الفلاح والمستهلك تحت مظلّة السورية …
أنعشت الأسعار في السوق لمصلحة المزارع ودخلت على خط الأسواق الخارجية



 

سيرياستيبس :

تحت شعار التدخّل الإيجابي، تسخّر مؤسسة السورية للتجارة كل إمكاناتها المتواضعة لمصلحة المزارع في استجرار المحاصيل الأساسية التي تعاني من تعثر التسويق، وعلى رأس المحاصيل التي عانت خلال السنوات الماضية من تكرار سيناريوهات فشل التسويق، وتراكم خسارات المزارعين، الحمضيات التي باتت زراعتها همّاً يقضّ مضجع صاحب الرزق، وبات الاستمرار بإنتاجها عبئاً مالياً تفرضه تكاليف الإنتاج الباهظة ولا يعوضه الموسم الذي “لا يجلب همه”.

وعلى قدر ضعف التسويق مقابل الإنتاج الوفير من الحمضيات، خاصة في اللاذقية، كان تدخّل (السورية للتجارة) في استجرار المحصول من المزارعين، ما استطاعت إليه سبيلاً، سواء باتجاه الأسواق الداخلية، أو من خلال تدخلها أيضاً على خط التصدير الخارجي دعماً للمزارع في تسويق محصوله الذي بات في خواتيمه.

«السورية للتجارة بين بين»
تنقسم آراء المزارعين حول دور (السورية للتجارة) في استجرار المحصول، بين مرحّب وداعم لهذه الخطوة الإيجابية، مستنداً إلى ما تقدمه للمزارع من عبوات بلاستيكية، واستجرارها المحصول من بستانه لتوفر عليه أجور النقل التي باتت باهظة جداً، وتخليص المزارع من دفع العمولة في سوق الهال التي تتراوح نسبتها بين 5-7٪ على الكميات التي يتم تسويقها من الإنتاج، مؤكدين أن المؤسسة تستلم كامل الإنتاج بالوزن نفسه الذي يصل إليها من الحقل.

مزارعون: «السورية» وفّرت لنا العبوات وسيارات النقل وحررتنا من قيود سمسرة سوق الهال

كما أشار مزارعون  إلى أن الأسعار التي تحددها (السورية للتجارة) بالرغم من أنها قليلة ولا تمنح المزارع هامش ربح جيداً، إلّا أنها ساهمت بتوحيد الأسعار في السوق، إذ لم يعد التجار يتحكمون في الأسعار ويدفعون ثمناً بخساً، ناهيك بأن (السورية للتجارة) تستجر جميع الأصناف “أول وثانٍ وثالث” وليس كحال التجار الذين يتسوّقون النخب الأول فقط، إضافة إلى تحميل الفرع أجور الفرز والتوضيب والتحميل والقبان وكسر دور الوسيط في سوق الهال.

ولفت المزارعون إلى أن سيارات “السورية للتجارة” كانت تستجر المحصول من بساتينهم، وتتدخل بشكل مقبول حسب الإمكانات المتوفرة لديها، لكنها تراجعت بعد حدوث الزلزال، والأسعار التي حددتها أجبرت التجار على الشراء بأسعار مماثلة وأعلى في بعض الأحيان، لأن المزارع لم يعد يقبل بالبيع بأقل من السعر الذي حددته “السورية”.

في المقلب الآخر، يأخذ مزارعون على “السورية للتجارة” عدم إنصافها المزارع من حيث تحديد سعر استجرار الحمضيات الذي يكون أقل من سعر التكلفة، ناهيك بتدخلها الذي لا يغطي ثلث الإنتاج.

وأكد المزارعون أن التسويق هذا العام كان جيداً ومتوزعاً بين “السورية للتجارة”، والتجار، وكانت هناك أسواق تصدير ما ساهم في رفع سعر المنتج بما انعكس إيجاباً على المزارع.

رئيس اتحاد فلاحي اللاذقية: التسويق جيد و المزارعون لم يعانوا من أي مشاكل

تدخل إيجابي

رئيس اتحاد فلاحي اللاذقية أديب محفوض أكد إيجابية الدور الذي تؤديه “السورية للتجارة” من خلال تدخلها باستجرار المحاصيل الأساسية في المحافظة، على رأسها الحمضيات، مدللاً في حديث لـ”تشرين” باستجرارها المحصول من بساتين المزارعين مباشرة، بعد تقديمها العبوات وتوفير أجور النقل، ودفعها التجار الراغبين بالشراء لدفع مبالغ تتماشى مع أسعار” السورية للتجارة”، وأحياناً أعلى منها ليوافق المزارعون على عملية البيع.

وأضاف محفوض: تدخل”السورية للتجارة”أدى إلى تحريك إيقاع السوق ورفع الأسعار بما يحقق مصلحة المزارع، وخاصة أن موسم الحمضيات يعد مصدر الرزق الأساسي للكثير من العائلات التي لا تعمل سوى بالزراعة.

