نصرالله: سنردّ على الحصار
للتوجه شرقاً وبحث التبادل التجاري مع دول صديقة
بالليرة اللبنانية
سيرياستيبس :
في
خطاب ناري سياسي ــــ اقتصادي، حدّد الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصر الله، أمس،
الوجهة المقبلة للمقاومة ولبنان. وكجهة فاعلة ومقرّرة وجزء من محور عالمي، أعلن نصر
الله الردّ على حرب الدولار والعقوبات والابتزاز الأميركي للأعداء والأصدقاء (من فنزويلا
إلى ألمانيا)، بالدعوة إلى «التوجّه نحو الشرق» والتعاون مع دولٍ أبدت استعدادها لدرء
خطر الجوع عن لبنان، كالصين وإيران ودول أخرى لم يسمّها. وفوق هذا الإعلان الشديد الأهمية،
وجّه نصر الله رسائل حادّة اللهجة إلى أي طرف يضع القتل بالسلاح أو القتل بالجوع خيارين
وحيدين، بهدف تعطيل ونزع سلاح المقاومة، ووعد بالردّ باستخدام السّلاح، مهدّداً ثلاث
مرّات: «سنقتله». ومرّر بين ما مرّر من رسائل، «خطوة بديلة» للردّ على التصعيد الأميركي،
بوعيدٍ غير صريح الوجهة، لا يُفهم منه سوى وضع إسرائيل كهدف مباشر، حاسماً أي نقاش
يراد أخذ البلد إليه من إقفال الحدود مع سوريا إلى «فتح الحدود» مع فلسطين المحتلّة،
كما تفعل دول عربية عديدة ركبت سفينة صفقة القرن.وبلا شكّ، فإن خطاب 16 حزيران
2020 سيشكّل نقطة تحوّل في مسار الكيان اللبناني. وفي غضون فترة قصيرة، ستكون له تداعياته
على واقع الصراع على لبنان، المنقسم والمفكّك تحت سطوة نزعات طائفية وتقسيمية، وانهيار
اقتصادي شامل، واقع لا محالة ما لم يتمّ الشروع في خيارات بديلة، قدّم نصر الله أبرزها
أمس.
أكّد
الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن أزمة الدولار في لبنان، «مؤامرة على لبنان
الشعب والاقتصاد، قبل أن تكون مؤامرة على سوريا». فسوريا «حجة»، داعياً إلى سؤال «حاكم
مصرف لبنان الى أين خرجت الأموال؟ ومن هي الجهات التي أخرجتها؟»، مؤكّداً أن «20 مليار
دولار خرجت من البلاد من آب 2019 إلى شباط 2020، بالإضافة إلى مئات ملايين الدولارات
أخرجها مصرف» لم يسمّه. وأكد أن «حزب الله يدخل دولارات إلى البلد ولا يأخذها إلى سوريا»،
معتبراً أن «المشكلة أكبر من صراف غير شرعي، هذا تبسيط للمشكلة ورمي قنابل دخانية لاخفاء
الوحوش التي جمعت الدولار وأخرجته أو تمنع مجيء الدولار». وطلب من الشعب اللبناني أن
لا يؤخذ بالشائعات إذ أن الأمر يمس بالأمن القومي، مشيراً إلى ما تقوم به الحكومة لحلّ
الأزمة ودعاها للضرب بيد من حديد.
حزب
الله يدخل دولارات إلى البلد ولا يأخذها إلى سوريا وأميركا تمنعها عن لبنان
وقال
إن «هناك معلومات أكيدة بأن الأميركيين يمنعون نقل كميات الكافية من الدولار الى لبنان،
ويتدخلون لدى مصرف لبنان لمنع ضخ الدولار بكمية كافية في الأسواق. بحجة أن الدولار
يجمع من السوق ويؤخذ الى سوريا». وذكّر المراهنين على المساعدات الأميركية والرضى الأميركي
وعلى الإسرائيليين، بمشهد الشريط الحدودي المقفل بوجه العملاء في أيار 2000، وصورة
المروحية الأميركية الشهيرة في فييتنام، مؤكّداً أن «أميركا تضغط على لبنان لاخضاعه
وإذلاله لمصلحة اسرائيل». وقال «لا مشكلة لدينا بمعاقبتنا ولكن لماذا معاقبة الشعب
اللبناني؟ كما يحصل في سوريا وايران وفنزويلا وكوبا وكوريا الشمالية. ما هو الأساس
الانساني والقانوني لذلك؟»، مؤكداً لمن ينتظرون ان تنقلب بيئة المقاومة عليها بأن هذا
رهان فاشل.
وردّ
نصرالله على محاولات التجويع الأميركية، بالقول: «إذا كنتم تراهنون أننا سنجوع ونترك
البلد يجوع، فهذا لن يحصل». وقال إنه «يمكن أن نجد دولة إقليمية صديقة مثلاً إيران
وأن تبيعنا بنزين، غاز، مازوت، فيول، مشتقات نفطية، واحتياجات أخرى بدون دولار؟ هل
هذا ممكن؟ نتيجة التجارب السابقة على اللبناني أن يقبل أولاً قبل أن نبحث مع الإيراني
وغير الإيراني». وقال إن «هذا يحرك العجلة الاقتصادية ويرفع سعر العملة اللبنانية لأنه
يقلل الطلب على الدولار وله ايجابيات ضخمة. هذا باب فرج كبير جداً للبنان. أقول للشعب
اللبناني لا تيأس وهناك خيارات ويجب أن تساعدنا اذا رفض المسؤولون اللبنانيون خوفاً
من الأميركيين».
