لولا بعض المبادرات الخيرية التي ساعدت آلاف الأسر في كل محافظة لأكدنا أن رمضان 2024 تميز بعنوانين بارزين هما: الجشع والاحتكار!
ولمن لا يكفّ عن انتقاد “السورية للتجارة” ويشوه سمعتها، وتحديدا في الكثير
من اجتماعات المجالس المحلية، فليسأل: إلى أيّ مدى كان سيصل الاحتكار
والجشع لو اختفت صالات التدخل الإيجابي من التواجد في الأسواق؟
لقد ازدادت حالات الاحتكار والجشع قبل أسبوع من رمضان، ومع إن غرف التجارة
أكدت بأن الأسعار ستنخفض بعد العشر الأول من الشهر الفضيل، فإن غالبية
مزودي الأسواق بالسلع والمواد ازدادوا احتكارا، وباعة المفرق – بمن فيهم
باعة الأرصفة والبسطات – ازدادوا جشعا، وكأنّ شهر رمضان الكريم ليس سوى
مناسبة لشفط دخل ملايين الأسر المحدود مقابل كم قليل جدا من السلع التي لا
تكفي لإعداد مائدة متواضعة سوى لبضعة أيام!
ومع أن جهات حكومية وخاصة تؤكد أن لا وجود للاحتكار، وأن الأسواق والأسعار
مضبوطة، فإن كل الوقائع تؤكد إن المستوردين يمارسون الاحتكار بأبشع صوره،
وأن الأسعار منفلتة ترتفع باتجاه الأعلى فالأعلى، لتؤكد لكل من يهمه الأمر –
بمن فيهم المنظّرون – بأن لاعلاقة مباشرة لارتفاع أسعار المواد بسعر
الصرف، فقد انخفض هذا السعر قبل أسبوع من رمضان، وما زال مستقرا منذ شهر،
ومع ذلك لم يتوقف الاحتكار ولا الجشع!!
وكمثال فظّ ومستفزّ على الاحتكار، فقد قام بعض التجار باستيراد مادة
البطاطا وفقاً لقرار رئاسة مجلس الوزراء بالسماح باستيراد 30 ألف طن منها،
وقاموا بتخزينها في وحدات تبريد بدلا من طرحها في الأسواق، وهم يعلمون جيدا
أنها مادة أساسية ويومية لملايين الأسر السورية، بانتظار انتهاء إنتاج
العروة الربيعية لبيعها بأسعار مرتفعة للمستهلك!
السؤال: أين الآليات الحكومية لمراقبة المستوردين المحتكرين؟
يُمكن أن نستنتج بسهولة إن قرار السماح باستيراد 30 ألف طن بطاطا مصرية
“كأنّه” صدر لصالح قلة من التجار ليحققوا ربحا فاحشا دون أيّ فائدة
للمواطنين، وكان يُمكن السماح للسورية للتجارة باستيراد المادة مباشرة من
مصر بدلا من المحتكرين، فلماذا لم تفعلها الحكومة؟
طبعا.. تجار البطاطا اكتشفوا سريعا أن إنتاج العروة الصيفية ضعيف هذا
العام، ولم يعجبهم بيعها بسعر أقل من 10 آلاف، كما هو حاليا في الأسواق، بل
سيطرحونها بكميات تدريجية وقليلة بعد انتهاء موسم العروة الصيفية، وبسعر
لن يقل عن 15 ألف ليرة للكيلو. وإذا أرادت الحكومة إحباط خطة المحتكرين،
فلتسمح سريعا للسورية للتجارة باستيراد البطاطا من مصر طالما أن العروة
الصيفية غير كافية، وهي الطريقة الوحيدة لبيعها بسعر مناسب، ومنع التجار من
ممارسة الإحتكار!
ونرى أن هذا الإجراء أجدى من عمليات مداهمة مستودعات مستوردي البطاطا،
طالما الوقت كاف لمعالجة اقتصادية “لاقمعية”، ترغم التجار طوعا على طرح
المادة تجنبا لخسائر محتملة، أو الاكتفاء بأرباح منطقية!!
أما المثال عن الجشع فهو الفارق الكبير بين أسعار الخضار والفواكه بالجملة في أسواق الهال، وبين أسعارها بالمفرق في الأسواق. وحسب الأرقام التي كشفت عنها لجنة تجار ومصدري سوق الهال في دمشق، يصل الفارق مابين 50% و100%، والسؤال: هل المسافة من سوق الهال بدمشق إلى الأسواق طويلة جدا كي تضاف أجور نقل على سعر كل سلعة منفردة بما لا يقل عن 50%؟
المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=128&id=198443