لاشك أن فرنسا وعاصمتها باريس من أكثر بلاد الأرض جمالاً وبهاءاً ، أنها لحن عذب يعزف على قيثارة الحياة ، فشعبها مشبع بالرومانسية الحالمة ، أرضها تنطق جمالاً وسحراً ، فهي عروس أوروبا وقبلة السياح من المعمورة كافة ،محضن الثقافة والأدب ، منارة الفنون ، مبعث البهجة في القلوب.. نعم تلك هي فرنسا .
فيها برج ايفل تحفة فنية يخبرنا عن شموخاً وعزة لشعباً ناضل من أجل الحرية ، ومن يتجول في جنبات الشانزليزيه يدرك أنها أجمل جادات الكون ، ما إن تمر من عبر قوس النصر حتى تسمع أصوات الطبول تعزف فرحاً بعودة جيوش نابليون منتصراً ،جموع ترقص فرحاً بفتوحاته
نعم انها فرنسا لوحة فنية أبدعتها ريشة التاريخ لتخرج لنا درة الزمان .. ملاذ العلمانية الآمين وحصن الحريات العتيد .
المتابع لأحوالها منذ أشهر يشاهد أنها تمر بأزمة داخلية هزت أركان الدولة وأشعلت ثورة شعباً لم تشهد البلاد مثلها منذ القرن السادس عشر ، ذلك من أجل قانون التقاعد الجديد الذي أقرره ساركوزي قبل أيام وبذالك أصبح قيد التنفيذ رغم الثورة العارمة التي اجتاحت البلاد .
لسنا بصدد أن نصوب القرار أو نعرف جدوها الإقتصادية على بلاد ، أنما نتعلم منه درساً لطلما ً نسيناه في عالمنا الثالث ، لست أدري من أسمنا العالم الثالث لعله كان محقاً أو أنه كان مخطئأ فربما نحن أبعد بكثير ..
الحكومة الفرنسية لم تتوانا أن تقوم بكافة الإجراءت الدستورية ، حيث أنه تم عرض القانون على مجلس النواب في 15 سبتمبر أيلول الماضي و وُفق عليه ، ومن ثم بعد ذلك لجأت الحكومة إلى إجراء خاص لعرض مشروع القانون على مجلس الشيوخ بسرعة حيث أقره المجلس ، انتهى الأمر بمصادقة ساكوزي.. خلاصة القول أن ما جرى سار في قنواته الدستورية القانونية التي تخدم مصلحة البلاد من وجهة نظر الحكومة الفرنسية .. فماذا لو كان الحال في إحدى دول العالم الثالث أن صحة تسمية بذلك ؟
فردت فعل الشارع الفرنسي الغاضبة رفضاً لهذا المشروع الذي يعتبر تعدياً واضحاً على حقوق المواطن الفرنسي كما يراه الشارع الفرنسي .. فقد تحركت كافة القوى النقابية والعمالية التي رفضت وبشكل قاطع أن تقوم الحكومة بهذا الإجراء التقشفي الذي يمس حياة المواطن الذي أفنى عمره في خدمة مجتمعه وبلده ، كل هذه الأفعال ورغم شدتها للحفاظ على حقوقهم وخوفاً أن تكون بداية لسلسة من الإنتهاكات الأخرى .. على حد قولهم .. فماذا لو كان الحال في إحدى دول العالم الثالث ؟
عزيزتي فرنسا .. شكراً لك حكومةً وشعباً فلقد علمتينا درساً " أو على أقل تقدير علمتني أنا شخصياً درساً" في احترام القانون وسيادته التي لايمكن أن تنتهك في أي حال من الأحوال ، وكذلك درساً في الوقفة الصامدة للمواطن الذي ثار وناضل لأخر رمق من أجل حقوقه ، متأخذا كل الأساليب من أجل الدفاع عن حقوقه المسلوبة .
محمد سرميني
المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=160&id=317