لكن ما يؤخذ على” السورية للتجارة”، حسب محفوض والمزارعين، هو الأسعار التي تحددها المؤسسة في بداية الموسم لاستجرار المحصول حسب الجودة للصنف الأول والثاني والثالث، والتي يرونها غير منصفة أحياناً للمزارعين، وخاصة في ظل ارتفاع مستلزمات الإنتاج بداية بالأسمدة وانتهاء بالري، والتي باتت جميعها مرتفعة وتشكل عبئاً على المزارع الذي وضع تعبه خلال العام جانباً في حسبة الربح المشتهى.

زلزال شباط شغّل «السورية للتجارة» بإغاثة المتضررين عن استجرار محصول الحمضيات

كما أشار محفوض إلى التراجع الكبير من جانب”السورية للتجارة” في استجرارها، بعد حدوث الزلزال في 6 شباط، ما دفع المزارعين للبيع للتجار، أو التوجه بحمضياتهم إلى سوق الهال والرضوخ للبيع بعمولة وصلت إلى 7%، ناهيك بتحمّل أجور النقل وثمن العبوات.

والمأمول من “السورية للتجارة”، حسب محفوض، هو دراسة تكاليف الإنتاج قبل تحديد الأسعار، ومنح المزارع هامش ربح لتحفيزه على الاستمرار بالزراعة، إضافة للاهتمام بالتصدير للأسواق الخارجية لأن ذلك ينعكس إيجاباً على رفع الأسعار، خاصة أن إنتاج المحافظة وفير من الحمضيات ويوجد فائض كبير.

وفي السياق، بيّن محفوض أن التصدير كان جيداً خلال الموسم، ولم يعانِ المزارعون من أي مشاكل، مؤكداً وقوف اتحاد الفلاحين إلى جانب “السورية للتجارة” في عمليات الاستجرار وتقديم كل التسهيلات والدعم، انطلاقاً من أن مصلحة المزارع في تسويق المحصول هو غاية الجميع.

وأشار محفوض إلى أن “السورية للتجارة” لا تستجر البندورة في اللاذقية، بسبب الإنتاج القليل للمحافظة والذي بالكاد يغطي السوق.

تسويق جيد

بدوره، رأى عضو المكتب التنفيذي في المحافظة المختص بقطاع التجارة الداخلية الدكتور معلى إبراهيم أنه لولا تدخل” السورية للتجارة” في استجرار محصول الحمضيات، لكان التجار استجروا المحصول من المزارعين بأسعار بخسة وبيعها في الأسواق بأسعار مرتفعة، على غرار سيناريوهات الأعوام الماضية التي كانت تفضي إلى خسارة المزارع، مستنداً في ذلك إلى أن “السورية” حافظت على سعر معين من باب التدخل الإيجابي الذي رافقه تأمين العبوات وفرز الأصناف “أول، ثانٍ، ثالث”، وتوفير أجور النقل على المزارع الذي لم يعد يقبل ببيع المحصول للتاجر بسعر أقل من 1200 ليرة الذي حددته “السورية”، مع ضمان ربح يرضى عنه المزارع.

إبراهيم: لولا تدخل «السورية للتجارة» لكان التجار استجروا المحصول من المزارعين بأسعار بخسة

وأضاف إبراهيم: في حال دخول التجار على خط الاستجرار من المزارعين، ودفع سعر أعلى من السعر الذي حددته “السورية”، فإنه لا ضير من ذلك لأن المستفيد في هذه الحالة هو المزارع الذي يعد غايتنا من ناحية التدخل الإيجابي لمصلحته، مشيراً إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، وخاصة بالنسبة لمزارعي شمال المحافظة بدءاً من دمسرخو حتى رأس شمرا الذين تكبدوا أعباء ري محصولهم خلال العام الماضي.

وأكد إبراهيم عدم حدوث أي مشاكل في تسويق الحمضيات للموسم الحالي، فقد كان التدخل إيجابياً وناجحاً، مستدركاً: لولا حدوث الزلزال الذي جعل “السورية للتجارة”، تتراجع على خط الاستجرار،أمام تقدمها سريعاً على خط إغاثة المتضررين منذ اليوم التالي للزلزال.

ولفت إبراهيم إلى صعوبات عدّة واجهت “السورية للتجارة” أثناء استجرار المحصول، في مقدمتها قلة المحروقات في بعض الأحيان، مؤكداً أنه تم تلافيها بالسرعة المطلوبة من خلال تقديم طلبات توزيع النفط.

وعن انتقادات المزارعين واتحاد الفلاحين للاستجرار الخجول الذي قامت به “السورية للتجارة”، أوضح إبراهيم أنه بتوجيهات من مجلس الوزراء تم استجرار المحصول من المزارعين مع تقديم التسهيلات كلها حتى لو خسرت المؤسسة، وذلك انطلاقاً من هدفها في تسويق المنتج من المزارع.

