الثقافة المالية فرض عين أم فرض كفاية
14/11/2006
كتب عبد القادر حصرية:
بدأت سورية منذ عدة سنوات عملية إصلاح اقتصادي. تشمل عملية الإصلاح الاقتصادي إصلاحا هيكليا في الاقتصاد الوطني مما يتيح للأفراد حرية اقتصادية أكبر ومسؤولية في المشاركة في هذه العملية. يشتمل الإصلاح الاقتصادي على إصلاح القطاع المالي وبفضل هذه العملية ستصبح هناك حرية أكثر للمواطنين للاختيار من بين عدة فرص استثمارية، وأهمها الاستثمار في سوق الأوراق المالية، وسيكون على الأفراد مسؤولية أكبر في حسن اختيار ما يناسبهم من الفرص الاستثمارية. أظهرت تجارب الدول الأخرى أن قدرة الأفراد على اختيار المناسب من هذه الفرص وإدارة شؤونهم المالية تنعكس خيرا على الاقتصاد بشكل عام فالاقتصاد الوطني هو مجموع اقتصاديات أفراده. لذلك فإن حدا أدنى من الثقافة المالية أمر مطلوب توفره لدى شريحة واسعة من المجتمع. المواطن بحاجة لحد أدنى من الثقافة المالية شبيه بحاجة الأم لحد أدنى من الثقافة الطبية حتى تستطيع تجنيب أبناءها مخاطر الأمراض وتضمن لهم طفولة سليمة من الأمراض قدر الإمكان. وهذه المعرفة ضرورية لكافة فئات المجتمع، رجالا ونساء، صغارا وكبارا. المرأة بحاجة للثقافة المالية كموظفة وكأم. وقديما قيل الرجل جنى والمرأة بنى. أي أن الرجل يجني والمرأة تدخر لتبني. حتى الصغار يجب أن يتعلموا قيمة المال وكيفية ترشيد إنفاقه. هذه الثقافة المالية يجب أن تشمل أمور التدبير المالي من حيث موارد الفرد وإنفاقه، المالية العامة، الأدوات الاستثمارية المختلفة المتوفرة للمواطن العادي، الادخار والاستهلاك، معرفة أولية بالنظام الضريبي تساعد المواطن على القيام بمسؤولياته الضريبية. التدبير المالي أمر أساسي والنبي الكريم قال ما معناه لا أخاف على أمتي من الفقر، أخاف عليها من قلة التدبير. معرفة أساسية بأمور المالية العامة أمر ضروري أيضا. تشمل المالية العامة الضرائب والرسوم التي تفرض من جهة والنفقات التي تقوم بها الدولة من جهة أخرى. المواطن هو دافع الضرائب، والضريبة اقتطاع للدخل من كل مكلف وبكل بساطة تضحية فردية مقابل الإنفاق على المصلحة العامة. وبالتالي فالمواطن معني بكيف يجبى هذا المال وكيف ينفق. وهذا يقودنا إلى أن المال العام مقدس إذ أنه نتاج تحصيل الضرائب أو الثروات الطبيعية التي يتم استغلالها باسم المجتمع وعلينا أن نحسن استخدامه لتلبية حاجاتنا للإنفاق والتنمية. الدستور أتاح مناقشة الموازنة العامة للدولة والحسابات الختامية لهذه الموازنة في مجلس الشعب وهذا دليل على ضرورة الرقابة على عملية فرض الضرائب وتحصيلها وعملية الإنفاق العام من قبل الشعب من خلال ممثليه فالمال العام هو ملك للمجتمع وواجب كل فرد المحافظة عليه. في اقتصاد التخطيط المركزي النقود وحسابات التوفير في المصارف هي الوسيلة الاستثمارية المتاحة في القطاع المالي. مع تحرير القطاع المالي وإصلاح نظام التأمينات الاجتماعية، سيكون هناك فرصة للمواطنين للاختيار من مجموعة من المنتجات الاستثمارية منها حسابات المصارف من حسابات توفير وودائع مربوطة، وأسهم شركات في سوق الأوراق المالية. وقوة القطاع المالي ليس في اجتذاب أصحاب الثروات الكبيرة بل في اجتذاب أكبر شريحة من أصحاب الودائع الصغيرة لتوظيفها في القطاعات الاقتصادية المختلفة. في الفترة السابقة عانى اقتصادنا من جامعي الأموال، وهؤلاء لبسوا أقنعة قانونية وفي بعض الأحيان أقنعة ثقافية معينة، وكل هؤلاء كان من بين ضحاياهم أصحاب الدخول المحدودة الذين انجروا وراء وسائل الاحتيال التي اتبعها هؤلاء. المعرفة بالأدوات الاستثمارية المتوفرة للمواطنين أمر هام أيضا. نحن مقبلون على سوق دمشق للأوراق المالية، وأتمنى أن يكون هذا السوق وسيلة لتجميع المدخرات وتوجيهها للقطاعات الإنتاجية لا إلى المضاربة وأن يستنير المستثمرون قدر الإمكان بآراء الخبراء. الثقافة المالية تشمل كذلك قدرة الإنسان على ممارسة دوره بشكل إيجابي في ملكية أسهم الشركات المساهمة وبالتالي يجب أن يكون لديه الحد الأدنى من المعرفة الثقافة ليستطيع المساهمة في اجتماعات الهيئات العامة للمساهمين التي تعقدها هذه الشركات.
المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=160&id=53