سيرياستيبس
نوار هيفا :
ألف، مليون، ومليون ومئتا ألف ليرة، ما سبق ليست أقساط منزل، أو سيارات، بل هو سعر (بيدون) زيت الزيتون حالياً من البائع أو القرية أو المعصرة، ما أجبر الكثير من السوريين على إضافته إلى قائمة المحذوفات من المائدة السورية، والمخيف أكثر، أن البعض يتحدث عن توقعات وصول سعره إلى مليون ونصف المليون ليرة.
نور الحكيم موظفة تقول : «راتبي يكفي لشراء ليتر ونصف ليتر زيت زيتون وربما أقل، أي إن الزيت أصبح من الكماليات كغيره من المواد، أو ربما أصبحنا بحاجة لقرض زيت زيتون.
محمد حسن مزارع من ريف مصياف أكد : أن موسم هذا العام أقل من سابقه، كما أن الكلف ارتفعت لأكثر من الضعف، فاليوم بات عاملو القطاف يطلبون كأجر بين (80 إلى 100) ألف ليرة، ليوم العمل الواحد، هذا غير أجور النقل والعصر والتعبئة، مبيناً أن التصدير حل مسعف لتعويض المزارع عن خسائر الزراعة، مع تخوف من عزوف كثير من المزارعين عن هذه «المصلحة» حسب قوله.
وكشف حسن أن التجار بدؤوا بـ«ضمانة» بساتين الزيتون من المزارعين والاتفاق على شراء كميات كبيرة منهم مع تكفل التاجر بتكاليف القطاف والعصر والنقل والتعبئة في العبوات البلاستيكية والمعدنية، بالتالي سنشهد احتكاراً للمادة هذا العام.
مديرة مكتب الزيتون عبير جوهر أوضحت أن تقدير الإنتاج لهذا العام لم يصل بعد من كامل المحافظات، علماً أن المكتب يقوم بجولات ميدانية على الحقول في المحافظات لتقييم الإنتاج، لكن التقدير يجب أن يصدر عن مديرية الزراعة الخاصة بكل محافظة، وسيتم الإعلان عن التقديرات الأولية بداية الشهر القادم.
وبينت جوهر أن إنتاج الزيتون في سورية يؤمن حاجة الاستهلاك المحلي ولكن يختلف من عام إلى آخر لتحديد الكميات المتاحة للتصدير، لذلك تقوم الحكومة باتخاذ الإجراءات المناسبة حسب هذه الكميات كي لا تؤثر على الموجود في الأسواق المحلية.
أما بالنسبة للأسعار أشارت جوهر إلى أن الأسعار مرتفعة عالمياً في الدول الأساسية المنتجة لمادة زيت الزيتون كإسبانيا وإيطاليا، بسبب تراجع الإنتاج بنسبة كبيرة في معظم هذه الدول بفعل التغيرات المناخية ووصل سعر الكغ الواحد إلى 7.6 يورو، ونحن سنكون ضمن دائرة هذا الارتفاع مع رغبة التجار بتصدير أكبر كمية من المادة، لافتة إلى أن موضوع التصدير تم ضبطه من الوزارات المعنية من خلال تحديد الكميات المحكومة أساساً بالكميات الفائضة عن الإنتاج المحلي.
وأوضحت جوهر أن إنتاج الموسم الماضي من زيت الزيتون بلغ نحو 125 ألف طن، وحاجة الاستهلاك المحلي قدرت بـ80 ألف طن وكان هناك فائض تصدير يقارب 45 ألف طن، بشرط أن يكون على دفعتين، وحدد حجم العبوات بـ16كغ وما دون، وذلك لضبط عدم سحب كميات كبيرة من الأسواق، وبالرغم من عدم تجاوز الكميات المصدرة 20 ألف طن حتى تاريخه، لكن للأسف لجأ التجار إلى سحب كميات كبيرة من المزارعين وتخزينها، ما أدى إلى رفع أسعارها إضافة لأن المواد المعروضة في الأسواق تفوق قدرة المواطن الشرائية والزيت كغيره من السلع التي طالها ارتفاع أسعار.
وأشارت جوهر إلى زيادة التكاليف التي يتحملها المزارع في الإنتاج وضرورة تعويضه عن تكاليف إنتاج سلعته خاصة في حال كانت هذه السلعة ذات ميزة تصديرية، ونحن كدولة لديها إنتاج يكفي حاجة السوق المحلي وتلبية حاجة التصدير، لذلك يمكن أن يستفيد المزارع من ميزة منتجه التصديري وبالتالي يمكنه الحصول على مردود يساعده في تأمين مستلزمات الإنتاج المرتفعة، كما أن للتصدير مسعى آخر ليكون الزيت السوري موجوداً في الأسواق الخارجية لعدم خسارة هذه الأسواق وفي حال كان الإنتاج ضعيفاً سيتم اتخاذ القرارات المناسبة للمحافظة على الكميات الموجودة.
ولفتت جوهر إلى ضرورة تحفيز المزارع للاستمرار بإنتاجه خاصة فيما يتعلق بالمنتجات ذات الاستدامة كشجرة الزيتون المثمرة، لأن أي مزارع يجد نفسه خاسراً سيعزف عن الزراعة وسنصل إلى مرحلة لن نجد فيها مزارعاً.
وعن تأثر الحرائق الأخيرة بحجم الإنتاج لهذا العام، أوضحت جوهر أن الحرائق بالمجمل ستؤثر في الأراضي الحراجية والزراعية على المدى البعيد، وهي بالمطلق خسارة لوحدة إنتاجية وغطاء نباتي كامل، لذلك بالتأكيد سيكون تأثيرها سلبياً، والزيتون الذي تعرض للحريق منذ عامين حالياً هو في طور النمو ويحتاج قرابة عشر سنوات ليدخل في طور الإثمار، وهذه المناطق تعرضت للحرائق أكثر من مرة، وسيتم لاحقاُ تقدير الأضرار بشكل كامل بما فيها أشجار الزيتون، ونحن بهذه الحرائق خسرنا إنتاجاً لعدة سنوات، والموضوع يحتاج إلى تضافر الجهود من الجهات لضبط عمليات التسويق المحلي ووجود جهات رقابية على الكميات والنوعيات وعلى الأسعار.