ما أكثر ما تريد هذه الحكومة تنفيذه ولكن هل تستطيع ؟  
سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:24/11/2024 | SYR: 00:22 | 24/11/2024
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

Sama_banner_#1_7-19




خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18



runnet20122



 هل تشرق الشمس من الشرق ..؟!!
09/04/2020      


سيرياستيبس :

كتب يحيى زيدو

شوارع فارغة، محلات مقفلة، أناس منعزلون، تتزايد عزلتهم حتى داخل البيت الواحد، مذعورون يختبئون في بيوتهم يراقبون بصمت الشوارع الخالية من الحياة، ويتابعون على الشاشات أعداد الإصابات والضحايا في دول العالم.

كأننا أمام مشهد إعادة إنتاج السلطة "الحيوية " في العالم، التي تتحكم بحركات الناس وتوجهاتهم، وتعيد السيطرة للحكومات على حساب الحريات الفردية التي صدع الغرب رؤوس العالم بها.

ثمة من يستعد ليصرف النظر عن وثيقة (الماغنا كارتا) لأنها لم تعد صالحة لعالم الغد، كما لم تعد نفعية " بنتام" أو براغماتية "وليم جيمس" قادرتين على تسويق فكرة أن "ما هو نافع هو حقيقي أو خيِّر".

صار لا بد من التوجه إلى الشرق، فثمة الكثير مما يمكن أن يبحث العالم عنه موجود في أعماق فلسفتي (الزن) و (التاو). يعتقد كثيرون بأنه قد آنَ الأوان لكي تفعل هاتان الفلسفتان فعلهما في إزاحة الرأسمالية الكولونيالية المعولمة لتفسح مكاناً لرأسمالية قادمة من الشرق (لا-كولونيالية)، حتى الآن على الأقل، من دون استبعاد دخولها في الكولونيالية حين تصبح جاهزة لذلك، تحاول الاستفادة من قدر العولمة بعد تعديلها، وتقليم أظافرها بحسب مصالح هذه الرأسمالية الشرقية الوافدة إلى عالم ما بعد الحداثة.

ليس في تعاليم (الزن) أو (التاو) ما يقدم ملامح لشكل العالم القادم، بل ثمة الكثير من "التهكم" السقراطي الذي يقوم على توالد الأسئلة، ليس من أجل الوصول إلى الحقيقة بل من أجل هدم الحقائق - الأوهام أو اليقينيات التي يؤمن بها الفرد. و هنا بالضبط يبدأ عمل الفلسفتين معاً؛ بناء الحقيقة - الوهم (اليقين) القادم من الشرق ،الذي يعملق الصين، كبديل عن أوهام الغرب التي استوطنت عقل البشرية منذ عصر النهضة الأوروبية و حتى الآن.

الصين التي قدمت نفسها (حارساً طبياً) للعالم، لم تفعل ذلك لأنها (كاريتاس) العالم تنحصر مهمتها في تقديم المعونات والإغاثة المجانية، بل فعلت ذلك من موقع تقدمها كقوة رأسمالية قادمة لتحتل موقعها كقطب دولي (أول بين متساوين إن استطاعت) في مرحلة أولى، قبل أن تعمل على إزاحة باقي الأقطاب إلى الخلف خطوة واحدة تليها خطوات أخرى ما أمكن لها ذلك. فالصراع بين القوى السياسية والاقتصادية الكبرى لم يتوقف عبر التاريخ، وليس في الأفق ما يشي بتوقف هذا الصراع، بل إن أشكالاً أخرى منه يتم العمل عليها الآن.

الصين مهدت لظهورها كقوة كونية منذ ربع قرن على الأقل، من خلال نشرها لأشكال من الثقافة والسلوك الذي يتضمن جانباً روحياً يمكن دمجه مع العقائد المحلية والعادات الاجتماعية للمجتمعات، كما سعت دول آسيوية أخرى إلى تعميم ثقافتها الروحية في مجتمعات الشرق والغرب على السواء، وكانت رياضات (اليوغا) المتنوعة، ووصفات الطعام الطبيعي، والدعوة للتصالح مع الطبيعة والروحانيات الشرقية هي المدخل لذلك، وربما كانت الصين هي المستفيد الأكبر من منافسة الدول الآسيوية لها في نشر عقائدها وثقافتها الروحية في العالم( أوشو مثالاً).

 

و يمكن ملاحظة أنه منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي تحول نجوم سينمائيون وفنانون ورياضيون كبار إلى البوذية أو مذاهب روحية أخرى موطنها شرق آسيا، وإلى مذهب (القبالاه) اليهودي، بشكل يمكن القول معه بأن ذلك كان نوعاً من تأكيد تنافس أو تكامل هذه المذاهب مع (القابالاه) كمقدمة لتهيئة المجتمعات لقبول القوى الاقتصادية المهيمنة الجديدة،( هنا من المفيد التذكير بحفلة المطربة الأمريكية الشهيرة " مادونا" التي أقامتها في اسرائيل عام /2019/ وغنت فيها أغنية " كورونا" مرتدية كمامة طبية، مع الإشارة إلى أن " مادونا" أعلنت قبل سنوات اختيارها لمذهب "القابالاه " اليهودي مذهباً لها).

