ما تزال ثقافة الإيفاد- إن صح التعبير- غير محترمةٍ في الإطار الحكومي، ولا تزال عشوائية- في الأغلب- تخرج عن مجال الاستثمار الصحيح والبناء، والذي كان يمكن من خلال هذا المجال، أن نحقق فوائد كبيرة، وقيماً مضافةً حقيقة.
فما زال ينظر للإيفاد- غالباً، بشكل أو بآخر- أنه فرصة للتنفيع الذي يمكن أن يشمل من يحظى باهتمام المسؤولين، ومن يكون محسوباً عليهم، إلى درجة أن هذا المنحة صار شبه طبيعي، واستطاع أن يُرسخ لثقافة معينة، مفادها أن الموفدين لا علاقة لهم بأهداف المهمة التي يقصدونها، أكثر من علاقتهم برغبة هذا المسؤول أو ذاك بأن يُغدق العطاء لمحبيه وللمحسوبين عليه. دون أن نتورط في مسألة التعميم، ولكن هذا ما يجري في كثير من الأحيان " فإن خَلَت بَلَت"!.
وإيفاد الكثير من الأشخاص الذين تمكنهم مؤهلاتهم أن لا يستفيدوا ولا يفيدوا من طبيعة المهمة المحددة، بحيث تقتصر الفائدة على الشخص ذاته عبر التعويضات الناجمة عن هذه المهمة، فإن هذا الأسلوب من شأنه أن يُضيع على البلد كثيراً من الفرص المفيدة ولتي يمكن أن تتم الفائدة منها لاحقاً، وتُغنينا عن خسائر كبيرة نضطر لتكبُدها في الأيام المقبلة، لأننا لم نكن قادرين على استثمار هذا الإيفاد أو ذاك.
وبالمقابل، نرى بين وقتٍ وآخر أن هناك ممانعة لإيفاد بعض المختصين الذين يمكن أن يذهبوا باتجاه محدد، ولمهمة محددة، ويعودون بعد ذلك ليعكسوا النقاط التي استفادوا منها، على أرض واقعنا هنا، ولكن لا نجد مجالاً لإيفادهم، فهذا خط أحمر، لا يُفتح إلا بمعيار!
الدكتور خليلي جواد، المدير العام لمؤسسة الصناعات الغذائية اتّهم الحكومة مؤخراً بعدم موافقتها على إيفاد المهندسين إلى المعارض الدولية للآلات، ما يُسبب قلة الخبرة في إعداد دفاتر الشروط.
هذا يعني أن المؤسسة عند إعداد دفتر شروط معين، فقد تضطر للاستعانة بخبراتٍ خارجية، وهذا يُكلّف الكثير، وكان بالإمكان الاستغناء عن مثل هذه التكاليف فيما لو أننا تعمدنا إيفاد من كان يمكن أن يغنينا عن ذلك.
ولكن.. ما الذي يضمن أن الدكتور جواد سوف لن يرسل إلى مثل هذه المعارض إلا من يمكن أن يستفيد فعلاً؟
أعتقد لو أن الحكومة تثق بذلك تماماً، لما ترددت في تلبية طلب الإيفاد. غير أنها هي الأخرى لا تثق بصحة مثل هذه الطلبات، فلعلها تنطلق من نفسها، وتقيس على ذلك. فثقافة الإيفاد المعروفة... ما تزال راسخة!
علي محمود جديد
المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=160&id=33