ما زالت أزمة السكن ترخي بظلالها “الثقيلة” على يوميات المواطن “المنهك”، فصعوبة شراء أو إيجار مسكن مشكلة يبدو لا حلّ لها رغم الزحف العمراني الكبير، فالكتل الإسمنتية تجتاح بتمدّدها المساحات الخضراء في مدينة طرطوس وتجار عقارات يتحكمون بالأسعار كيفما يشاؤون، وعلى الرغم من أن حركة الشراء ضعيفة جداً، لكن الأسعار في تصاعد وأحلام الناس تتلاشى في امتلاك منزل ولو بمساحة خمسين متراً.
وسط هذه المشكلة المزمنة بدأ الناس يسألون عن السكن المناطقي، مشيرين إلى قرار رئاسة مجلس الوزراء رقم /١٩٦٣/ تاريخ ٧/٧/٢٠١٥ والذي تمّ من خلاله تكليف المؤسسة العامة للإسكان بتنفيذ وحدات سكنية في محافظتي طرطوس والسويداء، بحيث تلتزم مجالس المدن والوحدات الإدارية فيهما بتأمين الأراضي اللازمة للمشروع وبالتعاون مع هيئة تخطيط الدولة باتخاذ كلّ الإجراءات وإعطاء الموافقات اللازمة ونقل ملكية العقارات. لكن الوقائع تشير وبعد سبع سنوات على صدور القرار إلى أن المشروع لم يبصر النور، فما الأسباب وعلى من تقع المسؤولية؟.
خيبة أمل
الكثيرُ من الناس أعربوا عن خيبة أملهم من تعثر ولادة المشروع الذي كان بمثابة الحلم الذي يمكّنهم من امتلاك منزل، آملين أن يتمّ تنفيذه من جديد، لأن الكثير منهم يسكن بالإيجار الذي يرتفع خطه البياني كلّ ستة أشهر أو سنة حسب العقد المبرم بين طرفيه “المستأجر وصاحب الملك”.
وبرأي المواطنين أن تنفيذ المشروع يساهم بالتخفيف من أزمة السكن من خلال توطين الناس في مناطقهم بتأمين مسكن لهم، ووضع حدّ لارتفاع أسعار العقارات الجنوني في المدينة والمناطق، وسيحقق للوحدات الإدارية موارد دائمة وإنماء متوازناً لها، كذلك سيساهم المشروع في حال تنفيذه في تخفيف أزمة النقل وتقليل الازدحام والطلب على المساكن وسط المدينة أو حتى ضواحيها المكتظة كالشيخ سعد أو دوير الشيخ سعد وغيرهما من البلدات التي استقر فيها الكثير من المواطنين، ولاسيما بعد اندلاع الحرب، قادمين من محافظات عدة ليستقروا في محافظة طرطوس الآمنة.
الأمل بالعودة
يقول ياسر محمد إنه ترك أرضه وهجر منطقته “صافيتا” منذ خمس سنوات بعد أن استأجر منزلاً صغيراً في قرية بسماقة تخفيفاً للتكاليف المادية لأنه موظف بالمدينة، ويأمل محمد إنجاز مشروع السكن المناطقي ليعود إلى منطقته ويشتري مساحة أرض يعمل بها بما يحقق له مورد رزق إضافياً في ظل الغلاء المستفحل، وكذلك هي حال السيدة نعمت حمود، القادمة من منطقة الدريكيش التي استأجرت منزلاً في بلدة الشيخ سعد، ولم تخفِ المعاناة من أزمة النقل والانتظار “العقيم” للفوز بمقعد في سرفيس، ما يضطرها لركوب التكسي الذي يتحكّم سائقها بركابه، إذ يحدّد التسعيرة التي يراها مناسبة دون ضابط أو رادع، وأبدت نعمت رغبة الاستقرار في منطقتها بمسكن تؤمنه الدولة بمبلغ مناسب، على أن يدفعه المواطن على أقساط تيسيراً لأموره وتبسيطاً لعيشه وتسهيلاً لحياته.
لا علاقة للمؤسسة به
ومتابعة للموضوع تواصلنا مع مدير فرع المؤسّسة العامة للإسكان بطرطوس المهندس معمر أحمد الذي كشف في حديثه لـ”البعث” أن الملف برمته أصبح في المحافظة منذ أكثر من خمس سنوات ولا علاقة للمؤسّسة به.
المحافظة ملتزمة
عضو المكتب التنفيذي المختص بالمحافظة إبراهيم محمد (الذي ترك مهامه منذ أيام بموجب النتائج الجديدة لانتخابات المجالس المحلية) أكد أن محافظة طرطوس الوحيدة التي تطبق القانون رقم /٢٣/ لعام ٢٠١٥ والذي ينصّ على أن أي معاملة إفراز يؤخذ منها ٥% من مساحة العقار كحدّ أدنى للسكن الشعبي، وبالمقابل تنقل الوحدة الإدارية الملكية إلى ملكها، مشيراً إلى أنه وفي المستقبل يمكن لجميع الوحدات أن تقوم بتشييد مشروع السكن المناطقي كما يمكن أن تعطيه للمنذرين بالهدم أو لعائلات الشهداء.
تأخير غير مبرر!
ولم يخفِ محمد التأخر في البدء بالمشروع الذي كان من المفترض البدء به منذ إقراره، ووجّه أصابع الاتهام للوحدات الإدارية كون المشروع لا يحتاج لأي موافقات، مبيناً أنه على الوحدات الإدارية التي أمّنت مقاسم من الإفراز للسكن الشعبي أن تتوجه وتقوم بتشييد المشروع دون تأخير.
البعث
المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=207&id=193179