كما يمكن ملاحظة تزايد عدد الصينيين الذين يفوزون بجوائز "نوبل " و جوائز أدبية و علمية عالمية، فضلاً عن قيام أثرياء الصين بشراء كبريات الشركات الاقتصادية الغربية (شركات تصنيع السيارات الفخمة، و شركات التجارة الالكترونية، و شركات النفط والأدوية ). هذا الأمر عزز حضور ثقافة الصين في قلب المجتمعات الرأسمالية الغربية، ودفع تلك الدول إلى الإقرار بريادة الصين، خاصة بعد النجاحات الكبيرة لها في الصناعات الدقيقة، والإلكترونية، والاستهلاكية الرخيصة التي قد لا يخلو منها منزل في العالم.

الصين التي أبهرت العالم في افتتاح و اختتام دورة الألعاب الأولمبية عام /2008/ أرادت أن تقول للعالم آنذاك :"ها نحن قادمون ". وهذا ما تم التأكيد عليه في العام /2020/ و هو العام الذي خططت فيه الصين لتعلن عن نفسها قطباً دولياً، يكرس قدرة الصين التنافسية كقطب دولي وفق خطط طموحة معلنة للحكومة الصينية، وهنا لا يمكن إغفال دلالة استخدام الصين لأول مرة في تاريخها لحق النقض(الفيتو) خلال الأزمة السورية عام /2013/ كخطوة من خطوات الصين لتغيير المشهد الدولي.

في العام /2020/ ظهر فايروس "كورونا" من مدينة (ووهان)التي يبلغ عدد سكانها /60/ مليون نسمة. انتشر الفايروس في العالم، لكن مدناً مثل "بكين " و "هونغ كونغ " بقيتا في منأى عن هذا الفايروس إلى حد كبير. و قد تعاملت الصين مع وباء "كورونا " كمعركة سياسية - اقتصادية قبل أن تتعامل مع الوباء وتدير الأمر طبياً. ولذلك قللت من أرقام الإصابات، وأرقام الوفيات، وبالغت في أرقام الحالات التي تم شفاؤها. و بالغت في نشر الأخبار في إدارتها لعمليات الحجر الصحي والعزل الطبي، بحيث بدت تلك الإجراءات دليلاً على قوة الحكومة الصينية وقدرتها على ضبط مجتمع يزيد عدد سكانه عن مليار ونصف المليار إنسان تقريباً، كما سعت الصين إلى نيل إعجاب العالم في مبادراتها لمساعدة دول منكوبة في مقدمتها إيطاليا و صربيا. و لدى سؤال الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب ) عما إذا كانت الصين قد نشرت أخباراً كاذبة عن فايروس "كورونا " أجاب: " نعم الصين فعلت ذلك و نحن أيضاً". ما يرجح فرضية أن كورونا هو وباء سياسي أكثر من كونه وباء مرضي.

الأداء الصيني في التعامل مع "كورونا " سياسياً و اقتصادياً و طبياً- إنسانياً أبهر العالم ، و طرح الأسئلة الكبرى عن مصير الاتحاد الأوروبي، و عن مصير اقتصادات دوله التي فشلت أنظمتها الصحية (والاقتصادية - السياسية) في محاصرة الوباء، وفي طمأنة مواطنيها على مصيرهم في ظل تزايد الحديث عن أعداد المصابين والضحايا و ندرة الحديث في وسائل الإعلام عن أعداد المتماثلين للشفاء، مما أوجد حالة من الهلع و الذعر العالمي غير مسبوقين.

بالتزامن مع هذا، تقوم وسائل الميديا العالمية، و على رأسها الشبكات التلفزيونية التي يسيطر عليها رأس المال الصهيوني بتوجيه انتقادات حادة لدول الغرب الرأسمالي، وبخاصة الولايات المتحدة و أوروبا التي تتوضع فيها مؤسسات اللوبي الصهيوني التي تدير دورة رأس المال حول العالم، و في الوقت نفسه تبدي وسائل الإعلام هذه إعجاباً بالنموذج الصيني على خلفية سياستها في مقاربة "وباء كورونا ". و كأننا اليوم أمام لوحة مستعادة من الحرب العالمية الثانية التي أذنت بانتقال مركز الثقل الصهيوني من بريطانيا إلى الولايات المتحدة.

 فهل نحن اليوم أمام انتقال آخر لسلطة رأس المال المعولم من الغرب إلى الشرق، أي من الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي إلى الصين و روسيا و ربما اليابان أو الهند و كوريا الجنوبية؟ حيث يسهل في هذه الدول ترسيخ وتكريس السلطة الحيوية المعولمة من جديد؟ وحيث يسهل تقليص مساحة الحريات الفردية لصالح الدول والسلطات السياسية التي استعادت هيبتها من خلال إجراءات الطوارئ الصحية وقد يغدو من الصعب بعد اليوم التنازل عن هذه الصلاحيات المستعادة؟

و هل نحن أمام حرب عالمية ثالثة مختلفة عن الحربين العالميتين السابقتين قد تنشب في أية لحظة ؟ حرب كونية شاملة ومركبة في الوقت نفسه تشمل العقائد، والأديان، والفلسفات، والاقتصاد، والجيوش، وصولاً إلى النظم الاجتماعية التي يجاهد بعضها للبقاء، فما يقترب غروب الكثير من النظم الاجتماعية و السياسية لتعلَن استعادة إشراقة الشرق مجدداً بعد عقود على احتكار الإشراقة من الغرب؟


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



islamic_bank_1


Baraka16


Orient 2022



معرض حلب


ChamWings_Banner


CBS_2018


الصفحة الرئيسية
ســياســة
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس