الصورة القاتمة التي ينقلها بعض الزملاء الصحفيين عما يجري في مؤسسة الطيران السورية من سياسات مرتجلة وربما غير نظيفة هوت بهذه المؤسسة العريقة إلى مدارك متدنية وباتت تهدد وجودها ومستقبلها، تدعونا للتفكير بالكيفية التي تدار فيها أمورنا الصغيرة منها والكبيرة والتي تضيع من قاموسها كلمات مثل التخطيط والتدبير والتدقيق والمحاسبة وكل ما يمت بصلة إلى الإدارة الرشيدة فضلاً عن الأمانة والنزاهة وربما غير ذلك مما تنبذه منظومات الفساد التي باتت تعشعش في مفاصلنا.
شركات الطيران مثل بائع الماء لا يمكن أن تخسر، حتى لو خسرت جزئياً في فترة زمنية محددة، لكنها في المحصلة العامة لا بد أن تربح هذا القانون بفضل جهود إدارات متوالية تعاقبت عليها (حتى لا نخص الإدارة الحالية) استطاعت (السورية للطيران) خرقه فهي تسجل خسارات متتابعة سواء لجهة عدد الطائرات الخارجة عن الخدمة وبلغت في عهد الإدارة الحالية فقط خمس من أصل عشر (أي نصف الأسطول) أم في الخطوط الملاحية التي خرجت من الخدمة بسبب عدم قدرة السورية على تخديمها وقاعدة أخرى طالما لازمت اسمها، تسعى الشركة (لا سمح الله) إلى خرقها وهي الأمان، فالمعلومات التي يريدها الزميل جدّ خطيرة بشأن معايير السلامة في طائرتي الإيرباص المستأجرتين من شركة أردنية واللتين دخلتا الخدمة في ثمانينات القرن الماضي وفقدتا بحكم الاستعمال والتطورات التكنولوجية الكثير من معايير الأمان مما حدا بالدول الأوروبية إلى منع تحليقهما في أجواءها في وقت يشير فيه المختصون إلى أنه كان يمكن إعادة تعمير طائرتي الجامبو اللتين نسقتهما الإدارة بكلفة لا تتجاوز كلفة بضعة شهور للطائرة المستأجرة.
في القضايا الخطيرة وحيث تكون العواقب كارثية فإن السياسات العبثية يستوي في تحمل أوزارها الفاسد مع صاحب النيات الطيبة فكلاهما مسؤول بالدرجة نفسها لأنّ أحدهما أعمى الكسب الحرام بصره والثاني عميت بصيرته عن رؤية الصواب لضعف في إدارته أو خوف على منصبه أو إهمال في واجبه أو استكانة في ضميره.
أيّها الرفاق.. لا تنتظروا وقوع الكارثة حتى تتحركوا.. إن نذرها تتجمع منذ وقت.. فأين صاحب القرار الرشيد الّذي يفتي بما القوم فيه يتخبطون؟!
عدنان علي
المصدر:
http://mail.syriasteps.com/index.php?d=160&id=273