سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:02/06/2025 | SYR: 01:23 | 02/06/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير

 أزمة السكن وارتفاع الإيجارات تجهض أحلام العودة للوطن
31/05/2025      



سيرياستيبس :

على وقع الحنين المتراكم في الذاكرة، عاد كثير من المغتربين إلى سوريا بعد سنوات طويلة من الغربة، محمّلين بذكريات الوطن وأملٍ عريض ببداية جديدة على أرض لم تغادر وجدانهم يوماً. إلا أن صدمة الواقع سرعان ما ارتسمت على وجوههم، حين اصطدموا بعقبة لم تكن في الحسبان: أزمة السكن وارتفاع الإيجارات بشكل يفوق القدرة على التحمل.

فور وصولهم، لم يكن العناق الأول مع الوطن كما تخيّلوه. فالبيت الذي تمنّوه مأوىً دافئاً للاستقرار، تحول إلى حلم صعب المنال. المعروض من الوحدات السكنية محدود، والأسعار مرتفعة إلى حدود غير منطقية، لتتحول عودة كثيرين إلى رحلة بحث شاقة عن سقف يؤويهم.

يقول “أبو رامي” العائد من تركيا، إنه وصل إلى دمشق التي لم يحلم أن يراها لسنوات، كان الحنين  يفوق كل حد، لكنه صدم بالواقع المعيشي الصعب، وعدم القدرة على إيجاد منزل لعائلته التي تنتظره في تركيا، فالأجور – وفق كلامه – تفوق القدرة المالية، غلاء جنوني للأسعار، قلة وندرة في إيجاد المنزل.

تحوّلت الإيجارات إلى عبء ثقيل يتجاوز مدخرات سنوات الغربة. فحتى الشقق البسيطة باتت تكلّف مبالغ تفوق متوسط الدخل الشهري، خاصة أن الغالبية العظمى من العائدين لا يملكون مورداً ثابتاً بعد عودتهم، ويعتمدون في البداية على مدخراتهم أو مساعدات ذويهم.
وبينما يشكّل الاستقرار السكني أول خطوة ضرورية في أي عملية إعادة اندماج، يجد العائدون أنفسهم مضطرين إلى حلول قاسية؛ فمنهم من استقر في مناطق نائية أو ضواحٍ تفتقر إلى البنية التحتية والخدمات الأساسية، ومنهم من تقاسم منزلًا مع عائلة أخرى لتخفيف الأعباء، في حين فضّل آخرون التنقل بين بيوت الأقارب، يخشون أن يُساء فهم معاناتهم أو يُتهموا بالتراجع عن قرارهم بالعودة.
“حلا البرماني” لاجئة مقيمة في الأردن، قالت لـ “الثورة” إنها تحاول منذ ثلاثة أشهر إيجاد منزل إيجار لعائلتها في درعا لكن دون جدوى، تحدثت عن غلاء كبير في الإيجارات، ومطالب الدفع المسبق لعدة أشهر، علاوة عن عدة توفر الخدمات الأساسية في مناطق السكن المعروض، موضحة أنها لاتستطيع العودة من بلاد اللجوء دون أن تجد منزلاً تعيش فيه مع عائلتها.
تتكرّس المفارقة حين يجد العائد نفسه منفياً من جديد، لكن داخل وطنه هذه المرة. فهو لا يشعر بالأمان الذي لطالما بحث عنه، ولا يحظى بالترحيب الذي توقّعه من بلده الأم. وبدل أن تكون العودة استراحةً من عناء الغربة، تحوّلت إلى اختبار جديد لقدرة الإنسان على التحمل.
تقول إحدى العائدات: “ظننت أنني سأرتاح أخيراً بعد سنوات في المهاجر، لكن ما وجدته من ارتفاع في الأسعار وقلة في الخيارات، جعلني أحن حتى لغربتي القاسية”.
في مواجهة هذه الأزمة، تتصاعد الدعوات لإيجاد حلول ملموسة وسريعة. ويطالب العديد من العائدين بإطلاق برامج إسكانية مدعومة تراعي أوضاعهم، وتوفر مساكن بأسعار منطقية تُمكّنهم من بدء حياتهم مجدداً بكرامة.
كما يشدّد مراقبون على ضرورة إشراك الجهات الحكومية والمجتمع المحلي في خطط استيعاب العائدين، عبر استثمارات في مشاريع الإسكان والبنى التحتية، وربطها بسياسات اقتصادية عادلة تضمن حصول كل مواطن على حقه في السكن.
في النهاية، لا تقتصر العودة إلى الوطن على عبور الحدود، بل هي إحساس بالكرامة والاحتواء. وإذا فقد المواطن هذا الشعور لحظة عودته، فإن خيبته تكون مضاعفة. فالوطن الحقيقي هو الذي يفتح ذراعيه لأبنائه العائدين، لا ذاك الذي يجعلهم يعانون مجدداً في حضنه، ومن هنا، تبرز الحاجة إلى التعامل مع قضية المغتربين العائدين باعتبارها أولوية وطنية. فهؤلاء لم يعودوا لأجل سكنٍ فقط، بل ليعيدوا بناء وطنٍ حقيقي يسع الجميع… بلا استثناء.

الثورة


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 
الصفحة الرئيسية
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس