأكاذيب سوء العلاقات السورية الروسية، في حين أن هذه العلاقات تزدهر بالفعل يوماً وراء يوم، وقد تجاوزت كثيراً مثل هذه الادعاءات، على شكل قمح .. وعلى الشكل الذي عبّر عنه سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده الخميس الفائت مع وزير الخارجية الدكتور فيصل المقداد، حيث أشار لافروف إلى أن ( هناك برنامج استراتيجي كبير للتعاون الاقتصادي ) وقد جرت حالياً (مناقشة الإجراءات الملموسة ) .
هاتين العبارتين تتسقان وإلى حدّ كبير مع ما كان قاله أيضاً الوزير الراحل وليد المعلم في آخر مؤتمر صحفي عقده في حياته وكان في دمشق في السابع من أيلول بحضور بوريسوف ولافروف، حيث قال – رحمه الله – بوضوحٍ وتفاؤل : إنّ مستقبل العلاقات مع روسيا مبشر بالخير فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي والسياسي في البلاد ونحن متفائلون بأن الوضع الاقتصادي العام سيشهد تحسنا في الأيام والأشهر القادمة.
كما أن مناقشة الإجراءات الملموسة لبرنامج استراتيجي كبير للتعاون الاقتصادي – مثلما تحدث السيد لافروف في مؤتمره مع الدكتور المقداد، يتلاقى تماماً مع ما كان أوضحه نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف في المؤتمر الصحفي السوري الروسي الذي شهدته دمشق في السابع من أيلول حيث قال :
في الحقيقة سورية تحت الحصار المدمر بسبب مواقف غير بناءة للإدارة الأمريكية ولحلفائها في أوروبا ونعمل حاليا على خرق هذا الحصار.
فعندما تقول روسيا بأنها تعمل على خرق الحصار، فهذا يعني أن الحصار بات بحكم المُخترق، لأن مجموعة العوامل التي باتت تمتلكها روسيا إن على الصعيد السياسي أم العسكري أم الاقتصادي، يؤهلها بقوة لأن تفعل ما تقول، غير أن هذا الاختراق لا يأتي بين ليلةٍ وضحاها، فهو يحتاج إلى دراسات متأنية، وإلى خطط آمنة تمنع أعداء سورية من إحباطها، وما أشار إليه لافروف يوم الخميس الماضي يشير إلى أن الجانبين الروسي والسوري قد مشوا ( خطوات بالاتجاه الصحيح ) نحو هذا الاختراق الكامل للحصار، والذي ربما بات قاب قوسين أو أدنى، مادامت الأمور قد وصلت إلى مناقشة ( الإجراءات الملموسة )
ما الذي يمكن أن تقدمه روسيا ..؟
لا تتحدث روسيا كثيراً عن كل ما تملكه من قدرات ضخمة وإمكانيات هائلة جعلتها في مقدمة الدول العظمى، ولكن تشير بعض الدراسات إلى بعض ما هو متاح للعموم معرفته، وتُظهر أن الجغرافيا الشاسعة في روسيا تُعدّ عاملاً محدداً مهماً لنشاطها الاقتصادي ( فهي أكبر دولة في العالم من حيث المساحة إذ تصل مساحتها إلى / 17 / مليون و / 75 / ألف و / 400 / كم2.
وتقدر بعض المصادر أن روسيا تحتوي على أكثر من 30 في المائة من موارد العالم الطبيعية. في حين يقدر البنك الدولي القيمة الإجمالية للموارد الطبيعية في روسيا بـ 75 تريليون دولار أمريكي.
وتعتمد روسيا على عائدات الطاقة لدفع معظم نموها، وهي تمتلك وفرة من النفط والغاز الطبيعي والمعادن النفيسة، والتي تشكل حصة كبيرة من صادراتها.
واعتبارا من عام 2012، بات قطاع النفط والغاز يمثل 16٪ من الناتج المحلي الإجمالي، 52٪ من عائدات الميزانية الفيدرالية وأكثر من 70٪ من إجمالي الصادرات.
وفضلاً عن ذلك تعتبر روسيا "قوة عظمى في مجال الطاقة"، فلديها أكبر احتياطي غاز طبيعي مؤكد في العالم وتعتبر أكبر مصدر للغاز الطبيعي. كما أنها ثاني أكبر مصدر للنفط.
والمعروف أنّ روسيا تمتلك صناعة أسلحة كبيرة ومتطورة، قادرة على تصميم وتصنيع معدات عسكرية عالية التقنية، بما في ذلك الطائرات المقاتلة من الجيل الخامس، وغواصات تعمل بالطاقة النووية، والأسلحة النارية، وصواريخ باليستية قصيرة وطويلة المدى.
وقد بلغت قيمة صادرات الأسلحة الروسية 15.7 مليار دولار في عام 2013 - ما يجعلها في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة، وتشمل أهم الصادرات العسكرية من روسيا الطائرات القتالية وأنظمة الدفاع الجوي والسفن والغواصات.
القمــح
كل المؤشرات – بل والتأكيدات – تقول بأن روسيا لن تتردد بالتعاون مع سورية إلى أبعد الحدود الممكنة، وهذا فحوى ما قاله السيد لافروف الخميس الماضي ( هناك برنامج استراتيجي كبير للتعاون الاقتصادي ) لافتاً إلى قيام روسيا بتقديم / 100 / ألف طن من القمح كمساعدات إنسانية إلى سورية وهي مستمرة بتقديم هذه المساعدات على صعدٍ مختلفة.
طبعاً مثل هذه المساعدات التي تعتبر رعبون صداقة وموقف إنساني، تبقى من نوافل الأمور بالنسبة لبرنامج استراتيجي كبير للتعاون الاقتصادي، فهذه – على أهميتها ومعناها الإنساني الرفيع – شيء والبرنامج شيء آخر، فالتعاون لا بد وأن يكون متبادلاً على مختلف الصعد الاقتصادية، وما أن يدخل هذا البرنامج – الذي نوقشت إجراءاته الملموسة – حتى يكون الحصار قد بات مخترقاً بكل تأكيد، وعندها سنلمس نحن كسوريين – بعد أن صبرنا وعانينا الأمرّين – مدى أهمية اختراق مثل هذا الحصار الجائر، الذي وعد به بوريسوف، وكل الدلائل تشير إلى أن الأمر لم يعد بعيد المنال.. لا بل وقريب، وكان وليد المعلم – رحمه الله – يعلم ماذا يقول وإلى أي الأهداف يرمي عندما قال في آخر مؤتمر صحفي له ( نحن متفائلون بأن الوضع الاقتصادي العام سيشهد تحسنا في الأيام والأشهر القادمة ) أجل .. ونحن على ثقة بذلك.
المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=137&id=185842