المواطن في قلوبهم
28/10/2007
زياد غصن
لا أعتقد أن هناك مشكلة واحدة في بلدنا وجدت طريقها للحل بشكل كامل...
إذ انه ورغم تحديد معالم كل مشكلة و أسبابها وسبل معالجتها...لا بل والمباشرة بإجراءات الحل، إلا أننا لم نلمس يوما حلا لمشكلة ما،أو أن إجراءات الحل التي تحدثت عنها سابقا وصلت إلى نهاية مشوارها....والأمثلة كثيرة...
*حددت مشكلة الاستثمار ومنذ سنوات لم تكف الحكومات المتعاقبة عن تكرار ذات الاسطوانة القائمة على عبارة واحدة هي تحسين المناخ الاستثماري، بينما التقييم الدولي على حاله...
*اعترفت الحكومة بالفقر وقالت بنسب واضحة واقترحت إجراءات طويلة الأمد، لكن ما تمت المباشرة به لم يستكمل، والدليل أنه ليس هناك برنامجا واضحا مخصصا لمواجهة الفقر وتحسين دخل أفرادها....
*تعلم الحكومة ويعلم الجميع كذلك أنه من أهم أسباب خسارة الشركات العامة هي تلك الأنظمة والتعليمات المقيدة لقراراتها و أنشطتها، ورغم استمرار الخسائر وتأكيد الكثير من الجهات العامة ونصائح المستشارين الأجانب إلا أن التمسك بتلك الأنظمة أصبحت من الثوابت البيروقراطية....ويا ما تحت السواهي دواهي.
*يوميا يشاهد المسؤولون من نوافذ سياراتهم المواطنين منتشرين في الشوارع بانتظار وسيلة نقل تنقلهم كالخراف إلى منازلهم أو أماكن عملهم، ومع ذلك كان هناك من كان يعارض فتح اعتماد لتنفيذ صفقة الباصات الصينية، إنما وافق على فتح اعتماد لشراء سيارات الكزس... وغيرها الكثير من المشاكل التي يصعب للأسف الوصول إلى رقم دقيق لها.
كما ترون أعزائي القراء...المشاكل في بلدنا متنوعة، بعضها على مستوى الاقتصاد الكلي وبعضها الأخر قطاعي متعلق بكل قطاع اقتصادي أو خدمي، وبعضها الثالث يتصل مباشرة بحياة المواطن اليومية...
والسؤال...لماذا تفشل جهود حل المشاكل التي نواجهها و لماذا لا تستكمل لنهايتها ونحصل على النتائج المرجوة؟!.
ثمة أسباب عديدة تقف خلف ذلك الفشل منها...
- اختيار الحلول المؤقتة التي تسعى خلف علاج مسكن للمشاكل وتبتعد عن الحلول الدائمة، وعلى ذلك فما أن تستكين مشكلة ما حتى تثيرها من جديد إجراءات الحل المؤقتة التي غالبا ما تطبق بشكل سريع وفوضوي.
- ضعف المتابعة والتصميم من الإدارات العليا التي تترك أمر التنفيذ دوما للشرائح الإدارية الدنيا بحيث لا يتم اكتشاف الأخطاء والمخالفات في التنفيذ إلا بعد الانتهاء من تطبيق إجراءات الحل....وغالبا ما يتم ذلك بالصدفة فقط !!...فضلا عن عدم استجابة هذه الإدارات العليا لمقترحات المعالجة بشكل ديناميكي.
- ضعف وقلة خبرة فرق العمل المكلفة بإيجاد حلول للمشاكل التي يعاني منها المواطن، فمثلا حاجة العاصمة دمشق لمياه الشرب دفع بالجهات المعنية إلى استجرار المياه من وادي بردى الأمر الذي تسبب لاحقا بجفاف نهر بردى والقضاء على الوادي الأخضر المحيط به و التسبب بعطش القرى المحيطة به....طبعا دون أن يتم تحقيق علني بذلك و إجراء المحاسبة لمن يستحق!!.
- عدم الاهتمام بمشاكل المواطن والنظر إلى مشاريع الحل من باب الجدوى الاقتصادية وعندما لا يرون جدوى من بعض الحلول يعرقلونها ولو كانت على حساب المواطن الفقير، فتنفيذ صفقة الباصات الصينية المعلقة منذ عامين تقريبا هو بنظر البعض غير مجدي اقتصاديا لأنهم لا يعيشون ما يعانيه المواطن وما يهدره من وقت وجهد ومال لتأمين وسيلة نقل....لكن للأمانة هم دوما يقولون أن المواطن في قلوبهم !!.
ربما يكون الاقتراح الذي قدمته منذ سنوات من باب السخرية ما زال ساري المفعول، وهو يقوم على إلزام جميع المسؤولين العيش لمدة أسبوع واحد فقط بظروف مشابهة لتلك التي يعيشها لمواطن ذو الدخل المحدود تماما....يسكنون في مناطق السكن العشوائي، يركبون وسائل النقل العامة، يدفعون فواتير المياه والكهرباء، يتقاضون راتب موظف عادي....ولنرى من منهم سيصمد يوما واحد فقط !!.
المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=160&id=198