هذه
ليست حكاية شجاع وحده بل حكاية جيل من الشباب الحائر الباحث عن مورد للرزق لكن
خصوصيته تكمن بأنه قادم من الحسكة البعيدة الى دمشق ليبيع في أسواقها زجاجات الماء
المبرد في الثلج أو علب الكولا أو العصير فأجاني العطش قرب الجامع الأموي فوجدت
أكثر من شاب يقف وأمامه وعاء كبير فيه قطع كبيرة من الثلج التي غمرت فيها زجاجات
الماء وبعد أخذ ورد اطلعت على حكاية شجاع التي تماثل حكاية شباب الحسكة من قرية تل
تمر التي مازال أهلوها يسكنون بيوت الطين .
جاء شجاع وسبعة آخرون من أقربائه بحثاً عن عمل ،
استأجروا بيتاً متواضعاً في حي العمارة وبما أن رمضان قد حل ضيفا هاهم يضربون
أخماسهم في أسدادهم ويفكرون بمورد آخر للعيش قد يكون السفر الى لبنان والوضع ليس
خافياً على أحد هناك وما أصاب عمالنا ! و هو قد عمل سابقاً في مطاعم لبنان شجاج البالغ
من العمر 29 عاماً هو الأكبر في أسرة تضم غير الأب والأم تسعة فتيان وثماني بنات
وتزوجت منهن اثنتان وأصغر الأولاد عمره 3 سنوات يعيشون كفلاحين لايملكون أرضاً
فيعملون لدى المزارعين أصحاب الأراضي بنسبة محددة من المحصول أي 8% فإن أنتجت
الأرض 100 كيس من القمح استحق العاملون فيها 8 أكياس منه فقط الأراضي بعلية ومع
انحباس المطر ماعادت الأرض تعطي خيراتها لأحد ومن نثر قمحاً في تلك الأرض الجدافة
ذهب أدراج الرياح ولم تعوض عليه الدولة بقرش واحد كما أن الخابور رافد الفرات
الأقرب إليهم جف منذ أواخر التسعينات فماذا يفعلون؟؟
وكأن
أحداً لايعرف بمشاكلنا وهمومنا المعيشية نحن منسيون تماماً هكذا يقول شجاع فليس من
مشروع أو شركة أو مصنع هناك يوفر فرص عمل لشباب ترك معظمهم الدراسة ليتوجهوا إلى
العمل فما إن يقوى عود أحدهم حتى يخلف التعليم وراءه ويعمل في الأرض أو في غيرها
حسب المتوفر المساعدات التي منحها السيد الرئيس للمنطقة وزع جزء قليل منها (أرز –
سكر – معكرونة) أي مواد غذائية على السكان وقام آخرون (بلطشها) ويشكون من إهمال
محافظة الحسكة فقراهم التي لاتبعد عن المدينة أكثر من 50كم مازالت دون مياه شرب
(هم يشترون صهاريج الماء) وآبارهم مالحة وبدون صرف صحي كل مايتمتعون به هو
الكهرباء الحكومية فقط والهاتف مازال حلماً بعيداً كما يبدو.
فوق
كل ذلك يعاني أبناء المنطقة وأغلبهم من عشيرة (البقّارة) من غلاء المهور التي وصلت
150 ألف ليرة تعطى للوالد ويبقى أمام الشاب 150 ألف ليرة اخرى للتجهيزات الاخرى
ويقول شجاع لقد انخفضت المهور إذ كانت 300ألف ليرة وهكذا ترتفع نسبة العنوسة ففي
قرية مجاورة يقول شجاع هناك أكثر من 80 بنتاً تجاوزن سن الأربعين وبقين دون زواج
وهو شخصياً لايجرؤ على التفكير بالأمر مطلقاً.
في
تلك المنطقة التي تبعد عن الحدود العراقية 100كم تنشط أعمال التهريب اما الشرطي
المحظوظ فسيصير مليونيراً خلال سنوات قليلة عبر استثمار الأراضي هناك إذاً قلة
موارد وتعليم وارتفاع في نسبة البطالة والعنوسة فهل فكرت الحكومة ضمن خططها بتلك
المنطقة ولنسأل هل دخلت هذه الأرقام إحصائيات الفريق الاقتصادي والسيدة وزير
الشؤون الاجتماعية والعمل.
سوزان
ابراهيم
المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=160&id=232