برفعها أسعار البنزين في وقت غير متوقع كي لا نقول دون سابق
إنذار ويكون كلاماً مردوداً علينا تكون
الحكومة قد صححت خطأ سبق أن ارتكبته بحق نفسها وتكون قد أضافت فضيلة التراجع عن الخطأ إلى فضائلها
الكثيرة .
فقبل شهرين من الآن طرحت الحكومة على لسان نائب رئيسها
للشؤون الاقتصادية مشروعها لرفع الدعم وهو المشروع الذي أطلقت عليه اسماً ملطفاً توزيع الدعم .
يومها قالت أن تريد مشاركة المواطنين في القرار وطلبت من الإعلام مساعدتها في نقل وجهة نظرها للناس
ونقل وجهة الناس لها .
عبر الناس عن رأيهم بل عن آرائهم المتعددة بوسائل كثيرة
وانظروا ماذا حصل : بعض أساتذة الاقتصاد عبروا عن رأيهم من خلال بيان
فاتهموا بأنهم إيديولوجيون وغير معنيين بمستقبل البلد ومتانة اقتصاده وأنهم يجهلون ألف باء الاقتصاد .
بعض الناس عبروا عن رأيهم من خلال لقاءات عامة ومؤتمرات
نقابية وحزبية ( لأحزاب مختلفة ) فأطلقت عليهم أوصاف بدأت بالجهل وكادت تصل
للخيانة .
الأسواق عبرت عن رأيها وفق منطقها الداخلي وبالطريقة
الوحيدة التي تعرفها وتستطيعها للتعبير فارتفعت أسعار المواد بنسبة تفوق نسبة
الرفع المرتقب للمواد المدعومة .
الصحف عبرت عن آراء محرريها ونقلت آراء بعض المواطنين
فاعتبرت بأنها تشوش على العمل الحكومي
وأنها السبب في الاضطراب الذي شهدته الأسواق واحتاجت الصحف ( الحكومية منها
مبدئياً ) على جلسة تقريع لسوء أدائها في
معركة الحكومة ( أو جزء من الحكومة كما
صار واضحاً الآن ) في تحقيق عدالة توزيع
الدعم .
توجت الحكومة مفهومها الخاص للتشاركية في اتخذا القرار
بتساءل حزين جاء موشى بالأسى : هل أخطأنا بطرح الموضوع للنقاش مع المواطنين ؟ هل
كان علينا أن نفعل كما فعلت الحكومات التي سبقتنا ونتخذ القرارات بشكل مفاجئ وتحت
جنح الظلام ؟
عند جملة كهذه لم يكن بإمكاننا سوى أن نقضم أظافرنا ندماً
على موقفنا المتشنج والمبالغ فيه للرد على طر ح الحكومة .
فمن حسن الخلق حين يسألك شخص لطيف وحساس سؤالاً أن تجيب بما
يود سماعه ومن سوء الخلق أن تجيب برأيك
الحقيقي .
وقد كنا حقاً سيئي الخلق مع الحكومة وقابلنا الإحسان
بالعقوق والتفهم بالحمق واليد الودودة الممدودة برعونة النقاش الموضوعي .
يوم الأربعاء الماضي استيقظنا على خبر مفرح للحكومة مفرح لنا فالحكومة صححت خطأ استشارتنا
وفعلت كما فعلت الحكومات السابقة حررتنا من شعورنا بالذنب .
يوم تزوجت نصحني عمي محمد أن أستشير زوجتي في كل صغيرة
وكبيرة وأن أنصت لرأيها جيداً ثم أفعل العكس تماماً .
وبهذه النصيحة كان يريد لي أن أكون وحدي حراً وفي الوقت نفسه متشاركاً مع زوجتي أي أحقق في حياتي
الزوجية الوحدة والحرية والتشاركية .
كان يريد لي :
( مسار حياة هانئة .... ذات قرارات صائبة )
ثم وبعد خمسة عشر عاماً وجدت ....
لماذا أخبركم ؟ فكلكم تعرفون وقد وجدتم مع زوجاتكم ومع حكوماتكم ما وجدت .
يعرب العيسى
المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=160&id=199