البلاد أحـق بشبابـها ..
بينما هناك اشخاص يتولون عدة مناصب وظيفية في سورية
سيرياستيبس
كتب الدكتور محمد الجبالي
كثيراً ما نقرأ عن الإنجازات التي يحققها السوريون في الخارج من إبداعات وتفوق وتميز.. بالمقابل نقرأ تقارير مؤلمة عن الخسائر الكبيرة التي يتعرض لها وطننا الحبيب نتيجة لنزيف الموارد البشرية التي تحدث وحدثت خلال سنوات الحرب.
في أحدث التقارير التي نشرت ذُكر أن 38 بالمئة من الألمان الجدد سوريون بعدد بلغ 75500 شخص، نالوا الجنسية الألمانية، هذا خارجيا ويشمل بلداً واحداً وهو ألمانيا.. فما بالكم ببقية البلدان التي هاجر إليها السوريون..؟
داخلياً ذكرت دراسة قام فيها المعهد الوطني للإدارة العامة حول نزيف الموارد البشرية من المؤسسات العامة، بين عامي ٢٠١٠ و ٢٠٢٢، أن هناك خمس وزارات بلغت نسبة التسرب منها أكثر من ٥٠% بالاستناد إلى عام ٢٠١٠ كسنة أساس، وأن التسرب الأكبر كان لدى الذكور، إذ تراوح ما بين الضعفين إلى الخمسة أضعاف مقارنة بالإناث.كما تبين وجود زيادة في عدد الإناث عام ٢٠٢٢ مقارنة بالعام ٢٠١٠ كسنة أساس مثل وزارات؛ النفط والثروة المعدنية والتجارة الداخلية وحماية المستهلك، و الكهرباء والتربية والداخلية والمالية..
عدا عن دق ناقوس الخطر كثيرا عن تسرب الكوادر الطبية من أطباء وأطباء تخدير والنقص الكبير الحاصل في المستشفيات.. هذا كله يجب أن يوضع على طاولة العناية لإيجاد الحلول المناسبة والسريعة ومعالجة الأسباب التي أدت إلى هذه النتائج السلبية.
لا شك أن الدخل هو اللاعب الأساسي في تسرب الكوادر داخليا، من المؤسسات العامة، أما خارجيا، فالأسباب معروفة كالعقو.بات الاقتصادية الجا.ئرة المفروضة على وطننا والتي عرقلت عملية إعادة الإعمار والاستثمار وتشجيع جذب رؤوس الأموال، عدا عن معاناة اقتصادنا في الحصول على حوامل الطاقة نتيجة الأ.حتلا.ل لأبار النفط والغاز.. وغيرها من الأسباب الكثيرة التي كان للدول التي تآ.مرت على بلدنا الدور الأبرز فيها.
ولكن يجب أن لا نرضخ للواقع الحالي، بل يجب التحرك الإسعافي السريع للمحافظة على ما بقي من كوادر وخبرات لدينا وخاصة الطاقة الشبابية، التي تعتبر المحرك الأساسي لأي اقتصاد، فلا بد من توفير فرص العمل برواتب توازي متطلبات المعيشة، وربط مخرجات التعليم بسوق العمل، والتركيز على مبدأ تكافئ الفرص، فكم وجدنا كثيرا من الخريجين يعملون في مقاهي ونوادي وغيرهم ولم يحصلوا على أي فرصة عمل مناسبة بشهاداتهم الجامعية..
بالمقابل نجد أن ما يحدث في الوسط الوظيفي، أن الكثير من الشخصيات تحوز على أكثر من منصب، دفعة واحدة، دون إتاحة الفرصة للغير، لتمكين خبرته، أو تنفيذ ما تعلمه، فنجد الكثير من الأشخاص يحوزون على مناصب كثيرة، فنرى مثلا رئيس اتحاد وهو بنفس الوقت رئيس لاحد مجالس الأعمال ويشغل عددا من المناصب الأخرى.. هذا كمثال ... ما يطرح سؤال مفاده: هل لم يعد لدينا خبرات وكوادر قادرة على شغل هذه المناصب حتى يتم اسنادها لشخص واحد؟
بالتأكيد ان الشخص الذي تسند له عدد من المناصب والوظائف لن يكون على قدرة كافية في منح هذه الوظائف ما تتطلبه.. اي التأثير سيكون سلبي على أداء الوظائف... وبالتالي على القطاع الذي يشغله وبالتالي على الوطن..
نعم من المهم المحافظة على هذه الشخصيات التي تملك الخبرة، ولديها المعرفة الكبيرة في مجالات العمل، وتوظيف هذه الخبرة لصناعة أشخاص قادرين على تحمل المسؤولية وأخذ دورهم، فالمناصب الاقتصادية بشقيها التجاري والصناعي وحتى التشريعي كمجلس الشعب هو تكليف وليس تشريف.. وعلى من يحوز على هذه المناصب أن لا يحتكر الخبرة، بل يجب أن يورثها لمن خلفه، ويعلمه، ويقوي من عزيمته.
الشباب لدينا في سورية، يملكون القدرة على التحد والمثابرة والإبداع، ولكن يحتاجون إلى من يأخذ بيدهم ويدفع بعزيمتهم ويهيئ لهم الفرصة المناسبة.. واكبر دليل على ذلك ما نقرأه دائما من إبداعاتهم في الخارج..
وطننا هو أحق بشبابه، وخبراته، وإبداعاته.. وطننا حاليا يحتاج إلى قوة الشباب لإعادة بناءه .. فلنسمع لشبابنا ونعالج قضاياهم، ولنهيئ لهم بيئة عمل مناسبة لنستفيد من طاقاتهم بدلا من أن تهاجر.
المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=127&id=199052