سيرياستيبس : لا ينفصل العهر السياسي عن العهر الأخلاقي مطلقاً، إلا أن
الفارق هو في حجم النتائج، لان الأول تمارسه دول كبرى، والثاني غالباً يمارسه
أفراد.
فقد كنّا بالأمس أمام فصل من فصول الكوميديا السوداء، فيه من
العهر الكثير والكثير ومن الوقاحة أكثر و أكثر..إذ يقول الخبر المنشور على ” سبوتنيك” الروسية أن الولايات المتحدة الأمريكية، أول رسالة
إلى الحكومة السورية، داعية إياها إلى “اتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ المواطنين بسبب
الحرائق التي تجتاح البلاد”.
وقالت السفارة الأمريكية بدمشق، في بيان لها، إن “الولايات
المتحدة تتعاطف مع الفئات المتضررة من الحرائق في سوريا، التي أسفرت عن مقتل شخصين
وإصابة العشرات، فضلا عن خسائر كبيرة في الممتلكات”.
وأضاف البيان: “متعاطفون مع الذين تضرروا. على الحكومة السورية
أن توقف هذا الأمر الآن وتتخذ إجراءات عاجلة لإنقاذ الأرواح”.
وكانت حرائق واسعة الطيف قد التهمت خلال اليومين الماضيين
مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والبساتين والغابات والمناطق الحراجية..وتم
إخمادها كاملة ..بعد حالة استنفار من قبل كل الجهات والأهالي و أفراد الجيش العربي
السوري في الثكنات القريبة..
وكان لافتاً أن أي بلد لا قريب ولا بعيد قد تجرّأ على إرسال أي
نوع من التعزيزات للمساهمة في إطفاء الحرائق ” ولو حتى سطل ماء كما يقال”..وتُركت سورية
لتقلع أشواكها بيدها والعالم كلّه يتفرّج.
وعلى الأرجح لم تجرؤ أية دولة على عرض المساعدة لأنها تخشى ”
الشرطي الأميركي” بما في ذلك الصديق الروسي الذي تتموضع قاعدته العسكرية في قلب منطقة
” اللهب والنيران” في حميميم..لكن ” الصديق” لم يتدخل ولم يعلّق حتى مجرد تعليق.
وكان التعليق الوحيد هو ذلك البيان الفانتازي الذي أصدرته
السفارة الأميركية..وكأن من عادة الذئاب أو الضباع أن تتعاطف وتأخذها الحميّة على الوجدانيات
الإنسانية.
وكان رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس، قد وجّه باستنفار
جميع الوزارات والجهات التابعة لها بالتعاون مع المجتمع المحلي والاتحادات وبمؤازرة
من قوات الجيش العربي السوري لإخماد الحرائق المندلعة بشكل واسع في الأحراج
والأراضي الزراعية بأرياف محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص ومنعها من الوصول إلى
المناطق السكنية والتقليل من أضرارها قدر الإمكان، مع تعزيز الجهود الاستثنائية
التي تبذل في مكافحة الحرائق.
و شدد المهندس عرنوس على تقديم الدعم اللازم للأهالي الذين
اضطروا لمغادرة منازلهم من غذاء ودواء وإقامة، واستعداد منظومات الإسعاف لتقديم الدعم
للمحافظات المذكورة، وضرورة استنهاض كل الفعاليات المجتمعية والشعبية للمساهمة إلى
جانب الجهود الحكومية في إخماد الحرائق.
كما طلب رئيس مجلس الوزراء تشكيل لجان للبدء بحصر الأضرار لتحديد
وسائل التدخل المناسبة، واستنفار الوحدات الشرطية في جميع المناطق والنواحي لضبط أي
مفتعل أو مسبب للحرائق، وفتح الوحدات السكنية في جامعة تشرين لاستقبال الأهالي
المتضررين ورفع جهوزية مشفى تشرين الجامعي لاستقبال أي حالات تتطلب العلاج، إضافة
إلى تعزيز جهوزية صالات السورية للتجارة والمخابز بالمناطق التي تعرضت للحرائق.
يُذكر أن الحصار الأميركي والعقوبات قد حدّت بشكل كبير أو شبه
كلّي من قدرة سورية على تحديث أساطيل الإطفاء ومعدات الدفاع المدني..كما كل معدات القطاعات
الأخرى..واليوم يخرج الأميركي ليسجل تعاطفه مع الشعب السوري الذي كاد يختنق حصاراً ناظم عيد
|