في حيّنا لامبرغيني... كيف تطفّلت سيارات هوليود وفيلات المزة على عشوائيات العاصمة
15/12/2021




 

سيرياستيبس :

لم تكن في المالكي أو أبو رمانة ولا الشعلان ولا حتى في المزة، بل كان مشهد اللامبرغيني وسط حي شعبي في مناطق المخالفات الغارقة بالوحل والطين والحفر كطفرة ملونة في صورة ألوانها الأبيض والأسود، يقول أحمد الشاب العشريني: لم أصدق عيني حين رأيتها في الحي، بدت كأنها هاربة من أفلام هوليود المبهرة، فقد يكون وجود "سيارة الأحلام" مقبولاً في قلب العاصمة، لكن ماذا تفعل وسط هذه الفوضى، فالأزقة هنا لا ترتقي لهيبتها..!

لم يتمكن أبو عماد من متابعة جدله مع البقال الذي يطالبه بتسديد ديونه، إذ انشغل كلاهما بمراقبة السيارة العابرة، ورمى الأطفال على الجانب الآخر من الطريق حقائبهم المدرسية ليتمكنوا من اللحاق بها، فيما تندّرت الجارات على شرفات المنازل حول الوحل الذي طال بعض جوانب السيارة، وتآمرن ليغسلن بقايا حيهم عن العجلات، فمن المعيب أن تعبر هكذا سيارة وذرة غبار عليها _تقول إحداهن_.

كثيرة أصبحت الطفرات المشابهة لهذه السيارة في الأرياف ومناطق المخالفات والعشوائيات تحديداً، لكن من الصعب الاعتياد عليها ببساطة لما تشكله من شذوذ وسط أحياءٍ هاربة من كل الأوراق الحكومية والمتطلبات المعيشية.

وبالتأكيد لم يقتصر الأمر على السيارات وحسب، بل حتى العمارات الحديثة التي أنشأت تحت جنح ظلام الحرب، لم تكن مجرد بيوت "للتسكيج" بل ظهرت بصورة تجاوزت في كثير من الأحيان أرقى أحياء دمشق، إذ يكاد لا يخلو حي عشوائي من فيلا أو أبنية طابقية حديثة وبأفضل إكساء، ما جعل التصادم الطبقي يصل إلى سكان الحي الواحد في ظاهرة لم تكن بهذه الفظاظة قبل الحرب.

يستغرب اليوم سكان العشوائيات ضخ كل هذه الأموال والتكاليف للإعمار في مناطق مهددة بالتنظيم في أي لحظة، ولجوء مالكي سيارات كاللامبرغيني ومثيلاتها للسكن في أحيائهم، حيث يمكن لمصروف سيارة واحدة أن يطعم حياً بأكمله، فهم الذين اعتادوا مستوىً معيشياً متشابهاً، باتوا اليوم أمام تطفل ينغّص عليهم صباحاتهم الموحلة شتاءً والمغبرّة صيفاً..

الخبير العقاري د.عمار يوسف اعتبر أن انتشار هذه الظاهرة يعود أولاً لفساد الوحدات الإدارية التي سمحت للعمران أن ينتشر "برياحة"، فبعض هذه البيوت والأبنية تملك مخططات هندسية وملبّسة بالحجر ومزودة بمصاعد كهربائية مما يوحي بأريحية كبيرة في العمار، مشيراً إلى ظهور بنايات 8-10 طوابق في العشوائيات وخلال فترة قصيرة.

وأضاف يوسف أن هناك من يلجأ للعمران الحديث في تلك المناطق طمعاً برخص سعر الأرض، فمن يعتقد أنه بثمن هذه البيوت يمكنه أن يشتري سكناً في قلب المدينة يكون مخطئاً نظراً للفارق الكبير بسعر الأرض، يضاف إلى ذلك أن تلك المناطق غير خاضعة لضريبة البيوع العقارية، فالبيع فيها يكون بالتنازل عن ساعة المياه والكهرباء غالباً.

وفي ظل غياب بديل حكومي أو خاص للسكن ستبقى هذه الإشكالية موجودة –برأي يوسف- فاليوم يعيش 60% من سكان سورية في المخالفات، ونشأ فيها شبكات متكاملة للبيع والشراء في الظروف الحالية، غير أنها ورغم ذلك ورغم كل الحداثة التي يفرضها البعض على تلك الأحياء، تبقى العشوائيات عبارة عن عقارات "مريضة"، ممكن بأي لحظة إزالتها، لتكون الخسائر في الهدم كما في البناء.

ولا بدّ هنا من إسقاط هذه الظاهرة أيضاً على ملف الدعم الساخن هذه الأيام، فبالقياس إلى ما رأيناه وسمعناه من "تشليف" في الفئات المحرومة من الدعم، قد لا نستغرب لاحقاً أحقية أصحاب هذه الفيلات والمساكن بالدعم لاضطرارهم على السكن بالمخالفات وشمولهم بالرأفة الحكومية..!

المشهد



المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=133&id=189959

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc