سيرياستيبس :
لم تُفلح النداءات التي وجّهها مربو الدواجن على مدار أعوام مضت في ضبط وتنظيم أمور قطاعهم الذي لطالما تراخت الجهات المعنيّة في أخذ هموم مربيه على محمل الجدّ، لتشهد السنوات الماضية انهياراً جزئياً في منظومة عمل القطاع وصولاً اليوم إلى عزوف مئات المربين ونفوق أعداد مخيفة من الدواجن على مرأى أصحاب الشأن المعنيين “شكلاً” بالحفاظ على الأمن الغذائي المحلي!.
خارج الحسابات
ومع بدء تفاؤل المواطنين منذ شهرين بانخفاض سعر الفروج بضعة آلاف، طامعين
بانخفاض أكبر في المستقبل القريب، كان لمربي الدواجن رأي خالف هذه التوقعات
مطالبين بإجراءات جذرية لعلاج مشكلات القطاع قُبيل ارتفاع سعر البيض
والدجاج وفقدانهما من السوق المحلي تدريجياً، وهذا ما حصل بالفعل، إذ لم
يستمر انخفاض السعر بضعة أيام حتى تلته سلسلة من الارتفاعات لم تعد حتى
الطبقات الغنية تستطيع مجاراتها، لتصبح مادتا البيض والفروج خارج نطاق
حسابات العائلات لأمد غير واضح، وخاصّة مع موجة الحرّ التي تعيشها البلاد
هذه الفترة وتسبّبت بنفوق أعداد كبيرة، قدّرها مازن مارديني، عضو غرفة
الزراعة، بأكثر من 50% بالنسبة للفروج، في حين تجاوزت النسبة الـ 25%
بالنسبة للدجاج البياض. وتحدّث مارديني عن هموم المربين في القطاع الخاص
كونه واحداً منهم، فمصائب المربين كبيرة وقاسية خلال هذه الفترة مقارنة
بالقطاع العام، رغم كلّ الإجراءات الاحترازية التي – يقول مارديني – “قمنا
بها ضمن إمكانياتنا الشحيحة من كهرباء ومازوت”، وبيّن أن هذا الأذى مباشر
للمربين، في حين أنه غير مباشر للمواطن وللأمن الغذائي للبلد ككل، متوقعاً
أن تصل الأمور إلى خسارة فادحة وشحّ في هذا القطاع الأساسي آجلاً أم
عاجلاً.
استمرار الارتفاع
كذلك لم يُخفِ رائد حجازي، معاون المدير العام لمؤسّسة الدواجن، نفوق عدد
من قطعان الفروج، إلّا أن نسبة النفوق التي قدّمها تؤكد أن وضع القطاع
العام أفضل من الخاص من ناحية الجاهزية، ولاسيّما أن نظام العمل المتّبع في
مداجن المؤسسة العامة مغلق، أي معزول عن العوامل الخارجية، في حين نظام
العمل في مداجن الخاص مفتوح، وبالتالي فهو عُرضة لشتى العوامل الخارجية.
ولفت حجازي إلى أن نسبة النفوق في منشأة حمص لم تتجاوز الـ2%، كذلك الأمر
بالنسبة لمنشأة صيدنايا والتي لم تتجاوز نسبة النفوق فيها الـ3%.
معاون المدير العام أشار إلى أن منشآت القطاع العام لا تشكّل أكثر من 10%
من قطاع الدواجن ككل، فالتربية الفردية منتشرة في كلّ سورية، لافتاً إلى أن
خروج حوالي الستة آلاف مدجنة تابعة للمؤسسة عن العمل خلال الحرب وهذا مع
غيره من العوامل أدى لارتفاع سعر مادتي البيض والدجاج، خاصّة وأن 90% من
مستلزمات القطاع مستوردة، الأمر الذي يجعلنا غير قادرين على تثبيت سعر
الإنتاج وبالتالي تغيير يومي في السعر.
تهديد حقيقي
المستشار الفني في غرفة الزراعة، عبد الرحمن قرنفلة، تحدث عن تأثير موجة
الحرّ على القطاع، حيث تعتبر الحرارة من عوامل الإجهاد الكبيرة التي تؤثر
سلباً على أداء قطعان الدجاج، كما تشكل تهديداً حقيقياً لحياتها، وتعتبر
الحرارة المرتفعة أشدّ خطورة على الطيور وخاصة طيور التسمين لارتفاع
أوزانها وزيادة الجهد الفسيولوجي الذي تتعرّض له مقارنة بالدجاج البياض
الأخفّ وزناً، ويتمثل تأثير الحرارة المرتفعة على دجاج اللحم (الفروج) بخفض
قدرة الطيور على تناول الأعلاف وامتناعها عن الأكل بمرحلة لاحقة، مما
يساهم بتراجع أوزانها وخفض قدرتها المناعية وانهيار استطاعتها على التأقلم
مع الجو المحيط والوصول إلى مرحلة النفوق التي قد تصل إلى نسبة بين ٨٥-
١٠٠%، أما الدجاج البياض فيتمثل تأثير الحرارة المرتفعة عليه بتراجع قدرته
على تناول العلف وأيضاً تراجع استهلاكه لمياه الشرب، وخاصة إذا تجاوزت
حرارة ذلك الماء الـ١٩ درجة مئوية، وهذا يقود إلى تراجع حجم البيضة
تدريجياً ثم التوقف عن البيض، وفي حال استمرار الإجهاد الحراري يمكن أن تصل
الطيور إلى مرحلة النفوق، ويمكن أن تسجل نسباً مرتفعة قد تصل إلى ٨٠%
وفقاً لوضع القطعان الصحي والغذائي وواقع الرعاية والظروف البيئية المحيطة
بالطائر.
ضعف الخبرة
وحول التساؤلات والتخوّف من فقدان المادة من أسواقنا المحلية واستيرادها
لاحقاً، تحدث قرنفلة عن جملة من العوامل الداخلة في تسعير المادة، إذ يساهم
كلّ من تكاليف الإنتاج وقوى العرض والطلب بأسعار مادتي البيض والفروج، حيث
تشكل قيمة الأعلاف أكثر من ٨٥% حالياً من تكاليف الإنتاج، ومن المعروف أن
أعلاف الدواجن مستوردة بمعظمها وتتأثر أسعارها بأسعار صرف العملة المحلية
تجاه العملات الأجنبية التي يتمّ استيراد الأعلاف بها، كذلك تتأثر أسعار
الأدوية البيطرية والإضافات العلفية بالعامل نفسه، كما شهدت أجور اليد
العاملة ارتفاعاً كبيراً، إضافة إلى جنون أسعار حوامل الطاقة وجميعها ينعكس
على أسعار منتجات الدجاج، ويضافُ إلى ذلك عامل مهمّ هو ارتفاع نسب نفوق
الطيور نتيجة ضعف خبرة بعض المربين بالإدارة الفنية لقطعان الدجاج، ومن
ناحية ثانية تتأثر أسعار منتجات الدجاج كغيرها من السلع بقوى العرض والطلب
التي تسيطر على السوق، حيث ترتفع الأسعار عند ندرة المادة في السوق، بينما
تنخفض الأسعار وربما تحت حدّ التكلفة نتيجة تراجع حجم الطلب على الكميات
المطروحة بالسوق.
ميس بركات
المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=128&id=196065