كتب: بارتون بيغز
الجمهورية العربية السورية هي الرفيق قديم لإيران وذات مرة وبخها جورج بوش ذات مرة بأن اعتبرها جزءا من محور الشر، ولكن يبدو أن رواية جون لاكار Legenderz Spy (الجاسوس الأسطوري)،قد تكون أصبحت جاهزة للخروج من الثلاجة. ولن يكون هذا الحدث ثانويا بالنسبة للسلام والرخاء، وإذا ماحدث ذلك، فإن المحرك الرئيسي لهذا سيكون الرئيس السوري الأكثر شبابا بشار الأسد. فالطريق إلى السلام في الشرق الأوسط تمر عبر دمشق. وكما قال هنري كيسنجر ذات يوم،فلا تستطيع القيام بحرب من دون مصر ولا تستطيع أن تحقق السلام من دون سوريا،وعبارته هذه كانت صحيحة حين قالها كما هي صحيحة اليوم.
الأسواق الناشئة هي الأسواق التي تنطوي على النمو، ولكن الأرباح العالية جدا لا يتم تحقيقها في الأسواق الناشئة المكتشفة حيث الأسهم مرتفعة أصلا، إنما في أسواق "الحدود" غير المكتشفة.
ويقول بارتون بيغز :قد تكون سوريا بعد سنة أو سنتين من هذه الفترة، واحدة من هذه الأسواق، لكن لا تجعل لعابك يسيل منذ اليوم لأنه ليس هناك شيء يستطيع أحد ليس مواطنا سوريا شراءه في سوريا اليوم. غير أن ذلك سيتغير. فما إن تبدأ عجلة دورة الاكتشاف الخيرة، المعززة للذات ــ الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتطوير البنية التحتية،وقضايا الأسهم، وسوق الأسهم الشغال ــ بالدوران حتى تصبح الأرباح الاقتصادية والمالية مذهلة فعلا.
فسوريا واقعة في منطقة استراتيجية في قلب الهلال الخصيب. وعلى الرغم من المشهد الطبيعي والآثار، فإن سوريا تعيش في منطقة قاسية لا ترحم إذ تحتفظ بحدود مع العراق ولبنان وإسرائيل وتركيا والأردن. ومع ذلك فإن هناك الكثير من الأمور الإيجابية جارية فيها: البترول» نمو سكاني سريع شاب من 24 مليون نسمة حاليا» اقتصاد متوسع وقائم على المشاريع الحرة (مع أنه بدائي حتى الآن)» دين خارجي ضئيل جدا» عملة مستقرة وعجز ضئيل في الميزانية. وينمو ناتج سورية القومي الحقيقي، ليس المعتمد على البترول، بنسبة 6 إلى 7 بالمائة سنويا. وقد صنف تقرير جديد للبنك الدولي سوريا بأنها الدولة الأولى في "تخفيض النفقات للشركات لناحية العنف والجريمة"، لكنه وصفها بأنها "تمثل مشكلة لناحية البيروقراطية والبنية التحتية والوصول إلى التمويل". جمهرة السوريين المغتربين الناجحين جدا يقومون بضخ المال إلى البلد الأم، كما أن إمكانات تطوير الصناعة السياحية فيها هي إمكانية هائلة. دمشق غير المكتشفة هي المدينة العربية القديمة الأكثر أصالة، وهي مدينة تضم سوقا قديما وجوامع رائعة.
الكاتب وبرعاية مغترب سوري بارز، قام بزيارة سورية أخيرا والتقى الرئيس الأسد ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير المالية. وقد التقينا أيضا عددا من رجال الأعمال والأكاديميين والمصرفيين وقادة حزب البعث. ولم تكن كل تلك الاجتماعات عبارة عن تجمعات هادئة حول أطباق الحمص والشوكولاته. فقدكانت النقاشات ساخنة، ولكنها صريحة، وكانت بعض الطروحات مثيرة للشفقة، والسوريون بصورة عامة غاضبون إزاء ما يعتبرونه دعما أمريكيا منحازا لإسرائيل وإزاء العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على بلادهم.
ويقول الكاتب عن الرئيس الأسد:بشار الأسد شخصية مثيرة للإعجاب. فوالده قد حكم سوريا لمدة 30سنة حتى رحيله عام 2000.الدكتور بشار الأسد، هو الابن الثاني للأسد الراحل، كان طبيب عيون يحظى بالاحترام الكبير في لندن، وحين توفي شقيقه الأكبر في حادث سيارة، استدعي للعودة إلى الوطن . والرئيس السوري، الذي هو الآن في منتصف الأربعينات، هو شخصية بليغة، متنورة وذو شخصية كاريزمية.
وهو لا يخفي حقيقة أن حكومته بحاجة إلى توفير المداخيل المرتفعة بالنسبة إلى الفرد والوظائف للشعب السوري. وهو يصف نفسه بأنه عدو التطرف،وملتزم بالتحرر التدريجي للاقتصاد،وبالسلام. وهو يعرف أن سورية تحتاج إلى الاستثمارات الأجنبية لبناء محطات توليدالطاقة، والسدود، والمدارس والطرق. ولحسن الحظ فإن سوريا في وضع ممتاز لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. فعملتها مستقرة مقابل الدولار، كما أن ديونها الداخلية والخارجية منخفضة جدا. الاستثمارات الأجنبية المباشرة فيها العام الماضي كانت ملياري دولار فقط وهي أتت في غالبها من دول عربية أخرى. نائب رئيس الوزراءللشؤون المالية هو رجل ذكي وراق ويفهم ما ينبغي القيام به. فقد تم في الأشهرالقليلة الماضية إطلاق سوق أسهم بدائي.
النظام في سوريا ليس تماما نظاما يقوم على الديموقراطية على الطريقة الغربية. الأمن صارم، ولكن الأسد يقول إنه ملتزم بتحرر سياسي تدريجي. ولكنه يعترف بأن هناك فصائل سياسية في البلاد تعارض التغيير وفيما تبتعد سوريا تدريجيا عن إيران وتقترب من تركيا والولايات المتحدة، فإن إدارة أوباما بدأت تبتسم. ينبغي التذكر أن حاكما طيبا حكيما قد أثبت أنه القيادة الأفضل لبلد نام يبني نفسه من دون أي مساعدة خارجية. فسنغافورة تحت حكم ليكوان يو والصين هما من بين أكثر الأمثلة وضوحا على هذا. إن هذا المقال المقتضب هوتبسيط مفرط لوضع في غاية التعقيد، ولكن يجب إبقاء العيون مركزة على سورية.
بيغز هو الشريك الإداري لصندوق "تراكسيس بارتنرز" التحوطي في نيويورك.
المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=160&id=288