وحول
العلاقة مع الصين، كشف نصرالله أن لديه «معلومات أكيدة أن الشركات الصينية جاهزة لتبدأ
بإحضار أموال الى البلد، لمشاريع القطار السريع والسكك الحديدية من طرابلس الى الناقورة،
وكذلك بالنسبة لمعامل الكهرباء على طريقة الـBOT». وتوجّه للبنانيين
بالقول «بصراحة نحن لا يمكن أن نستمر كذلك، أميركا تستخدم لبنان واقتصاده لتحقيق مصالحها،
لا شيء اسمه مصالح لبنانية في العقل الأميركي بل مصالح أميركية في لبنان». وأعلن نصرالله
بوضوح إنه: «إذا أوصلونا إلى معادلة السلاح مقابل الغذاء، نحن لدينا معادلة لن نقبل
أن نسلم فيها»، قائلاً: «من يحمي الناس ولبنان مقابل إسرائيل؟ للذي يضعنا بين خيارين:
إما نقتلكم بالسلاح أو بالجوع أقول، سيبقى السلاح بين يدينا ونحن سنقتلك، سنقتلك، سنقتلك».
إذا
أوصلونا إلى معادلة السلاح مقابل الغذاء لدينا معادلة لن نقبل أن نسلم فيها
وحول
قانون قيصر، اعتبر أنه «آخر الأسلحة لمحاصرة سوريا والضغط عليها وتجويع الشعب السوري
وضرب الليرة». وأكّد للشعب السوري أن «حلفاء سوريا الذين وقفوا معها بالحرب العسكرية
والسياسية لن يتخلوا عنها في مواجهة الحرب الاقتصادية ولن يسمحوا بسقوطها». وأشار إلى
أن «قانون قيصر يلحق الأذى باللبنانيين كثيراً، فرص السوري لاستيعاب قانون قيصر أكبر.
سوريا هي المنفذ البري الوحيد للبنان، من يدعو لاغلاق الحدود مع سوريا، سيدعونا لفتح
الحدود مع اسرائيل وهذه الحدود تفتح مع بعض الدول العربية علناً، لكن ذلك غير وارد
في لبنان».
ونفى
الحديث عن استقالة الحكومة أو وجود نية لاسقاط الحكومة، داعماً «خطوات التقارب بين
القيادات السياسية وخطوات التهدئة كما حصل بالأمس في عين التينة برعاية دولة الرئيس
نبيه بري بحضور قيادات الطائفة الدرزية».
وانتقد
ما حصل في تظاهرة 6 حزيران، و«إدخال مطلب الـ1559 على هذا النوع من القضايا والمطالب
له نتائج سلبية، لأنه يؤدي إلى الانقسام... وبدا بواقع الحال تحركا هزيلاً وفاشلاً».
وأعطى
نصرالله وقتاً مطوّلاً للحديث عن الاعتداء على الأملاك الخاصة والعامة والجيش والقوى
الأمنية وقطع الطرقات الذي حصل قبل أيام في بيروت وطرابلس، مؤكّداً أن لا أحد يريد
الذهاب إلى الفوضى. وقال إنه «ليس معقولاً أن نضع البلد وشعبنا كله بين يدي عملاء وسفهاء،
بين يدي جواسيس وجهلة، ويجب أن نتصرف بمسؤولية». واعتبر أن هذه الأحداث «مدانة بكل
المعايير، شرعاً، ديناً، قانوناً، أخلاقاً، ولا شيء يبرر على الإطلاق حرق المحلات والبيوت
والدكاكين والمكاتب.». وطالب «رسمياً الأجهزة الأمنية والأجهزة القضائية وهذه الأفلام
موجودة، بتعقب أولئك الذين دمروا وأحرقوا وخربوا، تفضلوا، اعرفوا من هم، حددوهم، استدعوهم
الى التحقيق وأمام الناس كلهم قولوا من هم، وما هي انتماءاتهم السياسية، وهل أحزابهم
هي التي أرسلتهم أو لا؟». وقال إنه «أخذنا قراراً نحن وحركة أمل أن ننزل على الشارع،
لضبط الفوضى طبعاً بدون سلاح، وقمنا بعملية تواصل واسعة جداً في الضاحية الجنوبية،
بحثنا عن الدراجات النارية، وبذلنا كل الجهد الذي يمكن أن يبذل يوم السبت والأحد لأننا
لا نريد لشارع أن يفلت على شارع ولا نريد أن نُحمّل المسؤولية». وردّ على الذين يقولون
«أمن ذاتي»، إن ما «قمنا به من أجل أن لا تحصل فتنة في لبنان، لا فتنة مذهبية ولا فتنة
طائفية ولا فتنة سياسية، من أجل أن لا يعاد إحياء خطوط تماس في لبنان، نحن سنفعل أي
شيء، وقولوا أمن ذاتي وقولوا ما تريدون، هذا كلام ليس له قيمة عندما تصبح المصلحة الوطنية
الكبرى تهدئة الشارع».
الاخبار