القطاع العام في اقتصاد السوق الاجتماعي
12/12/2006
منذ تبني اقتصاد السوق الاجتماعي وهناك خلط في المفاهيم
وتساؤلات لدى البعض عن القطاع العام ودوره في اقتصاد السوق الاجتماعي. في اقتصاد السوق الاجتماعي، القضية ليست هي
وجود القطاع العام بل هي في اختلاف قواعد عمل هذا القطاع. كذلك يطرح السؤال عن الملكية العامة التي هي موجودة
وحمايتها وزيادة قيمتها واجب وطني ودستوري على كل منا. إن منطق الأمور ولكل من عنده غيرة وطنية يقتضي
أن تتم مساعدة القطاع العام للاستفادة من الفرص التي يتيحها الإصلاح الاقتصادي. في اقتصاد السوق الملكية العامة لوسائل الإنتاج
ليست هدفا استراتيجيا بحد ذاته بل التركيز هو على كيفية حماية وصون الملكية العامة
في القطاع العام. لدينا قطاع عام كلفنا
سنوات من عرق أبناء وطننا وفي الكثير من منشآته استثمرت مئات مليارات الليرات
السورية من مواردنا. لذلك يجب تحضير هذا
القطاع ليستطيع العمل في ظل نظامنا الاقتصادي الجديد. الإصلاح الاقتصادي يستهدف بالدرجة الأولى القطاع
المالي حيث دور هذا القطاع تخصيص الموارد للمؤسسات الاقتصادية الأكثر كفاءة ووفق
أسس شفافة ولكل حسب أدائه. وتصبح وظيفة
الدولة إعادة توزيع الموارد بهدف تحقيق العدالة لا تخصيص هذه الموارد. من المهم النظر
بواقعية وإيجابية إلى التطورات ويجب أن نعي أن انتقاد أداء القطاع العام ليست
مديحا للقطاع الخاص، وإنما كلا القطاعين يواجهان تحديات تفرضها التغيرات الاقتصادية
والعولمة ويعانيان من مشاكل بحاجة للحل ووظيفة الدولة مساعدة كلا الطرفين. القطاع الخاص عليه لعب دور اجتماعي أكبر، ومن
جانب آخر على القطاع العام أن يلعب دورا اقتصاديا أكثر. وعندما يلعب القطاع العام دورا
اقتصاديا أكبر، فهذا يعني اهتماما أكثر وخدمة أفضل للزبائن وبالتالي فالمدافعون
عنه سيكونون كثر.
إن للإصلاح كلفة
لا بد منها على أمل يوم أفضل لاقتصادنا وأجيالنا القادمة أسوة بما فعلت دول العالم
الأخرى. إن المرحلة القادمة تقتضي الالتزام بقطاع عام قوي وفعال وقادر على
المنافسة وحيث تحقيق أهدافه الاجتماعية هي عبر عمله على أسس تجارية. ولتحقيق ذلك هناك حاجة للقدرة على الاختيار
وتركيز استراتيجي strategic focus على القطاعات ذات الأهمية لاقتصادنا وحيث الفعالية الخاصة غير قادرة على
تلبية حاجاتنا. هناك حاجة لمنح المزيد من الاستقلالية
الإدارية والاقتصادية للمؤسسات الرابحة في القطاع العام لتتمكن من العمل في بيئة
تنافسية كاملة لتستطيع المحافظة على ربحيتها لابل زيادتها. وبالتالي لن يهم من يملك طالما أن هذه المؤسسات
تعمل وتساهم في تعزيز مناعة اقتصادنا الوطني.
عندما ننجح في إصلاح القطاع العام فسيكون لدينا دعائم
أفضل لاقتصادنا و سيكون العمال والخزينة العامة والمتعاملون معه مستفيدين من هذا
الإصلاح ومن المؤسسات التي هي ملك للشعب تنتج له وتزيد الناتج المحلي الإجمالي وهو
ما ينعكس زيادة في السلع والخدمات وزيادة في نصيب الفرد منها وهو ما يعني مستوى
معيشي أفضل لكل فرد في الشعب.
عبد القادر حصرية
المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=160&id=80