“السورية للتجارة “على خط التصدير الخارجي

واللافت في تدخل” السورية للتجارة “خلال الموسم الحالي، حسب إبراهيم، هو تدخلها على خط التصدير الخارجي، مبيناً أنه تم تصدير 175 طناً من الحمضيات إلى القرم، فيما بلغت الكمية الإجمالية المسوّقة داخلياً للمحافظات 1800 طن.

وعلى سيرة التصدير، أشار إبراهيم إلى أن التصدير كان جيداً خلال الموسم الحالي، وكانت هناك أسواق مهمة كالعراق والأردن والخليج وروسيا.

المزارع يبيع لمن يدفع أكثر

من جهته، أكد طارق الشيخ يوسف عضو لجنة التصدير في غرفة زراعة اللاذقية وعضو لجنة التسويق في المحافظة، أن المشكلة في تدخّل “السورية للتجارة” على خط تسويق الحمضيات تكمن في استجرارها كميات قليلة جداً من المحصول مقارنة بالإنتاج الكبير، مدللاً أن العام الماضي عندما حدثت ضجة تكدس الحمضيات، وجّهت الحكومة مؤسسة “السورية للتجارة” لاستجرار محصول الحمضيات من المزارعين مباشرة، وقد تم وقف الدعم عن مصدري الحمضيات لمزارع الاعتمادية من تاريخ 1-11-2021 ولغاية 13-5-2022، وتحويل مبلغ الدعم إلى” السورية للتجارة”، واقتصار دعم المصدرين بمبلغ 625 مليون ليرة من 1-11-2021 ولغاية 12-1-2022، ما يعني ثلث الموسم، ما أدى إلى تضرر المزارع، والاعتمادية، والمصدرين.

الشيخ يوسف: عدم وجود وسائل نقل بحرية يسهم في ضعف التسويق

وبرأي الشيخ يوسف، “السورية للتجارة” تحدد أسعاراً للاستجرار، والتاجر يشتري بالسعر الذي يراه مناسباً، وفي هذه الحالة يبيع المزارع للذي يدفع له أكثر، مشيراً إلى أن المزارع لا يحصل على مازوت مدعوم أو سماد مدعوم، وهو في المقابل يدفع ثمن أي مادة من السوق، يحتاجها للإنتاج، كأي تاجر في السوق، متسائلاً: إذا لم يرفع المزارع سعر المنتج الذي يعاني الأمرّين لإنتاجه فكيف سيستمر بعملية الزراعة والإنتاج، وخاصة فيما يتعلق بالزراعات الموسمية.
وتابع: كان موسم الحمضيات الحالي ضعيفاً مقارنة بالسنوات الماضية. وكنا كغرفة زراعة ولجنة تصدير اجتمعنا قبل الموسم ووضعنا جملة مقترحات وتم تقديمها للمحافظ الذي شكّل لجنة تضم جميع الجهات المسؤولة عن الحمضيات، وأقرّت أغلبية المقترحات التي وضعناها وتم اعتمادها كغرفة زراعة، ومن ثم تم رفعها إلى رئيس مجلس الوزراء الذي حضر إلى اللاذقية قبل شهرين من بداية موسم الحمضيات وتم اتخاذ كل الخطوات اللازمة للتسويق، ومنها تخفيض السعر الاسترشادي لبراد الحمضيات من 8000 دولار إلى 4000 دولار بما يجعل المصدّر يتعهد بالقطع 1000 بدلاً عن 4000 دولار، بالإضافة لوضع برنامج دعم المصدّرين من هيئة الصادرات على مرحلتين؛ الأولى وهي مرحلة الذروة 25% دعم شحن، والمرحلة الثانية بين 1-3 ولغاية 31-5 وتبلغ 10% من قيمة الشحن .

وفي أرقام تقريبية، أشار الشيخ يوسف إلى أن إجمالي الكميات المسوقة من محصول الحمضيات للموسم الحالي لغاية 22-3-2023 تبلغ 160 ألف طن عبر منافذ اللاذقية من إجمالي الإنتاج المقدّر بنحو 500 ألف طن، موزعاً الكميات بين 40-42 ألف طن تم تسويقها إلى الأسواق الخارجية، 89 ألف طن تم تسويقها عبر أسواق الهال في المحافظة، في الوقت الذي استجرت فيه “السورية للتجارة” 1569 طناً، ومعامل العصائر 1573 طناً، مبيناً أن صنف بالانسيا لا يزال في مرحلة التسويق باعتباره آخر أنواع الحمضيات نضوجاً، إضافة للكريفون والحامض.

وأكد الشيخ يوسف أنه يوجد ضعف في التسويق بشكل عام، عازياً السبب الأساس وراء ذلك إلى عدم وجود وسائل نقل بحرية، مشيراً إلى أن تكلفة النقل البحري باهظة، إذ إن تكلفة نقل براد حمولته تتراوح بين 22-23 طناً، تبلغ 21 ألف دولار.



المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=128&id=195143

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc